ليال حداد
قد لا يدري فقراء العالم بعدد المؤتمرات والمنتديات التي تبحث أوضاعهم، تناقش مصيرهم، وتتحدّث باسمهم. ولا تزال معظم القوانين والاتفاقيات حبراً على ورق، أو تستعملها الحكومات للحصول على مساعدات وقروض دولية قلّما تستخدم لتحسين أوضاع الشعوب الاقتصادية والاجتماعية. غير أنّ للمنتدى الاجتماعي العالمي نظرته المختلفة إلى الموضوع.
المنتدى الذي يُعقد سنوياً في إحدى دول «العالم الثالث»، قرّر هذا العام استبدال اجتماعه السنوي، بتنظيم منتديات إقليمية ووطنية وتحركات عالمية، بين السادس والعشرين والثلاثين من الجاري. وسينظّم أكثر من 465 تحرّكاً في 85 دولة تراوح بين مؤتمر صحافي وصولاً إلى التظاهر وتنظيم منتديات. وستكون للعالم العربي حصّته من المشاركة فيستقبل المغرب منتدى إقليمياً للمغرب العربي، كذلك الأمر في مصر، إضافة إلى تحرّكات في سوريا.
ومن ضمن النشاطات الداعية للمشاركة بهذه التحركات، عقدت أمس مؤتمرات صحافية في مختلف دول العالم بما فيها لبنان. وشاركت في المؤتمر تسع جمعيات ومنظمات غير حكوميةلبنان لن يقوم بأي نشاط باستثناء هذا المؤتمر الصحافي، فالأوضاع الأمنية والأزمة السياسية لا تسمح بأي تحرّك، وخصوصاً في ظلّ حالة الاستقطاب التي تقوم بها الأطراف السياسية في الداخل». هذا ما أكّده زياد عبد الصّمد من شبكة المنظمات العربية غير الحكوميه للتنمية. غير أنّ عبد الصمد عاد فأكّد أنّ المجتمع المدني في لبنان يسعى ليصبح فاعلاً «وتصبح له كلمة مؤثّرة».
تنوّعت الكلمات التي ألقيت في المؤتمر بين معارض للعولمة، ومؤيّدٍ لها «ضمن شروط محدّدة». هكذا انتقدت نائبة رئيسة المجلس النسائي اللبناني إقبال غانم تحوّل العولمة من ظاهرة إيجابية إلى «أداة وحشية لزيادة ثروات الأغنياء، ومضاعفة قهر وفقر الفقراء، وظلم النساء». فيما أكّد رئيس المنبر المدني الأورو ـــ متوسّطي في لبنان جورج أبي صالح أن اتخاذ موقف وسطي من العولمة هو الحلّ الأفضل، مذكّراً بإيجابياتها، ولا سيّما أنها سمحت «بقيام تكتّلات سياسية واقتصادية وجغرافية، ومنها الشراكة الأورو ـــ متوسّطية».
لم يخلُ المؤتمر من بعض الأفكار «المستهلكة» عربياً، فذكرت مختلف الجمعيات بضرورة الإصلاح السياسي وإعادة التفكير في حرية التبادل التجاري، إضافة إلى مكافحة الهجرة وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم المدنية. غير أنّ أياً منها لم توضح الخطوات العملية لتنفيذ هذه النقاط، ما دفع بأحد المشاركين الفلسطينيين للتعليق وهو خارج من القاعة «إنو يعني كلو حكي بحكي، من أيام النكسة لهلّق صرت سامع آلاف المرات عن حقوقنا المدنية ولهلّق بعدها الميّ بتجيش عنّا بالمخيّم».
كما رفض أحد الموجودين اختزال الفلسطينيين بسكان المخيّمات، مستعيناً بأرقام توضح أن 35% فقط من الفلسطينيين هم من سكان المخيّمات، «نحن شعبٌ من المثقّفين والمتعلّمين، فقبل النكبة كنّا من رجال الأعمال الكبار، وبعض «الزعران» الموجودين في المخيّمات لا يمثّلون أحداً».
يذكر أنّ المنتدى الاجتماعي العالمي كان قد انطلق عام 2001 في مدينة بورتو اليغري البرازيلية، بمشاركة أكثر من 25 ألف ممثّل عن الحركات الاجتماعية والنقابية والمنظمات غير الحكومية، لمواجهة المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يُعقد سنوياً في منتجع دافوس السويسري ويحضره رؤساء الدول والحكومات، إضافة إلى المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية.
استطاع المنتدى الخروج من «التنظير» وطرح بديل لـ«العولمة» التي تقودها الشركات المتعدّدة الجنسية والمؤسسات المالية، من خلال العمل على عولمة تدعو إلى احترام حقوق الإنسان والتضامن بين الشعوب، وتحقيق العدالة والمساواة.
وفي الإطار نفسه، استطاع المنتدى عقب اجتماعه عام 2003 في بورتو اليغري، إطلاق أكبر حركة عالمية لمناهضة الحرب على العراق، حيث شارك عشرات الملايين من المتظاهرين للتنديد بالهجوم على العراق، وتضامناً مع العالم العربي.
أما في العالم العربي، فقد عُقد في المنتدى الاجتماعي في فلسطين عام 2003، وفي المغرب عامي 2004 و2005، كما يجري حالياً العمل على عقد المنتدى الاجتماعي المغاربي في المغرب.