عمر نشابة
رأى بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي أن حزب اللّه «يدوس برجل قاسية على القيم الإنسانية الأكثر صلة بكرامة الإنسان». وجاء البيان رداً على خطاب، ألقاه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله يوم السبت الماضي، حمل معطيات تتعلق بحيازة الحزب «أشلاء عدد كبير» من الجنود الإسرائيليين جمعت خلال حرب تموز 2006. وقال نصر الله: «لدينا رؤوس وأيد وأرجل، ولدينا جثة شبه مكتملة الرأس وحتى وسط البدن»، وتوجّه الأمين العام إلى الإسرائيليين بقوله «أيها الصهاينة، جيشكم يكذب عليكم ويقول إنه لا يترك وراءه أجساد قتلاه. أقول لكم: ترك جيشكم أشلاء جنوده في قرانا وحقولنا». لم يتضمّن كلام نصر الله تهكّماً أو توصيفاً لا يليق بالقيم الإنسانية، إذ لم يصف السيد هذه الأشلاء، ولم يتحدّث عن مكان وجودها ولم يعرض صوراً لها كما لم يذكر أسماء أصحابها. ولا بدّ من التذكير أن حزب الله حرص خلال السنين الفائتة على الحفاظ على جثث الجنود الإسرائيليين وأشلائهم بما يتناسب مع المعايير الأخلاقية والإنسانية والشرعية، فتمّ الحفاظ على جثث العسكريين الثلاثة الذين تمكنت المقاومة من قتلهم في منطقة مزارع شبعا المحتلة بحسب المعايير الإنسانية. ويشهد على ذلك المسؤولون الألمان الذين تسلّموا الجثث أثناء عملية التبادل.
لكن أهمية كلام نصر الله عن الأشلاء تكمن في الإعلان لعائلات القتلى الإسرائيليين عن وجودها وعن استعداد الحزب لتسليمها وفق صيغة تبادل بواسطة طرف ثالث. ويبدو أن السلطات الإسرائيلية كانت تخفي وجود هذه الأشلاء لدى المقاومة على عائلات القتلى الإسرائيليين وهو ما أكده قول مراسل القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، نير دفوري، إن وسائل الإعلام ومراسليها تلقوا توجيهاً «بأن نعمد إلى التخفيف من وقع تصريحات الأمين العام لحزب الله، بل إنهم طلبوا منا تقريباً عدم نشر أقواله». إن كشف نصر الله حقيقة وجود الأشلاء يخدم مسيرة الحفاظ على الكرامة الإنسانية لأن التجني الأكبر عليها يكمن في التجاهل المتعمد لوجود الأشلاء والكذب على ذوي أصحابها. ومن يتحدّث في لبنان عن عدم احترام المقاومة للكرامة الإنسانية بهذا الخصوص لم يُسمع صوته عندما بقيت أشلاء شهيد في مسرح جريمة في لبنان لمدة أكثر من شهر قبل العثور عليها!