strong>فداء عيتاني
• محاولة تسييس الاعتقالات وإبقاء المتّهمين في السجن دون محاكمات
في شباط من عام 2007، قامت القوى الأمنية بحملات دهم بحثاً عن مطلوبين، واستجابة لطلب من المملكة السعودية لاستكمال إجراء بدأ هناك بتوقيف بسام حمود. واليوم تتضارب الأنباء في مدينة طرابلس عن مصير مجموعة حمود، بعد توقيف صديق حمود الشيخ نبيل رحيم

الذي يعرف يقول إن بسام حمود ورّط من ورّط من الشبان بما ليس لهم، وإن نبيل رحيم، خاصة، بعيد عن الذهاب في فكره وممارسته إلى حد العمل مع تنظيم القاعدة، وإنه ربما لم يكن يعلم تماماً ما الذي يسعى إليه بسام حمود، ولعلّه كان يعلم بجزء مما يعدّ له حمود، إلا أنه ليس في وارد الالتحاق بحركة واسعة وجذرية ومسلحة، لأسباب شخصية.
وكما ورّط بسام حمود نبيل رحيم، فإن رحيم نفسه ورّط معه زهاء 38 شخصاً للتحقيق معهم على خلفية معرفتهم به ومساعدته على الفرار من وجه العدالة، وهو الذي سبق أن استدعي للتحقيق على أساس معرفته بأحمد أبو عدس، وهو ما أنكره رحيم، والذي يؤكد عدم صحته الشيخ بلال دقماق، أمين سر وقف «إقرأ الإسلامي ـــــ لبنان»، والناشط في التيار السلفي، أضف إلى الذين تم «قطع مذكرات جلب وتوقيف» لهم.
ثمة من يلعب في الفراغ المعلوماتي، وفي التعبئة الطائفية، حيث يؤكد أحد الضباط الرئيسيين في قوى الأمن لمن يهمهم الأمر أن الموقوفين سيحالون خلال أيام على قوى الأمن، وستسحب يد المخابرات العسكرية من ملفهم. وعملياً، فإن مخابرات الجيش توقفت عن متابعة قضيتهم، إلا أن عدم القدرة على تنسيق المعلومات لدى أهالي المعتقلين سمح لمن يحاول اقتناص المكاسب السياسية والتحريض، بلعب دوره عبر ترويج أنباء كاذبة.
كذلك فإن المعلومات المتوافرة لدى الجهات الدعوية والسياسية، التي تتابع باهتمام الملف، تقول إن من بقوا قيد التوقيف لا يتعدون الأربعة أشخاص، عدا الشيخ رحيم نفسه. ولكن هذا لا يشمل المعتقلين السابقين، بل الذين أوقفوا بعد اعتقال رحيم. إلا أن مصادر المحامين من وكلاء بعض الموقوفين، منذ شباط الماضي، تشير إلى أنه لم يُطلق أحد منهم، وأنه لا يزال هناك صعوبة في تحديد عدد المعتقلين في موجة اعتقالات شبكة حمود في شباط من العام الماضي، نظراً إلى التكتم بشأن وضعهم من ناحية ولكون بعضهم فر من الأجهزة الأمنية واختفى بعد شيوع أنباء عمليات التوقيف، وسط معلومات تتردد عن لجوء الفارين إلى مخيم نهر البارد. وكل ما أمكن جمعه من مقابلات الأهل مع الموقوفين هو وصول العدد إلى 17 معتقلاً، وحال فقر الأهل دون تكليف محامين لجميع المعتقلين.
والحالة الوحيدة للادعاء على أحد أفراد المجموعة كانت حين اعترف أحد المعتقلين بالتنسيق مع حركة «فتح الإسلام»، فتمّ الادّعاء على المعترف ضمن مجموعات «فتح الإسلام». أما الملف الأساسي، فلا يزال ينتظر منذ شباط الماضي، وخاصة مع إصرار المعتقلين على أنهم إنما تدرّبوا على السلاح لحماية أنفسهم، وليس للذهاب إلى العراق، وأن هدفهم كان مواجهة أي تهديد يواجه البلاد من جماعات أخرى، أو خارجي من جانب الإسرائيليين أو الأميركيين، بحسب ما ينقل عنهم المحامي عبد الله حنا، الذي يتوكل عن بعض الموقوفين.
كان نبيل رحيم يقبع في منطقة تعرفه جيداً، مما يشير إلى أن رحيم ليس بالرجل الخبير أمنياً. إذ حافظ على إقامته في منطقة تعدّ خطرة عليه. وجاء نجاح القبض عليه نتيجة تراخيه في الحركة والاتصالات. وينفي صديقه الشيخ دقماق أن يكون الاعتقال قد حصل عبر خيانة أحد الذين ساعدوه على الاختباء أو نتيجة مؤامرة ما، «وإنما هو القدر».
وسعت قوى عدة من الموالاة والمعارضة إلى استغلال اعتقال رحيم، كما سبق أن حاولت هذه القوى الاستفادة من اعتقال مجموعة بسام حمود. وفي قوى الموالاة من يقول اليوم إن «نقل الملف من أيدي مخابرات الجيش إلى أيدي قوى الأمن الداخلي سيريح الشارع السنّي».
ويبدو الشيخ بلال دقماق غير متأكد من كون المعتقل قد عمل في إطار المقاومة العراقية، جازماً في المقابل أن تواريه عن الأنظار جاء نتيجة «تعرضه سابقاً للاعتقال على أيدي الأجهزة الأمنية في عهد الوصاية، وخضوعه للتعذيب والإهانة. وبعد هذه التجربة، رفض رحيم، حين استُدعي للتحقيق، أن يسلّم نفسه، كي لا يتعرض لما سبق له أن عاشه، وقال: «حين يحال الملف على القضاء أسلّم نفسي»، بحسب دقماق الذي لا يخفي صداقته للموقوف.
وعن القبض على بسام حمود، فإن المتوافر من معلومات لدى دقماق هو أن حمود ورحيم «كانا يذهبان إلى السعودية لأداء شعائر العمرة، وعلمت في ما بعد أن حمود أوقف بتهمة دعم المقاومة في العراق، ولا أظن أن نبيل على علم بذلك، كما قال لي في السابق. ولا علاقة للقاعدة به، فهو ليس أهلاً للتعامل مع القاعدة، وهذا حسب معرفتي به، إذ إنه ليس ممن يهوون العنف ولا العمل العسكري. ولا أفهم كيف رُكّبت هذه القضية».
ويبدي دقماق استغرابه لتحويل مقاومة الاحتلال الأميركي في العراق إلى تهمة، مشيراً إلى امتلاك المقاومة في لبنان للصواريخ، بينما فئات أخرى ممنوعة من امتلاك الحد الأدنى من وسائل الدفاع عن العراق. ويضيف في معرض الرد على اتهام رحيم بأنه ضالع في قضية «فتح الإسلام» بالقول إن لا علاقة بين الموقوف والتنظيم، وخاصة أنه طُلب إلى العدالة قبل لمعان نجم «فتح الإسلام»، «قد يعرف بعض القادة أو العناصر بسبب كونه شيخاً ويزوره الكثير من الملتزمين، ولكن ليس أبعد من ذلك. كما أن بسام حمود اعتقل في السعودية قبل ظهور «فتح الإسلام» بزمن طويل، والكلام عن علاقته بالتنظيم غير دقيق».
ويرى دقماق أن «المستغلين كثر، كالمعارضة التي تهوّل بالموضوع من أجل الضغط على الحكومة لتعتقل شباب أهل السنّة وتثبت أنها تحارب الإرهاب، وفي الوقت نفسه تكون قد أزاحت من يقفون بصدق أمام مؤامرات بعض الدول الإقليمية، والحكومة أيضاً من أجل أن تثبت أنها تحارب الإرهاب، وتثبت أنها تلاحق الإرهابيين. وأميركا لها مصلحة، والخاسر الوحيد منذ قيام لبنان إلى اليوم هو الطائفة السنّية، وللأسف».



نداء إلى الحريري

ينادي الشيخ دقماق النائب سعد الحريري بالقول: «نحن ولهذه المناسبة، نرفع صوتنا حتى يسمع الجميع أن الأحداث الجارية ليست من مصلحة أحد، والاحتقان ليس من مصلحة أحد. وأقول للشيخ سعد أن يسمع للشباب الملتزم، وأن يقرأ هواجسهم، فهم إخوتك وأبناء طائفتك، ولهم عليك أن تسمع لهم وتناقشهم، وإننا على يقين من أن الشيخ سعد سيتفهّم الوضع وسيتعاون بإذن الله لتذليل المصاعب بين أفراد الطائفة». وأما الحل لمشكلة التطرف فهو في رأيه «أولاً عدم وجود السلاح إلا مع الدولة، حتى لا يشعر أحد بالغبن، وتأمين العمل للناس ورفع الظلم، وفتح الباب أوسع للحريات. فمن أراد أن يدافع عن القاعدة أو عن حزب الله فما لنا وله، المهم أن لا يقوم بأعمال مخلّة بالأمن. ومفهوم أنه إذا أفلتت السبحة وتدخّل تنظيم القاعدة فسيجعل عاليها سافلها».