كمال شعيتو
أصدر القضاء حكمه بحق خمسة أشخاص كانوا يقومون بترويج عملات أميركية مزيفة في منطقتَي الشياح وبئر العبد. وكان لافتاً ما ذكره الحكم القضائي عن مموّل هؤلاء من العملات المزورة الذي كما ذكر أحد المسجوبين بأنه «يعمل في أحد التنظيمات الحزبية»

بعد تلقّيها معلومات عن وجود شبكة لتزوير الأموال في الشياح، تمكنت دورية من مكتب مكافحة الجرائم المالية في قسم المباحث الجنائية الخاصة بالشرطة القضائية من اعتقال علي أ. بالقرب من كنيسة مار مخايل. ولدى تفتيشه، عثر معه على ورقتين مزيفتين من فئة المئة دولار أميركي، فسيق إلى التحقيق، حيث اعترف بأنه تسلّم من المتهم فضل ح. مبلغ 3200 دولار أميركي مزورة على دفعات، كان أولها 1500 دولار تسلّمها منه عبر وسيط يعمل طاهياً في أحد المطاعم وهو رياض (ج) . وقال علي إنه سلّم رياض 38 ألف ليرة لبنانية ثمن الدولارات المزوّرة لدى تسلّمها. وأضاف علي أنه بعد أن بقي لديه 1350 دولاراً مزوّرة، قصد محمد ل. الذي يعمل في أحد معارض السيارات في الشياح، وسلّمه المبلغ الباقي، طالباً إليه تصريفه بعد إعلامه بأنه مزوّر. وأقرّ علي أمام المحققين معاودة تسلّم 1500 دولار مزيّفة من فضل، وسلّمه مقابلها مبلغ 630 ألف ل.ل. صحيحة.
وفي متن الحكم الذي صدر بحق المتهمين، تبيّن أن علي تسلّم للمرة الثانية من فضل المذكور مبلغ 1500 دولار أميركي مزّيفة، وسلّمه بالمقابل مبلغ 630 ألف ليرة لبنانية صحيحة. ومن ثم سلّم المبلغ المذكور إلى محمد، الذي عاد وقصده علي في اليوم الثاني آخذاً منه 400 دولار (سلّم منها 300 إلى شخص يدعى محمد يونس، فيما سلّم المئة الباقية إلى شخص يدعى رضا حازم يعمل على بسطة لبيع الخضر بالقرب من سوق الجمّال في الشياح). وأضاف علي في التحقيقات أن محمد ل. أتلف ما في حوزته من عملة مزوّرة ليعود ويطلب منه نموذجاً لمئة دولار مزوّرة كي يعرضها على شخص ينوي طلب كمية من العملة المزورة إذا أعجبه النموذج. ولذلك قصد علي المتهم فضل وتسلّم منه مئة دولار مزيّفة ليعود ويطلب منه ورقة مماثلة (دفع ثمنها خمسة وثلاثين ألف ليرة لبنانية صحيحة).
أما محمد ل. الذي اعترف أمام المحققين في مكتب مكافحة الجرائم المالية بأنه دخل الأراضي اللبنانية خلسة، ويقيم بصورة غير شرعية، فقد ضبط داخل مفكرة في غرفة نومه مبلغ 300 دولار أميركي مزيّفة (طباعة عام 2001). وأفاد بأن المتهم علي أ. سلّمه الأموال المزيّفة من أجل تخبئتها. إلا أنه عاد واعترف بطلبه من علي إحضار نموذج مزيّف من فئة المئة دولار، نافياً قيامه بإعطاء المزوّر لأحد.
بدوره، أقرّ فضل، الملقّب بـ«أبو عباس»، والذي ضبط في حوزته 20 دولاراً مزيفة، بمعرفته برياض وعلي، وبأنهم كانوا يقومون بتسلّم وتسليم العملات المزيفة وترويجها. وكشف فضل أن مصدر تلك العملات هو قريبه أحمد ح. الذي يعمل مع أحد التنظيمات الحزبية، ومعروف بترويجه للعملات المزيفة، مضيفاً أنه تسلّم منه في إحدى المرات مبلغ 3200 دولار أميركي مزيفة على دفعات. إلا أن فضل عاد ونفى أمام قاضي التحقيق وأمام المحكمة تسلّمه العملات المزّيفة من قريبه أحمد، نافياً علاقة الأخير بترويج العملة المزوّرة أو علمه بالأمر، موضحاً أنه زج باسمه من أجل أن يعمل على مساعدته في الإفراج عنه من التوقيف. وأكد أمام المحكمة، وقبلها لدى قاضي التحقيق، أن مصدر الأموال المزيفة التي قام بترويجها، شخص من التابعية الفلسطينية يعرفه باسم عمر ض. كما كرر فضل أمام المحكمة إفادته الأوّلية لجهة حيازته العملات الأجنبية المزيفة وتسليمها إلى رياض بناءً على طلبه، وأن الأخير عرّفه بعلي، وقد تسلّم منه بدوره 1500 دولار أميركي مزوّرة من أجل تصريفها بحضور المتهم رياض.
من جهة أخرى، كان علي قد نفى في أقواله الأوّلية لدى قاضي التحقيق أن المئتي دولار التي ضبطت بحوزته هي مزوّرة، وادّعى أنه «تعرض للضرب أثناء التحقيق الأوّلي» معه، ونتيجة لذلك جاءت إفادته الأوّلية. كما أنكر محمد ل. ترويجه العملة المزيفة، مؤكداً أن علي حاول مراراً تسليمه الأموال المزورة من أجل ترويجها، لكنه كان يرفض باستمرار. وأشار إلى أن علي كان يودع مبالغ مالية، من وقت إلى آخر، في معرض السيارات الذي يعمل فيه، دون علمه بأمر تزويرها، وبعدها يقوم بإعادة سحبها والتصرف بها.
وتبعاً لما تقدم، حكمت محكمة جنايات جبل لبنان، برئاسة القاضي فوزي أدهم وعضوية المستشارين القاضيين جان بصيبص وأحمد حمدان، بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة بحق كل من المتهمين الفارين محمد ل. ورياض ج. وعلي أ. وأحمد ح. لمدة خمس سنوات، وتغريمهم مبلغ 4 ملايين ليرة بالتساوي. أما فضل ح.، فحوكم وجاهياً بعقوبة الحبس مع الأشغال الشاقة لمدة 3 سنوات، وتغريمه 500 ألف ليرة.