149; «اتّفاق على بعض المواضيع وترك نقاط أخرى للتشاور بيـــن الأطراف»
لم يطل تبشير الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بأن الأمور تتجه نحو القمح لا الشعير، حتى انعقد اللقاء الرباعي الذي ضمه إلى الرئيس أمين الجميل والنائبين ميشال عون وسعد الحريري قبل توجه موسى إلى دمشق اليوم

حقق الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أول خرق في جدار الأزمة اللبنانية في اليوم الثاني من زيارته إلى بيروت بجمع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، بحضور الرئيس الأعلى لحزب الكتائب أمين الجميل في المجلس النيابي، وذلك بعد ممانعة طويلة من الموالاة الاجتماع بممثل المعارضة.
وفيما لم يدل الجميل وعون والحريري بتصريحات بعد اللقاء، قال موسى: «جرت مناقشة كل المواضيع المتعلقة بالتعامل مع الأزمة اللبنانية على أساس تنفيذ المبادرة العربية ببنودها المعروفة. وبعد التداول في الفقرات والخطوات المطلوبة، اتفقنا على عدد من المواضيع، مما يجعلني أتفاءل بأن هناك مساحة واسعة من الاتفاق، ولكن هناك أيضاً بعض الأمور التي تتطلب تشاوراً بين الأطراف وفي إطار الأفرقاء. واتفقنا على أن نعود إلى الاجتماع من جديد بعد عودتي من دمشق»، مشيراً إلى أنه سيزور العاصمة السورية اليوم.
ورفض الخوض في تفاصيل اللقاء، وقال: «نحن في صدد معالجة أزمة شديدة التعقيد، وهناك أمور كثيرة تتطلب الاتفاق والتشاور». وأكد أن «هدفنا هو إجراء الانتخابات في موعدها المحدد الاثنين المقبل». ولفت إلى أنه أجرى مشاورات كثيرة أمس مع عدد من الوزراء العرب، مشدداً على أنه مع حل الأزمة اللبنانية عربياً.
وكرر أن هناك تفسيراً واضحاً للمبادرة، مشيراً إلى أن «فقرتها الثانية تنص على عدم الاستئثار وعدم التعطيل، فلا الأكثرية تأخذ النصف الزائد واحداً، ولا الأقلية تأخذ الثلث المعطل»، مؤكداً أنه لم يناقش موضوع الحكومة الحيادية.

أسئلة من عون إلى الموالاة

وقد سبقت هذا الاجتماع جولة واسعة لموسى على المسؤولين، رافقه فيها السفير هشام يوسف، فزار رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، الياس المر بحضور النائب ميشال المر، كما التقى النائبين عون والحريري.
وأعلن عون بعد لقائه موسى أنه حمّل الأمين العام أسئلة ليجيب عنها فريق الموالاة، مؤكداً أن «الحوار لم ينته والأفق ليس مسدوداً».
وعن قطع الطريق على المبادرة العربية، رأى عون أن «الرئيس الأميركي جورج بوش هو الذي أكد استمرارية حكومة الرئيس فؤاد السنيورة»، مؤكداً أن «كثرة الإفراط بدعم الموالاة من قبل الأمم المتحدة أوصلتنا إلى هنا».
وكرر أن لدى المعارضة «نسبة مئوية في المجلس أي 45/55، تنازلنا عن حصصنا فليتنازلوا هم عن حصة صغيرة». وعن تخوف البطريرك نصر الله صفير من أن حصة الرئيس لن تكون متوازنة، قال: «إذاً فليقبلوا بـ13/17، فنحن لا نشحذ منهم شيئاً».
من جهته، أعرب موسى في تصريحات مقتضبة عن اعتقاده بأن بعض الآفاق بدأت تفتح وأن الأمور تتجه نحو القمح لا الشعير، و«نبذل كل ما في وسعنا للوصول إلى حل».
وعما إذا كان تفجير الكرنتينا ترهيباً للمبادرة العربية، قال موسى: «عندما نكون أمام مهمة قومية لا نخاف ولا نتردد، والله حافظ، وهذا يجعلنا مصرّين على التقدم»، نافياً أن تكون المبادرة خطوة نحو التدويل.
ويلتقي موسى اليوم الرئيس نجيب ميقاتي في منزله في فردان.
من جهة أخرى، نقل وفد من نواب كتلة «المستقبل» عن الرئيس السنيورة إثر زيارة السرايا الكبيرة، «تأييده الكامل والشامل للمبادرة العربية، وليس لديه أي تحفظ عليها ببنودها الثلاثة».
وعلى صعيد آخر، نفى المكتب الإعلامي في رئاسة مجلس الوزراء أن يكون السنيورة والنائب الحريري قد عقدا اجتماعاً مع الرئيس الأميركي جورج بوش لم يعلن عنه في الأردن وذلك بترتيب من الملك الأردني عبد الله الثاني، وقال: «إن الرئيس السنيورة والنائب الحريري ليسا في حاجة للقاءات بعيدة عن الأضواء مع أي من المسؤولين، وهما إذا أرادا الاجتماع بالرئيس الأميركي أو بأي رئيس آخر، فإنهما يقومان بذلك على رؤوس الأشهاد».
والتقى السنيورة السفير السعودي عبد العزيز خوجة، ويترأس اليوم جلسة لمجلس الوزراء وعلى جدول أعمالها 56 بنداً.

السفير الأميركي يستأنف نشاطه

في غضون ذلك، استأنف السفير الأميركي جيفري فيلتمان زياراته الوداعية التي كان قد أوقفها إثر التفجير الذي استهدف سيارة تابعة لسفارته، والتقى أمس لهذه الغاية الرئيس بري في عين التينة.
وبعد اللقاء، أوضح فيلتمان أن هذا الاجتماع واحد من سلسلة من الاجتماعات التي سيعقدها على مدى الأسبوعين المقبلين، مشدداً على الدعم الأميركي الثابت للبنان. ورأى أن الهجوم على إحدى سيارات السفارة الأميركية كان موجهاً ضد «فكرة لبنان آمن ومزدهر وموحد وديموقراطي وسيد»، مؤكداً أن «هذا الهجوم مثل جرائم القتل والهجمات التي سبقته لن ينجح في إضعاف تصميم اللبنانيين على الاستقلال والأمن والديموقراطية، كما لن يضعف الشراكة الدولية من أجل لبنان ولن يقوض عزم الولايات المتحدة على دعم لبنان».
ورأى «أن إعادة تنشيط المؤسسات الدستورية في لبنان سيعزز الأمن وسيادة القانون»، مشيراً إلى أنه «من الضروري أن يملأ لبنان الفراغ الرئاسي في أقرب وقت».
وأقام الحريري مأدبة عشاء تكريماً لفيلتمان بحضور بعض أقطاب الموالاة.
من جهته، اتهم لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات المعارضة الولايات المتحدة بتعطيل التسوية، لافتاً إلى أن «الوقائع تشير إلى استمرار وإصرار فريق 14 شباط على رفض القبول بالمشاركة استجابةً للقرار الأميركي الذي عاد جورج بوش وكرره من القاهرة بشكل يفضح التدخل الأميركي المباشر والوقح في الشؤون الداخلية اللبنانية، والعمل على تعطيل أي تسوية حقيقية تضع حداً للأزمة».
ورأى أن الدعوات إلى التدويل «دليل جديد على السعي المتعمد الى إفشال المبادرة العربية»، مشدداً على «أن المعارضة لن تتراجع أو ترضخ لأي تهويل بالتدويل لدفعها إلى التراجع عن تمسكها بسلة الحلول، وهي لن تتوانى عن التصدي ومواجهة أي محاولة لفرض خيارات تتناقض ومصلحة لبنان وشعبه».
وأعلن رئيس «التنظيم الشعبي الناصري» النائب الدكتور أسامة سعد بعد استقباله وفداً من حركة الناصريين المستقلين «المرابطون» التحضير لكل أنواع التحركات المطلبية والمعيشية، مشيراً إلى أن «هناك قضايا وطنية وملفات سياسية سنتحرك من أجلها، وسندافع عنها، وكل هذه القضايا مترابطة ويكمل بعضها بعضاً».
ونفى عضو كتلة التحرير والتنمية النائب ناصر نصر الله أن يكون الرئيس بري قد أعطى وعداً لموسى بإجراء اتصالات لمنع قيام أي تحركات «لأنه، أي بري يعي تلقائياً الوضع، وهو يحرص على السلم الأهلي في البلد، ولا يمكن أن يسمح بأن يكون هناك هفوات تمكّن من أن تذهب الأمور إلى مكان خارج السيطرة وكذلك الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله الذي يؤكد دائماً أهمية السلم الأهلي الذي هو فوق كل اعتبار، ولكن هذا لا يعني أن يستمر المسؤولون في اللامبالاة وعدم معالجة المواضيع الاقتصادية وموضوع الرغيف والمحروقات وغيرها من الشؤون الاجتماعية».
في المقابل، نصح مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني المعارضة «باتخاذ موقف يحقق المصلحة من خلال المؤسسات لا الشارع»، ورأى خلال استقباله نقيب المحررين ملحم كرم، أن ما يحصل في لبنان غريب عنه، مؤكداً أن التدويل مرفوض لأنه سيجر لبنان إلى الأسوأ. وقال: «لا نريد رئيساً للجمهورية مكبلاً بالشروط، بل المطلوب أن يمارس صلاحياته كاملة».

وفود سياسية وشعبية تأييداً لصفير

على صعيد آخر، تفاعلت أمس مواقف رئيس تيار المردة سليمان فرنجية من البطريرك الماروني نصر الله صفير في الأوساط المارونية، فأمّت الصرح البطريركي وفود سياسية وشعبية أيدت مواقف البطريرك، الذي أسف أمام وفود كثيفة من «القوات اللبنانية» لهذه «الحملة التي يقوم بها بعض المغرضين، وهم معرفون»، لافتاً إلى أن «هذه ليست المرة الأولى، فقد حدث ذلك منذ ما يقارب عشرين سنة، والمشهد ذاته يتكرر اليوم، لكن بكركي بحمد الله باقية بما أن فيها بطريركاً». وقال: إننا نسأل الله أن يغفر لهم ونردد مع السيد المسيح قوله «اغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون».
وأضاف: «قديماً قيل إن العصفور الذي يكون واقفاً على الغصن فإنه لا ينشر الغصن الواقف عليه لأنه يهوي معه».
واستنكر الرئيس الجميل، بعد زيارته بكركي على رأس وفد من حزب الكتائب، الكلام الذي تناول الصرح، وردد أمام البطريرك أن التاريخ يشهد لهذا الصرح ومواقفه، «ويا جبل ما يهزّك ريح».
وعقد نواب زغرتا ـ الزاوية اجتماعاً عند الوزيرة نائلة معوض، وأصدروا بياناً رأى «أن حرب النظام السوري على لبنان دخلت مرحلة جديدة»، ويستخدم فيها «أدوات محلية بدأت حملة منظمة ضد الكنيسة وبطريركها، تحت عنوان الدفاع عن المسيحيين».
كما عقدت القوى المسيحية في 14 آذار اجتماعاً موسعاً طارئاً في مقر «القوات اللبنانية» في معراب، وأصدرت بياناً رأى أن «التطاول على سيد بكركي يأتي في السياق المشبوه لضرب مقومات الحضور المسيحي الفاعل». ووصف صفير بأنه «رمز الصمود التاريخي في وجه الوصاية الخارجية والصوت الصارخ في برية لبنان من أجل الحرية والسيادة والاستقلال».
وزار وفد من المجتمعين صفير. وبعد اللقاء أعلن رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع أنه تم تعليق نشاط كبير كان مقرراً القيام به يوم الأحد المقبل، ولكن هذا التعليق سوف يكون مؤقتاً.
وأعلنت أمانة سر البطريركية المارونية أن صفير يشكر جميع الذين أتوا إلى بكركي تأييداً لمواقفه، آملاً من «جميع الذين يريدون أن يتوجهوا إلى الصرح البطريركي الامتناع عن ذلك طوال الأيام الثلاثة المقبلة، أي الجمعة والسبت والأحد، ليتركوا مجالاً لغبطته ولأصحاب السيادة لتكريس يوم صلاة وتفكير للمساعدة على إخراج البلد من محنته».
من جهته، يعقد فرنجية مؤتمراً صحافياً اليوم للرد على منتقدي مواقفه.
إلى ذلك، تواصلت ردود الفعل الدولية المستنكرة لتفجير الكرنتينا. وفي هذا الإطار، ندد وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما بشدة بالتفجير، آملاً «أن يتمكن مختلف عناصر المجتمع اللبناني من عزل الفئات المتطرفة والعمل في أسرع وقت ممكن في سبيل إيجاد حل توافقي وسلمي للأزمة الراهنة». وأكد دعم إيطاليا الثابت للوساطة التي يقوم بها الأمين العام للجامعة العربية، آملاً أن يكون التزامه حاسماً في حل عقبة مؤسساتية تمنع لبنان منذ زمن بعيد من إعادة إطلاق عملية ترسيخ الاستقرار والديموقراطية ومسيرته الإنمائية.