strong> ثائر غندور
لم يغِب موضوع التوطين عن النقاش اللبناني منذ إعلان اتفاق الطائف. واستخدم هذا الملف «فزّاعةً» ضد القوى المسيحيّة المعارضة للوجود السوري. خرج السوريون، وبقي الموضوع مطروحاً. واتفق المسؤولون اللبنانيون في اجتماعات حوارهم الوطني على رفض التوطين وتأكيد حق العودة.
لم ير اللاجئ الفلسطيني الموجود في مخيّمات البؤس أي معنى لهذا الكلام. لم يختلف واقع معيشته عن حقبة الوجود السوري. فالدولة لا تزال تتعامل مع الواقع الفلسطيني انطلاقاً من معالجات محض أمنية تفتقر إلى البعدين الاجتماعي والإنساني.
يطالب اللاجئون بحق التملّك والعمل، لأن القانون اللبناني يمنعهم من مزاولة 77 مهنة. ويبدي ناشطون فلسطينيون قلقهم من شائعات عن لقاء قيل إنه حصل في باريس بين الوزير مروان حمادة وممثل الأمين العام لتطبيق القرار 1559، اتفقا خلاله على إعطاء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان جواز سفر السلطة الفلسطينية وإقامة دائمة في لبنان، وهو الأمر الذي يرونه خطوة أولى نحو التوطين. كما يتحدّث هؤلاء بحذر شديد عن الردّ الخجول للرئيس السنيورة على تصريحات الرئيس بوش عن إلغاء حق العودة في مقابل تعويضات مالية، وعن غياب أي دور للأحزاب والمجتمع المدني في الضغط لإعطاء اللاجئ بعض حقوقه لتمكينه من رفض الإغراءات الماليّة، «لأن رفض بعض اللاجئين للتوطين هو رفض شعاراتي وقد يرضخون للإغراءات» كما يقول أحدهم، بعد أن يشرح الواقع المأساوي للمخيّمات الذي زاد سوءاً بعد أحداث نهر البارد بسبب تصعيد الإجراءات الأمنيّة. ويضيف ناشط آخر من مخيّم عين الحلوة أن كل الفصائل لا تريد تكرار تجربة البارد، لكن هناك تخوّف كبير من مثل هذا التكرار.
وهذا ما يوافق عليه عضو المكتب السياسي في حزب الله محمود قماطي، ويضيف أن تصريحات بوش عن يهودية إسرائيل، وإصرار إسرائيل على إلغاء حق العودة، وهو ما ترافق مع تراجع بعض العرب عن مقرّرات قمة بيروت، «إشارات إلى جدّية مشروع التوطين، وهو ما لن نرضى به، كما أن البعض في الموالاة سيكون محرجاً بهذا الأمر».
ويقول قماطي إن الفلسطينيين يعملون، وعلاقتهم جيدة بالمجتمع الأهلي، لكن المشكلة تتعلّق بالقوانين، وخصوصاً في موضوع حق العمل والتملّك، وواجب المجلس النيابي معالجة هذه المشكلة».
بدوره، ينفي الوزير مروان حمادة أن يكون قد تناول في لقائه مع تيري رود لارسن موضوع التوطين، ويرى أن هذا الموضوع يجب أن يكون خارج البحث، لأن الدستور اللبناني يرفضه، كما أن هناك إجماعاً وطنياً عليه «ويجب أن لا نستعمله في الصراع الداخلي فيظن البعض في الخارج أن هناك فئة لبنانية قابلة به».
بالعودة إلى منتصف التسعينيات، فإن إدارة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون كانت قد طرحت حلاً لقضية اللاجئين في لبنان يقوم على شقيّن، الأول يضمن عودة نحو مئة ألف لاجئ إلى إسرائيل تحت عنوان «لم شمل العائلات»، ويحصل الجزء الباقي على جوازات سفر غربيّة تحت عنوان الهجرة، ويبقى نحو ثلاثين ألف لاجئئ في لبنان، بسبب زواجهم من لبنانيات، لكنّهم لا يحصلون على جنسيّات لبنانيّة. سقط هذا الاقتراح مع مجيء جورج بوش إلى الرئاسة، لكن أوساطاً في قوى 14 آذار تأمل أن تستعيده هيلاري كلينتون إذا وصلت إلى البيت الأبيض.