strong>حسن عليق
كشف قرار قضائي، صدر أمس، تفاصيل جديدة عن عمل الشبكة التي تعمل لمصلحة الاستخبارات الإسرائيلية، والتي يُتّهم محمود رافع بترؤسها. فبعد سنوات على اغتيال علي صالح في الضاحية، اتهم القضاء العسكري رافع بالإعداد لقتله والاشتراك فيه، فيما تنتظر ملفات أخرى، يشتبه في تورطه بها، القضاء العسكري ليبتّها

بعد أكثر من أربعة أعوام على اغتيال القيادي في حزب الله علي حسين صالح في منطقة الكفاءات بالضاحية الجنوبية، أصدر قاضي التحقيق العسكري جورج رزق، أمس، قراراً اتهم فيه محمود رافع بتفجير سيارة صالح وقتله قصداً بتكليف من الاستخبارات الإسرائيلية، طالباً محاكمته أمام المحكمة العسكرية، بناءً على مواد قانونية تنص على عقوبة الإعدام.
يذكر أن صالح استشهد بانفجار عبوة كانت مزروعة في سيارته يوم 2/8/2003. وبعد مرور نحو ثلاث سنوات على الاغتيال، وتحديداً يوم 7/6/2006، أوقفت مديرية المخابرات في الجيش محمود رافع للاشتباه في تعامله مع استخبارات العدو الإسرائيلي. وينقل قرار القاضي رزق أن رافع، المتقاعد من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، اعترف خلال التحقيق الأولي أنه بدأ التعامل مع الاستخبارات المذكورة منذ عام 1993 بعد عرض تلقاه من أحد ضباطها أثناء انتقاله من مركز عمله إلى بلدته حاصبيا، مروراً بمعبر كفرتبنيت الذي كان تحت سيطرة قوات الاحتلال الإسرائيلي وعملائها من جيش لحد. وبعد موافقته على العمل مع الاستخبارات المذكورة، صار ينتقل إلى الأراضي المحتلة حيث كان يعقد اجتماعات مع ضباط إسرائيليين سلّموه أجهزة بث ليتواصل معهم عبر الرسائل المشفرة، وراح يزودهم بالمعلومات التي يكلفونه بجمعها، وخاصة تلك المتعلقة بحركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية، إضافة إلى تحركات الزوارق البحرية التي يملكها فلسطينيون، في مقابل مبالغ مالية تراوحت بين 800 وألف دولار.
وأفاد رافع خلال التحقيق الأولي أنه تلقى خلال صيف 2003 برقية على جهاز البث، أمره فيها أحد الضباط الإسرائيليين باستطلاع المبنى الذي يقطن فيه صالح في منطقة الكفاءات والطرق المؤدية إليه، وذلك بعد تزويده بخريطة جوية للمنطقة. وبعد شهر على بدء المراقبة، طلب ضابط إسرائيلي منه التوجه إلى الجية، «حيث نَقل من المنطقة شخصين يدعيان ميشال وجورج كانا بانتظاره بالقرب من فندق الأوراس»، إلى منطقة الضاحية. وذكر القرار أن رافع علم منهما «أن كل شيء يجري وفقاً لما هو مخطط له، ثم عاد إلى منزله بعدما تسلم منهما مبلغ ثمانية آلاف دولار. في اليوم التالي سمع في وسائل الإعلام عن حصول الانفجار الذي استهدف صالح».
وأمام قاضي التحقيق، أنكر رافع إفادته الأولية، مدعياً أنها أخذت منه تحت التهديد، فاستجوبه القاضي رزق سائلاً إياه عن التفاصيل الدقيقة التي ذكرها، وعن المدعوّين جورج وميشال، فردّ رافع بالقول إنهما كانا ينقلان الأموال ويخبئانها في الجبال، وإنه غير متأكّد من صحة اسميهما، ونفى معرفته بعلي صالح أو أن يكون قد جرى تكليفه باغتياله.
وبعد مطالعة النيابة العامة، جرى التوسع في التحقيق من خلال إفادة المحقق الذي استمع إلى اعترافات رافع الأولية، إضافة إلى حسين صالح، ابن الشهيد علي صالح، مما كوّن قناعة القاضي بصحة ما أدلى به رافع لدى محققي مديرية المخابرات.
يُشار إلى أن القرار الظني الذي أصدره قاضي التحقيق العسكري عدنان بلبل يوم الجمعة الماضي بحق رافع في قضية اغتيال القياديين في حركة الجهاد الإسلامي الأخوين محمود ونضال المجذوب في صيدا منتصف عام 2005، ذَكَر أن حسين خطاب، المتهم بالاشتراك مع رافع في اغتيال الأخوين مجذوب، نُقِلَ بحراً من منطقة الجية لزيارة «إسرائيل» بعد تجنيده لمصلحة الاستخبارات الإسرائيلية. كما أشار القرار عينه إلى أن ضابطاً إسرائيلياً يُدعى جورج دخل لبنان عبر الحدود الجنوبية، وتوجه إلى صيدا برفقة رافع حيث زرع العبوة التي أدت إلى استشهاد الأخوين المجذوب، قبل أن يتوجه إلى شاطئ مدينة جبيل حيث حضرت قوة كوماندوس إسرائيلية وأخذته من المنطقة.

تفجيرات أخرى يُتَّهَم بها رافع

ولا بد من الإشارة إلى أن قرار القاضي جورج رزق هو الرابع الذي يصدر بحق محمود رافع، بعد اثنين صدرا عن قاضي التحقيق العسكري الأول رشيد مزهر في كانون الأول 2007، اتهمه فيهما بالتعامل مع العدو وزرع عبوة ناسفة في الناعمة لمحاولة اغتيال أحد المسؤولين في القيادة العامة عام 2002، إضافة إلى زرع عبوات ناسفة قرب مثلث الزهراني عام 2004، أما الثالث فهو الذي صدر عن القاضي بلبل نهاية الأسبوع الفائت. ومن المنتظر أن يُصدر القضاء العسكري قرارين بحق رافع، أحدهما في قضية اغتيال نجل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــــ القيادة العامة، الشهيد جهاد أحمد جبريل، الذي اغتيل في بيروت عام 2002، إضافة إلى اغتيال القيادي في حزب الله علي حسن ديب (الملقب بأبو حسن سلامة) في صيدا عام 1998.