رميش ــ آمال خليل
في أربعينه أمس، أو «في أحد الأبرار والصدّيقين»، أصبح الشهيد فرنسوا الحاج جنرالاً في بلدته رميش وأُعلن تأسيس مؤسسة وطنية باسمه يقوم أحباؤه بالتحضير لنيلها العلم والخبر لـ«تتمكن من نشر المبادئ الوطنية التي حملها الشهيد». فقد انتشر عشرات الأشخاص الذين يعلقون بطاقة كتب عليها اسم «أصدقاء مؤسسة الشهيد الجنرال فرنسوا الحاج»، تحركوا في الكنيسة وباحتها وتولّوا التنظيم ومراسم الاستقبال وتوزيع نسخة من النشرة الرعوية التي كان الشهيد يشارك في تحريرها في عام 1971 واسمها «صوت الندوة» حينما كان طالباً وحين كان ولا يزال تصحّ العبارة التي اتخذتها النشرة الجديدة عنواناً «بأن يمنح الله رميش قديسين وأبطالاً تلتجئ إليهم». وقد التجأت أمس رميش إلى الكنيسة وباحتها واصطفّ أهلها تحت الشمس ممن ضاقت بهم مقاعد الكنيسة وبهو الخيمة التي نصبها الأهالي بلون بذلة شهيدهم العسكرية.
أمس اختلف المشهد عما قبل أربعين يوماً في رميش. في خلالها حام العيد بجوارها ولم يمر بها، فزينة الميلاد والعام الجديد لم يجدا مكاناً شاغراً على جدرانها وبيوتها التي اتشحت باللافتات السوداء وصور الشهيد التي تطالعك في كل زاوية ومن كل نافذة وسيارة وعمود ومحل. كانت كنيسة التجلي تغصّ بأبنائها الذين تعرف وجوههم والذين أشاحوا بحزنهم على ضآلة الحضور الرسمي.
. لكن الأكاليل فعلت فعلها على مذبح الكنيسة وحاولت تعويض الشهيد شيئاً من التقليد اللبناني السائد بأن «اللي راحوا راحوا» كإكليل النائب سعد الحريري الضخم الذي وصل إلى الكنيسة بعد انتهاء الصلاة.
في كل الأحوال، يكاد أبناء رميش أن يقنعوا أنفسهم بأن شهيد المؤسسة العسكرية لن تنصفه العدالة كما لم تنصف سواه من الشهداء السياسيين. وهم ظنّوا في بادئ الأمر أن الجيش سيأخذ سريعاً بحقه وحق فرنسوا الحاج وحقهم، لكن ما من شيء ظاهر في الأفق حتى الآن، وهم لا يتوانون عن متابعة سير التحقيقات في جريمة الاغتيال.
صلاة جنّاز الأربعين ترأسها راعي أبرشية صور للموارنة المطران شكر الله نبيل الحاج الذي أثنى على مزايا الشهيد. ودعا إلى «تحقيق العدالة والعمل على حل الخلافات السياسية رأفة بلبنان ليحل السلام على أرضه وأهله». وبعد إلقاء الشاعر العميد المتقاعد عبد الله واكيم والشاعر الزجلي أنطون خليل قصيدتين في الشهيد، ألقى ممثل قائد الجيش كلمة العماد ميشال سليمان الذي شكر كل من وقف ودعم المؤسسة العسكرية في مصابها الأليم واعداً بـ «مواصلة النهج الذي شارك الشهيد الحاج في خطّه لحماية لبنان بكل فئاته وطوائفه ضد كل من يحاول الاعتداء والعدوان عليه». وفي نهاية الاحتفال، تحدث نجل الفقيد إيلي وشكر الحضور وناشد كل المعنيين بإحقاق العدالة لتنعم روح الشهيد بالراحة والسلام.