طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
اصطبغت طرابلس خلال السنتين الماضيتين بصور ولافتات داعمة للرئيس رفيق الحريري ونجله النائب سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة، وفي المرحلة الأخيرة اتسعت رقعة صور ولافتات رُفعت في أنحاء عدّة من عاصمة الشّمال، مؤيّدة للرئيسين عمر كرامي ونجيب ميقاتي، والوزير محمّد الصفدي، وكلّ من النائبين محمّد كبّارة وسمير الجسر، وإن بصورة متفاوتة لكل منهم وبنسب أقل.
أستاذ العلوم السّياسية في جامعة البلمند الدكتور إيليا إيليا يفسّر ذلك بقوله إنّه «بعد الفيتو الذي وضعه العماد ميشال عون على وصول سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، في مقابل الفيتو الذي وضعه الحريري على وصول عون إلى رئاسة الجمهورية، وبعد تدخلات عربية وأجنبية، بدأت شخصيات مناهضة للحريري أو حتى قريبة منه تبلور ذاتها، من أجل القول إنّنا موجودون وجاهزون، إذا اعتُمد اختيار شخص غير الحريري لرئاسة الحكومة المقبلة».
ولفت إيليا إلى أنّ «الاقتراع الديموقراطي داخل الطائفة السنّية بدأ يأخذ مجراه الطبيعي، وهذا ما كان يجب أن يحصل منذ وقت بعيد».
وأوضح أنّ «المال السياسي سيؤدّي دوراً كبيراً في المراحل المقبلة في طرابلس، لأنّ هناك 3 كتل مالية كبيرة ستتنافس: ميقاتي، والصفدي وتيّار المستقبل، وأنّ مواطنين سيذهبون إلى كلّ الأطراف للحصول على المساعدات منهم، باعتبار ذلك موسماً يجب استغلاله».
ولفت إيليا إلى أنّ مؤيدي الحريري «أدّوا دوراً كبيراً في السّابق في عملية التجييش السّياسي والمذهبي داخل الطائفة السنّية من خلال المال، ونعرف ما دُفع من مبالغ خلال الانتخابات النيابية الأخيرة».
وفي معرض التغيير الذي طرأ أخيراً على المزاج السنّي السياسي، أشار إيليا إلى أنّه «أصبحنا نسمع ونرى اختلافاً في وجهات النّظر داخل الطائفة السنّية بالنسبة إلى تقويم الوضع السّياسي العام؛ فقبل فترة كنت لا تستطيع أن تتحدّث بشيء مخالف للتوجّهات السّياسية التي كان يرسمها تيّار المستقبل، وكان من يقول خلاف ذلك يُرجَم ويُخوّن ويُشتم».
من ناحيتها، رأت أستاذة مادّة نظريات الإعلام في جامعة الجنان في طرابلس الدكتورة سمر كرامي، أنّ «اللافتات المرفوعة والشّعارات المبتكرة في السّاحات والأحياء ليست إلا من قبيل تبنّي قناعات معيّنة على حساب أخرى كانت هي المعتمدة سابقاُ»، و«إذا أردنا تفسير هذه الظّاهرة من منظار علم الإعلام وسيكولوجيا الجماهير، أمكننا تبرير المتغيّرات التي تصيب آراء هؤلاء من منطلق انفعالي عاطفي متقلّب، على اعتبار أنّ الفرد الذي سينخرط في جماعة، قد تتحوّل أفكاره وعواطفه، أو تتغيّر إلى درجة القدرة على تحويل البخيل إلى كريم، والشكّاك إلى مؤمن».
وعلقت كرامي على ذلك بقولها: «بالأمس كانوا يكرهونه، واليوم يمجّدونه، وغداً قد يسخرون من أدائه. هكذ أصبحت حال الشبّان تحديداً في الآونة الأخيرة في طرابلس».
وقالت كرامي إنّ علماء الإعلام يؤكّدون أنّ «مثل هؤلاء الأفراد والجماعات يصبح من السهل اقتيادهم وتحريكهم وتجييشهم».