نادر فوز
الحديث عن العماد ميشال سليمان بوصفه مالئاً محتمَلاً لفراغ بعبدا، لا يعني الحديث عن الجيش. الموضوع المطروح بات سياسياً صرفاً. لقد أعلنت جميع القوى تأييدها لترشيحه، إلا أنّ القبول به ليس بالبساطة التي يبدو عليها، إذ بدأت ترتسم إشارات سلبية تبثّ، مما يطرح علامات استفهام حول حقيقة الدعم الذي يتلقاه المرشح التوافقي. وحول ما يتردد عن حماية قائد الجيش لتحركات المعارضة، يكتفي أحد العاملين على خط التنسيق مع الجيش بالقول: «رحم الله فرنسوا الحاج».
قبل حصول الفراغ، بدأ البحث عن شخصية حيادية لكرسي بعبدا، فطرح اسم سليمان، مما استثار معارضة السلطة بحجة رفض تعديل الدستور لإيصال عسكري إلى الحكم، وأعذار أخرى. ثم انقلب موقف السلطة، فقبلت بقائد الجيش اسماً توافقياً يعيد الحياة إلى القصر الجمهوري، وقبل الجميع به على أساس أنه رجل نزيه يقف على مسافة واحدة من الجميع وعلاقته بكل الأطراف جيدة، «وحتى مع النظام السوري» كما قيل. وترافقت موافقة السلطة على اسم سليمان مع موجة دعم عربية ودولية، تحثّ على انتخابه، وإلا كان الضياع.
وغاب الوضوح عن مواقف سليمان من قضايا عديدة، إذ كان بإمكانه حسم العديد من التساؤلات العالقة لو أظهر قراره. ودفع عدم وضوحه والضغط العربي بعض قادة المعارضة إلى إعلان حذرها منه في صالوناتها، وظهر اعتراض على الآلية التي اعتمدها العماد في محاورتها. ومنذ اليوم الأول لإطلاق اسم سليمان، تباينت مواقف المعارضة واحتفظ بعضها بهامش رأي قائلاً: «إن هناك ملفات لا بد من مراجعتها».
أما هذه «الملفات»، فالحديث عنها مكتوم حتى في الصالونات المصغّرة، لأن إعلانها من شأنه ألا يسهل عملية ملء الفراغ الرئاسي. «حسم الصراع السياسي الحالي مؤجل إلى انتخابات 2009»، يقول أحد المتابعين، والتوازن السياسي غير متوافر في ظل الظروف الحالية وصعوبة اختراق الصفين السني والشيعي، فعلى التوازن أن يحصل انطلاقاً من تأمينه في الصف المسيحي. أي إن على الرئيس الجديد إحداث توازن على المستوى المسيحي لكسر الأكثرية الشعبية والنيابية التي يتمتّع بها الجنرال عون، مما يفسر الدعم السلطوي والعربي المعتدل المطلق لمرشح معين، فيما تحاول المعارضة تجنّب نتائج أي اتفاق يمكن أن يتفق عليه سليمان مع الموالاة يعكس مصالحها.
ويقول هذا المصدر المتابع إن المطلوب من العماد سليمان أداء دور سياسي جدي في المتن وكسروان لإحقاق المعادلة المفقودة اليوم بين المعارضة والموالاة في هذه المنطقة، عبر: أولاً تمكنّه من أن يستقطب كتلة نيابية مسيحية، وثانياً أن يجمع حوله شخصيات سياسية من هذه المناطق يمكنها مجاراة الخطاب العوني والحدّ من شعبيته وانتشاره. وهذه الشروط يطلق عليها فريق الموالاة عبارة «الصفة التمثيلية وإعادة إحياء دور رئيس الجمهورية»ً. ولهذا الدعم المطلق، بعد خارجي أيضاً كما يقول أحد المصادر، إذ يزعم أن ثمة نقاشات حصلت مع مبعوثين دوليين تتعلق بالتوطين.
وأشارت معلومات متقاطعة إلى أنّ لدى العماد سليمان مشروعاً لإنشاء حزب أو تنظيم سياسي في بداية العهد المقبل. إلى ذلك، ورغم موجات التشاؤم، تقول مصادر مقربة من المعارضة إنه في حال التوصل إلى حلّ سياسي متكامل، فالمجال مفتوح أمام المبادرات.