جلالا ــ سيرين قوبا
يفضل البقاعيون تنجيد فرشهم ولحفهم من صوف الماعز أو من القطن، إذ يرون فيه حتى يومنا هذا صحة افضل ودفئاً اكثر من الفرش الجاهزة، التي بدأت تلاقي ترحيباً لا بأس به لدى شريحة واسعة من الزبائن، وهو ما أدى إلى تراجع مهنة التنجيد 50% حسبما قال المنجد رفعت الكردي في منطقة جلالا ـــــ البقاع الذي ورث هذه المهنة عن والده منذ اكثر من 30 عاماً. ويضيف: «نحن من قدامى المنجّدين في الساحة البقاعية، إذ زاولنا المهنة منذ أكثر من 30 عاماً وما زلنا نكافح للحفاظ عليها في ظل موجة الفرش الجاهزة التي اكتسحت السوق وافترشت البيوت، إلا أن البعض ما زال يفضل أن ينجد فرشه ولحفه من الصوف أو القطن. قبل عشر سنوات كانت هذه المهنة لا تزال في أوجها، وبفضلها تمكنت من تدبير بيت ومردود مالي لا بأس به، أما اليوم فتراجعت كثيراًترتكز مهنة التنجيد على أدوات حرفية قديمة حلّت مكانها أيضاً «مكنة كهربائية» تعمل مكان القوس الفولاذية التي كانت تستعمل قديماً لنتف الصوف والقطن. ويقول رفعت: «الصوف نوعان، ناعم وجزّ. وصوف الجز يلزمه ضرب على القضيب حتى ينعم ويتناثر جزئيات صغيرة، اما الصوف الناعم فينتف على مكنة الكهرباء. والقطن نوعان: القطن الملكي والشراحي يضرب على القضيب الحديدي، الاّ اذا كان قديماً فيستحسن أن ينتف على المكنة. وأثناء العمل أضع ادوات التنجيد بقربي وتتألف من الإبرة الطويلة، الشمع العسلي لتشميع خيطان التنجيد لتسهيل استعمالها في الحياكة، والكشتبان دائماً في إصبعي فضلاً عن المدقة الخشبية التي توضع في مكان العمل لكي تزيده وزناً ولا يتحرك اللحاف اثناء التقطيب، ومكنات الخياطة لدرز القماش».
ويتابع «اللحف التي تختلف احجامها وأوزانها حسب قياسها، لها عدة نقوش.. نقشة البقلاوة، المربعات والمراوح.. وللفرش نقشة واحدة تتوسطها المسامير لكي يبقى القطن ثابتاً في مكانه». ويوضح أن «العمل في الصوف أسهل من غيره، كذلك هو صحي أكثر، ففي البقاع نعمل في تنجيد الصوف اكثر من القطن أحياناً نظراً لكثرة مربي الغنم والماعز، وخلال فترة 4 ساعات يتم انجاز لحاف، أما الفرشة فأقل وقتاً، فضلاً عن تنجيد المخدات والبسط».
ويرى الكردي أن «تنجيد الفرش واللحف بالقطن والصوف كل 4 سنوات أمر صحي ومفيد أكثر للجسم وخاصة الظهر، وهذا افضل من شراء الفرش الجاهزة التي غالباً ما تسبب أوجاعاً في الظهر»، لافتاً إلى أن هناك «كثراً ممن تخلوا عن الفرش المنجّدة مفضلين تلك الجاهزة عادوا ونجدوا لأسرّتهم فرشاً ولحفاً من القطن والصوف».
وتقول نورما وهبة إنها تخلّصت من جميع الفرش المنجدة «كي لا أنجّدها كل اربع او خمس سنوات، وجهزت اسرّة منزلي بالفرش الجاهزة وبلا لبكة التنجيد، غير أني ما زلت أحتفظ باللحف المنجدة بالصوف لأنها أكثر دفئاً في الشتاء».
أما رحيل أبو عبود من جلالا فتؤكد «أنه لا غنى لها عن فرش الصوف التي نجّدتها منذ اكثر من خمسين سنة وطلّعتن معي بالجهاز مع لحف ومخدات كلها من صوف الجز، وكل اربع سنوات أنجّدها وأغيّر القماش والصوف».