البقاع ــ أسامة القادري
أثار توقيف أربعة طلاب من جامعة القديس يوسف ـــــ فرع زحلة البقاع مجموعة تساؤلات وتأويلات على خلفية توقيفهم وحرمانهم من الامتحان. وفي التفاصيل أن الطلاب الموقوفين أنشأوا مجموعة على موقع «فايس بوك» لتبادل الأحاديث والمزاح، سرعان ما تحولت إلى التشهير بطالبات الجامعة، لتدّعي إحدى زميلاتهن في الصف عليهم بعدما سجلت واحتفظت بكل ما ورد على الموقع، لتكون هي الأدلّة الدامغة التي توافقت مع اعتراف الشبان الأربعة، علماً بأنها القضية الأولى من نوعها في لبنان التي يتم فيها التوقيف على هذا النحو.
القضية تطرح علامة استفهام حول مدى قانونية التوقيف. أما المدّعية التي تمنت عدم الإفصاح عن اسمها أمام الإعلام، أشارت لـ«الأخبار» إلى «أنّها عرفت من زميلتها بتبادل الحديث والشتائم البذيئة والأوصاف المخلّة بالآداب التي كانت موجهة إليها على موقع «المجموعة»، و«للتأكد من القضية دخلتُ على الموقع ورأيت ما يشمئز منه أي إنسان يعرف الأخلاق والآداب، وما يمس الشرف من الزنار ونازل». وبعد وصولها إلى المنزل، أبلغت المدعية والدها بما يحصل. بدوره، طلب الوالد من ابنته أن تقوم بتسجيل كل ما ورد على الـ«فايس بوك» من دون أن تثير أي انتباه لهم. وبالفعل عملت بما نصحها به والدها. فسجلت كل الأحاديث المتبادلة التي تشوّه سمعتها وشرفها، وقدمتها إلى مدير الجامعة، جان مراد، الذي اعتبره أمراً عادياً، ولم يعر الموضوع أي اهتمام.
وعندما علم الطلاب الأربعة بأنها شكت للمدير، وبأن لديها النية برفع دعوى قضائية، اتصلوا بمؤسس المجموعة الذي يملك سر الموقع والذي لديه الخبرة بالإزالة لكل المجموعة وكل ما يرد فيها، إنما لم يكونوا يعرفون أنها سجلت كل شيء على «لوحة إلكترونية»، ثم راحوا بعد ذلك يهددونها بالاستهزاء بها وبادّعائها، حتى زاد إصرارها على رفع الدعوى إلى النيابة العامة مباشرة، وهكذا فعلت. تقدمت بالشكوى وأدلت بما لديها من إثباتات قانونية لإدانتهم من الصور التي أخذت لها من دون علمها والأحاديث البذيئة والمخلّة بالآداب في محادثات لثلاثة منهم وفتاة قاصر، ليتم بعدها استدعاء مؤسس الموقع «ج. س» الذي ألغى جميع المعلومات التي يحملها الموقع والأحاديث، إضافة إلى استدعاء كل من (أ. ص) و(أ. ج) و(ج. ح) والاستماع إلى الفتاة القاصر (ل. ز) وتركها بكفالة والدها لكونها تحت السن القانونية.
الموقوفون اعترفوا أمام المحققين بما فعلوا وبما نسب إليهم بعدما تمت مواجهتهم بالأدلة الواضحة، ليتم توقيفهم في نظارة قصر عدل زحلة يوماً، حيث سطّرت بحقهم في اليوم التالي مذكرة توقيف وسيقوا إلى سجن زحلة.
«نحن مجتمع شرقي. نحن بنات بيت»، بهذه العبارة برّرت المدعية إصرارها على دعواها رغم الوساطات التي رافقتها والاتصالات الكثيفة التي تلقتها حتى تتنازل عن دعواها، لكنها لا تزال مصرّة حتى يكونوا عبرة أخلاقية لغيرهم من الذين يستهزئون بـ«أعراض البنات»، وحتى يعرفوا أن شرف البنت ليس أداة تسلية لهم ولغيرهم عبر الإنترنت وغيره من وسائل الاتصال العالمي والسريع.
«ما ربّيت بنتي حتى تكون لعبة هي وشرفها»، بهذه العبارة أوجزت والدة المدعية والمستاءة من تصرّف الشبان بحق ابنتها. فيما رأت أن ما فعله هؤلاء الشبان هو عملية «انتقام» من ابنتها لكونها لا تمازحهم ولا تعيرهم أي اهتمام.
فالطالبة ر. د. تؤكد أن شجاعة زميلتها وجرأتها وضعت النقاط على الحروف، لأنها ليست الأولى التي تعرضت للإهانة وأبشع الأوصاف، بل لأنها جريئة استطاعت أن تواجه الجميع عندما سجلت وقررت رفع الدعوى بحق هؤلاء الطلاب «نشد على يديها» حتى تكمل دعواها إلى الأخير من أجل أن يكونوا عبرة لغيرهم داخل الجامعة وخارجها «بيستاهلوا السجن حتى يعرفوا أن البنت مش لعبة على مواقعهم».
أما ن. ك. الطالبة سنة رابعة «شفيت غليلنا بالدعوى عليهم»، فهم منذ أن تسجلوا في الجامعة كان لهم مشاكل وتعرضوا للعديد من الإنذارات «ولم يكونوا يراعوا وجودنا نحن البنات في الصف، كانوا يتبادلون الحديث في ما بينهم بأبشع أنواع الحديث البذيء».
ورداً على المعتصمين الذين سألوا عن القانون اللبناني الذي ينظم قطاع الإنترنت، قالت المدعية: «الدليل واضح وقاطع يثبت بالصورة والاسم والكلام البذيء والذي هو أكبر من كلمة «قرقور» التي حرّفت وهم لم ينكروا ذلك».