جوانّا عازار
استطاعت «دائرة المفكّرين الأحرار» في كليّة الفلسفة والعلوم الإنسانيّة في جامعة الروح القدس ـ الكسليك، في سنتها الأولى، إخراج الفلسفة من نطاقها الأكاديميّ وأسلوب التلقين إلى مكانٍ تلتقي فيه الأفكار والآراء، وإخراج الطلّاب من مستنقع الأحزاب والسياسة وجمعهم في إطارٍ واحدٍ حول طاولتهم الحواريّة الخاصّة. ولم يكتفِ المفكّرون الأحرار بالخيوط الأولى، إذ شجعوا الطلّاب على القيام بأبحاث فلسفيّة، أسهمت في تحويل الدائرة إلى مركز أبحاث مفتوح للجمهور الواسع، وفي محاولةٍ لإلغاء النظرة «الدونيّة» للفلسفة وإخراجها من الإطار النظريّ إلى التطبيق العمليّ والاستفادة ممّا تقدّمه من رؤى وأفكار.
ويتجلّى الجانب الأهمّ في عمل الدائرة أنها أبرزت أهميّة العمل الجماعيّ، بحيث يتولّى العمل المشترك فيها 12 عضواً فاعلاً يديرون النقاشات ويقومون بالأبحاث. وقد تنوّعت النقاشات بين موضوعاتٍ مختلفة تتعلّق بالسلطة والإصغاء في المدرسة والمرأة والحرب ومفهوم الصديق ـ العدوّ في السياسة والتعليم على الإيمان، إضافة إلى الأفكار والأوضاع السياسيّة في لبنان. وتصدر الدائرة في نهاية كلّ فصل جامعي الموضوعات التي ناقشتها خلاله لتصبح في متناول الجميع، على أن تقوم في نهاية السنة الدراسيّة بإصدار كتابٍ موحّد يضمّ جميع الموضوعات التي تمّت مناقشتها خلال العام.
وفي ما يخصّ عمل الدائرة، فإنها تعقد، تحت رعاية رئيسة قسم الفلسفة في الكليّة ماريات فيّاض في حرم الكليّة، لقاءً مرّة كلّ أسبوعين. يناقش خلاله المجتمعون موضوعاً معيّناً بطريقة فلسفيّة تحثّهم على دمج السياسة الواقعيّة في دراساتهم.
ويرى الطلّاب أنّ الدائرة هي المنبر الحرّ الذي يجمعهم ليعبرّوا عن آرائهم بحرّية، محاولين قدر الإمكان التجرّد من الأفكار المعلّبة التي يتوارثونها ويحملونها من مجتمعاتهم. وفي هذا الإطار، تشير فيّاض إلى أنّ «جميع الطلّاب مدعوّون للتفكير بطريقة منطقيّة وعقليّة تخوّلهم تحقيق الثورة الفكريّة في فهم السياسة والدين والفنّ والفلسفة، وبالتالي نزع المعاني المبتذلة عن المفاهيم التي أصبحت قديمة ورثّة وسخيفة».
من جهته، يؤكّد رئيس الدائرة الطالب أنطوان أبي داوود ضرورة «تعميم تجربة المفكّرين الأحرار» على الجميع، و«خصوصاً أنّها تنمّي لدينا الفكر الجماعي، بإخراج التفكير الفلسفي من التفكير الشخصيّ إلى الحوار والنقاش، الأمر الذي يسهم في تطوير الحسّ النقديّ عند الفرد». ويشير «إلى أنّ الدائرة أظهرت فعاليّة العمل الجماعيّ بين الطلّاب والأساتذة ويبقى الهدف منها وضع التفكير في صلب النقاش لأنّ الجامعة هي التي تصنع المفكّرين الأحرار». كذلك يشدّد الطالب غطاس، الذي تابع معظم نقاشات الدائرة، على أهمّية التفاعل بين الشباب من خلال متابعة النقاشات، وتعزيز انفتاحهم على الفلسفة والحياة والفنّ.