strong>بعد أكثر من سنتين على فتح تحقيق في قضية اختلاس في مصرف لبنان، و«انتحار» إحدى الموظفات، صدر عن القضاء قرار منع المحاكمة عن زملاء المتوفاة في جرم التسبب بوفاتها
كانت جمال موظفة في مصرف لبنان حتى وفاتها في «ظروف غامضة» نهاية عام 2005. فبعد فتح تحقيق إداري في المصرف بقضايا تزوير واحتيال واختلاس، فارقت جمال الحياة، قبل أن يقال إنها انتحرت بالسم. وبعدما تقدّم المصرف بادعاء أمام القضاء بحق عدد من موظفيه، بجرم تزوير سندات الخزينة واستعمال المزوّر والاستيلاء على أموال المودعين احتيالاً، تقدّم زوجها بادعاء شخصي بحق ثلاثة من المدعى عليهم، بالجرائم المذكورة، مضيفاً إليها جريمة التسبب بوفاة زوجته.
وقد عرض الزوج، عاصم الطيارة، في شكواه أن إدارة مصرف لبنان زعمت أن زوجته انتحرت بواسطة السم. وقد تبين له لاحقاً وجود شكوى جزائية مقامة من مصرف لبنان بحق المدعى عليهم بموضوع تزوير المستندات المتعلقة ببعض العمليات لزبائن المصرف، وأنه في حينه كُلِّف خبير بالخطوط بوضع تقرير عن المستندات موضوع شكوى المصرف. وأكد الخبير في خطوطه أن المدعى عليهما ريما س. وسلمى ع. زوّرتا سندات خزينة وهمية، وزوّرتا توقيع المرحومة جمال على بعض هذه المستندات، وذلك بهدف اختلاس أموال الزبائن لمصلحتهما الشخصية. وأضاف التقرير إن ريما س. أقدمت على تنظيم إفادة محرّرة بخط يدها ومؤرخة بتاريخ 10/10/2005 منسوبة إلى جمال. وقد أثبت تقرير الخبير أنها مكتوبة بخط يد ريما وهي غير موقعة من جانب المرحومة جمال.
وأضاف المدعي في شكواه إن سبب وفاة زوجته ناتج من التهديدات والضغوط التي تلقّتها من بعض المسؤولين في مصرف لبنان. وكان المصرف قد تقدّم بشكوى ضد ريما س. وسلمى ع. وعامر ع.، فادعت عليهم النيابة العامة الاستئنافية في بيروت يوم 25/4/2006، أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت، بجرائم تزوير سندات الخزينة واستعمال المزوّر والاستيلاء على أموال المودعين احتيالاً. وبعد استكمال التحقيقات، أصدر القاضي المذكور قراراً رأى بموجبه أن أفعال المدعى عليهم من قبيل جناية التزوير واستعمال المزوّر وجنحة الاحتيال والتدخل في هذين الجرمين.
أمّا الشكوى التي تقدّم بها زوج جمال، فقد أحيلت على غرفة القاضي سامي صدقي. وخلال التحقيق الاستنطاقي، أنكر المدعى عليهم ما نُسِب إليهم. وأفادت ريما س. أنها طلبت خلال التحقيق الجاري أمام قاضي التحقيق الأول تعيين خبير خطوط للنظر في المستند المنظم تاريخ 10/10/2005. وبتكليف الأدلة الجنائية إجراء مقارنة الخطوط، تأكد أن التوقيع الناطق باسم جمال ليس توقيع ريما، وأن هذا المستند نُظِّم لأمر السيد هنري ح. في منزله، وقد وقّعَت عليه جمال باسمها. وأضافت ريما إن «جمال اعترفت خلال التحقيق الإداري الذي أجري في مصرف لبنان بأنها استولت على الأموال، وأن رئيس التفتيش أمهلها 24 ساعة لإعادتها، وقد يكون هذا سبب انتحارها». كما أنكر المدعى عليه عامر ما نُسب إليه وأفاد أن لا علاقة له بكل هذه القضية، وأن لا علاقة مالية بينه وبين المرحومة، وأنه لا يعرف المدعو هنري ح.. أمّا سلمى ع. فأنكرت وجود أي علاقة لها بالموضوع، وأفادت أنه لم يكن بالإمكان إدخال أي معاملات مزورة إلى الحاسوب، لكونه يقتضي أن تكون السندات قانونية وموقعة.
بدوره، أفاد الشاهد هنري ح. أنه كان قد سلّم جمال وريما 14 سند خزينة بقيمة/266676000/ ليرة لبنانية. وفور تسلّمه المال من الصندوق، سلمه إلى ريما بحضور جمال، على أساس أن تنظّما له سنداً واحداً باسمه، وقد سلماه سنداً بقيمة 269 مليون ليرة، تبين له لاحقاً أنه سند وهمي. وبعد مراجعتهما، حضرتا إلى منزله ونظمت ريما السند المؤرخ تاريخ 10/10/2005 بخط يدها ووقّعته جمال بحضوره وتسلّمه من ريما وجمال معاً. وتبين من خلال تقرير الأدلة الجنائية بنتيجة مقارنة الخطوط على المستند تاريخ 10/10/2005 أن التوقيع الناطق باسم جمال الداعوق غير محرر بخط يد ريما.
وقد أصدر قاضي التحقيق في بيروت سامي صدقي قراراً أول من أمس منع فيه المحاكمة عن المدعى عليهم بجرم التسبب بوفاة زميلتهم جمال لعدم توافر العناصر الجرمية، كما منع عنهم المحاكمة بجرم التزوير والاحتيال لسبق الملاحقة.
(الأخبار)