strong> نعمت بدر الدين
«هل كانت المبادرة العربية غاية في ذاتها، أم هي وسيلة للاستخدام في مجلس الأمن»؟ هل تتجه الأزمة اللبنانية فعلاً إلى التدويل؟ أسئلة لم تأت من عدم، بل فرضها تراجع فرص نجاح المبادرة العربية، واجتهاد التفسيرات، والتصريحات التي تشير الى تدويل الأزمة. مصادر دبلوماسية لبنانية تحدثت عن انطلاق مساع دولية لنقل الملف اللبناني الى مجلس الأمن، متوقفةً عند تصريحات الزعماء العرب اليومية التي تنطوي على رفع العتب أكثر مما تحمل مواقف جدية، وتمثّل عتبة عربية لصعود لبناني الى الأمم المتحدة. سيناريو التدويل ولد منذ طرحت المبادرة العربية على هامش اجتماع باريس للدول المانحة، «ولدت من رحم نية دولية كانت موجودة أصلاً لأخذ الأمور الى مجلس الأمن، لكن ما نوع القرار، الذي سيصدر عن مجلس الأمن وما هي سيناريوهات إخراجه وأوجه شبهه بالقرار 1559؟
وتضيف المصادر إن العدّة حضرت من خلال صياغة بنود اتفاق القاهرة، حيث يذكر وللمرة الأولى في مبادرة عربية اسم رئيس الجمهورية «قائد الجيش العماد ميشال سليمان» لأنه من المرجح لاحقاً حين تفشل المبادرة، أن يطلب قرار مجلس الأمن المتوقع تطبيق بنود المبادرة العربية، حتى لا تستطيع كل من روسيا والصين استعمال حق النقض ضده. ولفتت الى أن التدويل ليس آلية لإيجاد الحل بل هو عصا ترفع في وجه الدول، مذكرةً بتواريخ إصدار قراري المحكمة الدولية والـ1559.
وعن إمكان إصدار قرار يحمّل سوريا مسؤولية تعطيل الحل اللبناني تشير المصادرالى أن من يرصد الظروف السياسية الإقليمية والدولية يلاحظ اختلافها عن عشية صدور القرار 1559، لذا تتوقع المصادر عدم صدور أي قرار يسمّي سوريا، بل من المحتمل الإشارة إليها من خلال تحميل من يعرقل المبادرة من الدول المسؤولية، مؤكدة أن روسيا والصين ستعترضان، فهناك مصالح مباشرة لهاتين الدولتين مع سوريا، إضافة الى ما تفرضه تداعيات العلاقة المتينة بين إيران وسوريا، مستبعدةً فرض عقوبات اقتصادية أو سياسية على أيّ من هاتين الدولتين.
ويذكر الأستاذ في القانون الدولي حسن جوني أن الفقرة السابعة من المادة 2 في شرعة الأمم المتحدة لا تجيز لأي هيئة من هيئات الأمم المتحدة بما فيها مجلس الأمن التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد إلا في حالة تطبيق العقوبات، «ونحن لسنا في هذ الوارد، والانتخابات مسألة داخلية»، مضيفاً إنه من المحتمل أن يطلب مجلس الأمن تطبيق بنود المبادرة العربية، وعندها يعدّ تدخلاً غير مباشر. وأعطى مثالاً سبق فيه لمجلس الأمن أن تدخل في الشؤون الداخلية لإحدى الدول الأفريقية حين طالب بانتخاب رئيس للجمهورية فيها، لكن ظروف لبنان مختلفة. ويضيف جوني إن المادة 24 من ميثاق الأمم المتحدة تنيط بمجلس الأمن مهمة الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وردع العدوان، ولا معيار لتحديد ما الذي يهدد هذين الأمرين.
وفي هذا السياق، قالت المصادر الدبلوماسية إنه من المحتمل أن يعطي مجلس الأمن مهلة، ويطلب من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقديم تقريرعن الوضع اللبناني، ليتخذ قراره، وإن «كل قرار دولي تحكمه التوازنات التي ترعى صدوره، والتوازنات التي ترعى تنفيذه»، مشيرة الى أن الحديث يوم صدور القرار 1559 ركّز على أن تطبيقه سيكون فورياً وعاجلاً، بينما غرق تطبيقه في مسار طويل، متسائلة عن مدى قابلية أي قرار للتنفيذ في ظل غياب القوى التي قد تطبقه، فالقرارات هي قبل كل شيء معركة سياسية وموقف قانوني للدول التي شاركت في وضعها.
وتختم المصادر بالقول إن تدويل الأزمة اللبنانية متوقف على البيان الذي سيصدر في 27 من الشهر الجاري عن اجتماع وزراء الخارجية العرب الجديد، فإما تترك فيه نافذة لدخول المجتمع الدولي، أو يُستبقى حل الأزمة داخل البيت العربي رغم عدم تحقيق أي نجاح.