149; تهدئة على خط بكركي ـ بنشعي وفرنجية يعلن تهدئة مشروطة «إذا عاد عدنا» موسى صلّى في السرايا وترك عاصمة الأزمة إلى عاصمة الثقافة غادر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إلى دمشق «عاصمة الثقافة العربية 2008»، تاركاً بيروت عاصمة للأزمة في انتظار عودته بعد غد الأحد لمحاولة تفعيل إنجازه «اليتيم» بجمع ممثلي المعارضة والموالاة في ساحة النجمة
بالصلاة، اختتم الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى المرحلة الأولى من زيارته الحالية إلى لبنان، متضرعاً إلى الله «أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية يوم الاثنين المقبل إن شاء الله»، وإن كانت التوقعات قد بدأت ترجّح أن يكون مصير جلسة الانتخاب المقبلة كسابقاتها، أي التأجيل مجدداً.
وكان موسى قد التقى أمس الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة والرئيس نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد ميشال سليمان. وقال في عين التينة: «نحن نسير بهدوء، وإن شاء الله نصل إلى نتيجة». وقال عن اجتماع عون ـ الحريري ـ الجميل إنه «كان إيجابياً، خطوة نحو المزيد من المناقشة الأخوية بين الزعماء اللبنانيين حول المشكلات الموجودة»، إلا أنه لمح الى حاجته الى مساعدة، بالقول: «هناك اختلاف يمكن أن يعالج عن طريق طرف ثالث، إنما على هذا الطرف أن يسهل، وخصوصاً إذا كان عربياً والذي يعتبر نفسه مسؤولاً عنه والمهتم بالمسألة اللبنانية». وجزم بأن البحث لم يتطرق الى حكومة حيادية، بل انحصر بحكومة الوحدة الوطنية، وأن المشكلة «ليست في العدد والنسب، بل في الإرادة السياسية للحل».
واستبعد مجيء وزراء الخارجية العرب الى لبنان، قائلاً: «أنا أمثل الجامعة العربية، وأتحدث باسمهم ومفوّض منهم بالموقف الرسمي العربي الكامل من المبادرة العربية، نحن نتكلم في حل المسألة اللبنانية وسأعود بانطباعي وبما لديّ من معلومات إليهم، الى مجلس الوزراء العرب في 27 الجاري، نحن نريد أن نعمل هنا وليس للاستعراض».
وخلال توجهه والسنيورة الى إحدى قاعات السرايا لأداء صلاة الجمعة، تحدث موسى عن وجود «أجواء من الارتياح». وردّ بالإيجاب على سؤال عما إذا كان يتوقع نتائج إيجابية من لقاءاته، وعقّب السنيورة «تفاءلوا بالخير تجدوه». وقال الأخير في ختام اللقاء إنه اطّلع من موسى على نتائج الاجتماع الرباعي و«أعتقد أنه خطوة جيدة بتركيبته، والأحاديث التي جرت يلزمها جهد ويمكن البناء والعمل عليها».
وأعلن ميقاتي، بعد لقائه موسى، أنه اطّلع منه على معلومات تفيد بأن الاجتماع الرباعي أكثر من شكلي وأن الحوار خلاله «كان هادئاً وبنّاءً». وتمنى أن يكون «مقدمة لتحقيق النتائج المطلوبة لأننا في أشد الحاجة اليوم الى انتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي عودة الاستقرار الى لبنان وتحقيق التنمية والإعمار ورفاهية المواطن اللبناني». لكنه لفت الى أن «التفاصيل العالقة شائكة جداً، وأكثر مما نتصور». ورأى أن «من الصعب» عقد جلسة الانتخاب يوم الاثنين المقبل. وزار ميقاتي لاحقاً النائب سعد الحريري.

لقاءات حول لبنان في دمشق وبرلين

وعصراً، غادر موسى الى سوريا، وقال في منطقة المصنع الحدودية إن لزيارته سببين: «اختيار دمشق عاصمة للثقافة العربية، والبحث في الملف اللبناني مع المسؤولين السوريين».
وسيكون موضوع لبنان، على جدول أعمال لقاء بين الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره التركي عبد الله غول الذي سيزور دمشق اليوم للمشاركة في افتتاح فعاليات إعلانها عاصمة للثقافة العربية. وقد استبق السنيورة هذه الزيارة بالاتصال بغول. وذكر مكتبه الإعلامي أنهما عرضا أوضاع لبنان والمنطقة والمراحل التي وصلت إليها المبادرة العربية.
كما كان لبنان أحد بنود مباحثات وزيري خارجية سوريا وليد المعلم وألمانيا فرانك فالتر شتاينماير، في برلين أمس، حيث حثّ الثاني سوريا «على استخدام نفوذها لانتخاب رئيس في لبنان». وأعلن المعلم استعداد بلاده «من حيث المبدأ لإقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان. وهذا من الممكن أن يتحقق فقط عندما تحل أزمة الدستور القائمة هناك ويتم اختيار مرشح للرئاسة وتأليف حكومة وحدة وطنية».
ومن دمشق يصل الى بيروت يوم الأربعاء المقبل، نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف، الذي سيعرض مع المسؤولين اللبنانيين وضع بلدهم وعملية السلام في المنطقة. وتسبقه يوم الاثنين نائبة وزير الخارجية الايطالي باتريزيا سينتينيللي.

الاجتماع الرباعي... مواقف وتوضيحات

على صعيد اللقاء الرباعي في ساحة النجمة، كشف المستشار السياسي للرئيس أمين الجميل، سليم الصايغ، أن الأخير هو المفوض من الموالاة للحوار مع ممثل المعارضة النائب ميشال عون، معتبراً أن حضور الحريري كان بصفته ممثلاً لأكبر كتلة نيابية. وذكر أن موسى أصر على حضور الحريري «بالتزامن مع وجود رغبة» لدى عون للحوار مع الجميل «رغم عدم تظهير هذا الأمر». وقال إنه «لم يحدث اختراق معين في اللقاء، لكن تم التأكيد على نقاط مشتركة».
وقال مسؤول العلاقات السياسية في التيار الوطني الحر جبران باسيل، إن اللقاء كرس مرجعية عون للتفاوض باسم المعارضة ومفهوم المبادرة العربية للحل من ضمن سلة متكاملة، مضيفاً إن موسى «يحاول أن يقدم افكاراً وإعطاء ضمانات للتعويض على أي فريق». وأعلن أن استكمال التواصل بين الطرفين «يمكن أن يحصل عبر اللقاءات الجانبية وعبر المساعدين لتوضيح بعض الأمور».
ورحّب المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، باللقاء، معتبراً أنه «خطوة أولى وأساسية على طريق استكمال ترجمة بنود المبادرة العربية التي يمكن أن تشكل قاعدة وأساسا للحل». وقال: «نمد يدنا بكل إيجابية وانفتاح لكل شركائنا في الوطن كي ننتصر على أزمتنا معاً».
لكن النائب سمير فرنجية سأل: «كيف يمكن أن نتفاوض مع شخص كالعماد عون كل نصف ساعة برأي؟». ورأى النائب وائل أبو فاعور «أن ما تحقق هو خرق في الشكل لأنه في المضمون القرار في يد بشار الأسد وأحمدي نجاد، لا في يد العماد عون»، قائلاً إن المبادرة العربية «محكومة بالإعدام من قبل النظام السوري وإيران».
أما رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع فقال إنه فوجئ بقول عون بعد اللقاء إنه «لا يستطيع بت أي أمر إلا بالعودة إلى حلفائه، وحالياً يطرح حلفاؤه عدم التصويت في مجلس الوزراء»، معتبراً ذلك «مناورة ـ مسرحية مستمرة منذ 3 سنوات»، ومتهماً المعارضة بأنها لا تريد رئيساً للجمهورية «بل مجلساً رئاسياً باعتبار أن الحكومة عندما يبطل فيها التصويت تتحول إلى مجلس رئاسي يستطيع عضوان أو أكثر فيها تعطيل أي قرار».
في المقابل، إذ لفت النائب محمد رعد إلى «أننا كنا نعيش أجواء مبادرة عربية تعمل على جمع الموالاة مع المعارضة من أجل إنقاذ لبنان من أزمته الراهنة على قاعدة الشراكة الحقيقية»، رأى أن تأكيد الرئيس الأميركي على دعم واشنطن لحكومة السنيورة «يعني أن كل ما يحصل من مبادرات ومفاوضات واتصالات كله ضحك على اللحى»، وقال إن «الأميركي لا يرى حلاً لأزمتنا في لبنان إلا إذا اعتمدنا من يعتمده وسيلة لسياسته في لبنان والمنطقة»، محمّلاً السنيورة و«فريقه» مسؤولية استمرار الأزمة.

خلوة في بكركي وتهدئة في بنشعي

وعلى خط بكركي ـ بنشعي، مالت العاصفة الى الهدوء بعد الإقفال المؤقت لأبواب الصرح البطريركي وإعلان رئيس تيار المردة سليمان فرنجية التزاماً مشروطاً بعدم التصعيد. فالبطريرك الماروني نصر الله صفير، وبعدما التقى أمس القائم بالأعمال الفرنسي أندريه باران، الذي زار أيضاً قائد الجيش، وسكرتير الشؤون البرلمانية في وزارة الخارجية الكندية ديباك أوبهراي، ترأس خلوة روحية استثنائية تستمر لثلاثة أيام بمشاركة المطارنة والرؤساء العامين. وانضم الى جزء منها السفير البابوي المونسنيور لويجي غاتي.
وفي ختام اليوم الأول من الخلوة، قال النائب البطريركي المطران سمير مظلوم، إن المشاركين تداولوا «في الشؤون الوطنية وما يجري في هذه الأيام في لبنان». وتمنى على «الجميع مواكبة هذه الأحداث التي تحصل بالصلاة (...) من أجل إنارة عقول الجميع ووضع الألفة والمحبة والسلام في قلوب الجميع». ولم يجزم ما إذا كان سيصدر بيان رسمي في ختام الخلوة غداً.
وفي بنشعي، عقد فرنجية مؤتمراً صحافياً، أعلن فيه التهدئة وقال إن بكركي تعاملت «بطريقة إيجابية»، وشكر «المطارنة الواعين لدقة المرحلة» والسفير البابوي «الذي هو رجل صلح ووفاق داخل الطائفة»، لكنه لوّح بأنه «إذا صدر مجدداً أي كلام عن بكركي فسنرد»، وقال لا مشكلة عنده في زيارة الصرح، و«أتمنى دائماً أن تكون الزيارات في حضور عدد من المطارنة ليكون هناك شهود على ما يدور في الاجتماع». وحدّد نوع العلاقة مع صفير بأنه «عندما يتكلم بالسياسة سنواجهه بالسياسة، وعندما يتكلم بالدين يواجه بالدين، وعندما يتكلم على الصعيد الشخصي سنواجه كذلك على الصعيد الشخصي»، مضيفاً: «لسنا نعمل لضرب هيبة بكركي ولا لنتطاول عليها، ولكن على بكركي ألا تتطاول على كرامات الناس ولا تقترب من أحد». وأكد أن ما من أحد يريد عزل صفير «أو يسعى الى ذلك»، معتبراً أن «هيبة بكركي يجب أن يحافظ عليها من الطرفين. نحن مجبرون على أن نحافظ على هيبة بكركي، وعلى بكركي أيضاً أن تحافظ هي على هيبتها، وأتمنى أن تكون البيانات التي تصدر عنها تحافظ أيضاً على هيبتها».
وانتقد من سمّاهم «الحرصاء على بكركي»، قائلاً لهم: «إن شاء الله ما يكون حامي بكركي حراميها». وحذّر «إذا كانت ستحصل تظاهرات استنكار ضد الكلام الذي قلناه وستذهب إلى الصرح البطريركي، فنحن لسنا ضد ذلك، ولكن كما أن لهؤلاء رأيهم، لغيرهم رأي آخر أيضاً، وستذهب تظاهرات من عندنا لتشرح وجهة نظرنا. فإما أن تقف كل الأمور وإما أن تستمر كل الأمور». وسأل: «من نفذ أوامر سوريا في قصف قصر بعبدا؟ وعندما احتل الجيش السوري قصر بعبدا، فبرضى من حصل ذلك؟»، رادّاً الاتهام بإضعاف موقع رئاسة الجمهورية بالقول: «إما أن نقبل برئيس موظف عند سعد الحريري وإما نكون نضعف موقع الرئاسة. لقد هشموا موقع الرئاسة وحطموه وفعلوا كل شيء ضده، فهل يجب أن نعتبر أن أعمالهم هي كانت لتقوية موقع الرئاسة؟».
ومساء أمس، شجب السنيورة خلال جلسة لمجلس الوزراء التعرض لصفير، معرباً عن قلقه من «التراجع الخطير في مضمون الخطاب السياسي لدى بعض القوى والشخصيات في لبنان». كما تحدث عن الخروق الإسرائيلية، مستنكراً «الاستمرار بهذا النهج الذي من شأنه إبقاء التوتر على الحدود الدولية». وقال عن انفجار الكرنتينا إنه «يمس بالسلم والأمن الوطني والاستقرار وعلاقات لبنان الخارجية».
وكرّر تأييده للمبادرة العربية والحرص على إنجاحها، مثنياً على اللقاء الرباعي، وداعياً الى الإسراع «وقبل أي أمر آخر» الى انتخاب رئيس جديد مما «يعيد الانتظام إلى الحياة الدستورية ويعيد إنتاج هذه المؤسسات، وذلك بعدما نالت ما نالته مؤسسات دستورية أخرى مثل مجلس النواب من تعطيل، ومؤسسات أخرى كثيرة من تهجم وخلافه».