وفاء عواد
بين 2 آذار 2006 و11 تشرين الثاني منه، امتداد ليس يلغى. فقبّة البرلمان شهدت خلال تلك الفترة عقد طاولة الحوار التي انتهت في 29 حزيران، وطوى العدوان الإسرائيلي موعد 25 تموز الذي كان مقرّراً لاستكمالها، فطاولة التشاور التي علّقت جلساتها في 11/11.
المشهد كان واحداً برمزيته، وإن اختلفت العناوين: قادة لبنان اجتمعوا حول الطاولة نفسها، وتوسّطهم العلم اللبناني نفسه. 8 جولات حواريّة و4 جولات تشاوريّة، والنتيجة كانت: رئاسة «معلّقة» إلى أجل غير مسمّى، مقرّرات إجماعية بقيت حبراً على ورق، وأزمة سياسية متأرجحة بين: هل؟ وماذا بعد؟
وبالأمس القريب، جاء الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى حاملاً في جعبته مبادرة جديدة. عقد لقاءات مع المعنيين، وغادر واعداً بالعودة من جديد، وعلى جدول أعماله عنوان الرجوع إلى طرح فكرة طاولة الحوار، التي لا يبدو من مواقف الأطراف أنها قابلة للتطبيق، في ظلّ الاعتراضات التي قابلتها، وتحديداً من المعارضة التي لم تنسَ تجارب الماضي، بكل مبادراتها، معطوفة على رفض الموالاة التحاور بين النائبين ميشال عون وسعد الحريري.
وفي هذا السياق، رأى الوزير المستقيل محمد فنيش أن «الحوار بات شعاراً يستلزم ترجمة عملية، لأن الوضع لم يعد يحتمل الخطابات»، فـ«حكومة الشراكة تكمل ما جرى تداوله على طاولة الحوار السابقة، وتنفّذ ما اتفق عليه، في حال وجود النيات الصادقة. وبعد ذلك، نناقش ونتفق أو نختلف بما ينسجم مع المصلحة الوطنية العليا»، ووصف الكلام على طاولة حوار جديدة بأنه مضيعة للوقت، إذ إن إعادة تكوين السلطة واحترام مبدأ الشراكة «لا يتطلّبان طاولة حوار، بشكليات أو مراسم فولكلورية، بل إقراراً من الأكثرية»، داعياً الموالاة لـ«التحاور مع عون في سبيل رسم خريطة طريق الآتي».
ويذهب النائب نبيل نقولا في موقفه إلى أبعد من إصراره على ضرورة التحاور مع عون، بعيداً عن اللف والدوران، ويستذكر ماضي طاولتَي الحوار: «بعد الأولى، جاءت حرب تموز. وبعد الثانية، أُقرّت المحكمة تحت البند السابع»، ليتساءل: «هل يريدون تنفيذ قرار بوش بالتطبيع فالتوطين، وقبولنا بالدولة اليهودية، أي إلغاء حق العودة والهويتين الفلسطينية واللبنانية، وطمس تضحيات 60 عاماً؟ وهل يريدون تدويل الأزمة اللبنانية؟».
وفي خضم تساؤلاته، يستغرب نقولا غياب العماد ميشال سليمان عن السمع، فـ«ليعطِ رأيه في ما يحصل، إن كان يودّ أن يكون حَكَماً لا شاهد زور»، خاتماً بالقول: «أي حوار من الممكن أن يحصل، يجب أن يكون مع الأميركيين، لمعرفة ماذا يريدون».
في المقابل، يرى الوزير جان أوغاسبيان أن أي طاولة حوار يبقى عقدها رهن «مواقف المعارضة ومناوراتها السياسية التي لا تطابق فيها بين الموافقة الكلامية على المبادرة العربية والترجمة العملية لإنجاحها»، واضعاً هو أيضاً الاجتماعات الثنائية في خانة «مضيعة الوقت».
«الأكثرية لم تطالب بطاولة حوار»، بهذه العبارة يجيب النائبان أنطوان زهرا وهادي حبيش. فالأول يرى أن «الحوار الوطني يحصل بإشراف رئيس الجمهورية لاحقاً»، بينما «اجتماع الأقطاب، في حضور موسى، هو لإعطاء الأجوبة المتعلّقة ببنود المبادرة». أما الثاني، فيصف الأمر بأنه «ردّ على المطالبة بالتحاور الثنائي بين عون والحريري»، و«كفانا، ما بدنا لقاءات ثنائية».