strong>بعد صدور تقرير فريق العمل التابع للأمم المتحدة بشأن الاحتجاز التعسفي، والذي حمّل الدولة اللبنانية مسؤولية الاستمرار باحتجاز الضباط الأربعة، عقد وكلاء الضباط الموقوفين مؤتمراً صحافياً، حمّلوا بدورهم القضاء المسؤولية. واختصر المحامي أكرم عازوري ضرورة إخلاء سبيلهم، بالقول «حتى لا يصبح لبنان بمواجهة الأمم المتحدة» بعد أن رأت الأخيرة أن الاحتجاز تعسفي«مسؤولية القضاء اللبناني عن استمرار توقيف الضباط الأربعة» كانت النقطة الأبرز في المؤتمر الصحافي الذي عقده وكلاء الدفاع عن الضباط الموقوفين في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بمناسبة صدور تقرير عن الأمم المتحدة اعتبر الاعتقال تعسفياً. والمؤتمر الذي عقد أمس في مكتب المحامي أكرم عازوري في بدارو، غاب عنه أحد وكلاء الدفاع عن الضباط المحامي ناجي البستاني بسبب عارض صحي. وخلال المؤتمر، تساءل نقيب المحامين السابق عصام كرم عن أَمد توصية رئيس لجنة التحقيق الدولية الأسبق ديتليف ميليس باحتجاز الضباط الأربعة. وأشار كرم إلى عدم الحاجة لانتظار المحكمة الدولية لأن الموقوفين محالون على المجلس العدلي، وإلى أن هناك محققاً عدلياً في الملف. ولدى سؤاله عن الجهة المختصة بمحاسبة قاض أوقف أشخاصاً من خارج القانون، اعتذر كرم عن عدم الإجابة قائلاً: «القاضي الذي يقوم بعمل كهذا لا يحاسبه النص القانوني بل ضميره وإلا ... اسمحوا لي ما كمّل».
بدوره، تساءل المحامي أكرم عازوري، وكيل الدفاع عن اللواء جميل السيد، عن مدة فعالية توصية ميليس وعن سبب تنفيذ القضاء اللبناني لتلك التوصية و«تجاهُل كلام براميرتس في مسؤولية القضاء اللبناني عن الموقوفين». وأشار إلى أن تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية السابق القاضي سيرج برامريتس الصادر في 12/8/2007 قد أقرّ بعدم صدقية إفادات زهير الصديق أمام النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا. كما سأل عازوري «هل ترتضي الدولة اللبنانية أن تخرق نصوص المواثيق الدولية، وهي التي سعت إلى قيام المحكمة الدولية؟». وقال إنه لا يجوز للدولة «أن تتذرع بالقضاء الدولي ساعة تشاء وأن تخرق الأنظمة الدولية ساعة تشاء»، مشيراً إلى تقرير فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي في المفوضية العليا لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة في جنيف، الذي اعتبر الدولة اللبنانية «مسؤولة عن احتجاز حرية الضباط الأربعة بصورة تعسفية». وأشار إلى أن الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من القانون الدولي تنص على أنه على القضاء أن يحيل الموقوف بجرم جزائي على المحكمة المختصة في أقرب مهلة. وفي شرحه لعبارة «أقرب مهلة»، قال عازوري إن تفسير المراجع الدولية لها يقضي بألا تتجاوز بضعة أيام.
كما شدد عازوري، بعد مطالبته الدولة باتخاذ الإجراءات الفورية اللازمة لمعالجة الأمر، على أن إخلاء سبيل الضباط الأربعة أصبح ضرورياً لتطبيق القانون و«إرضاءً لذمة نريدها جميعاً فوق كل الشبهات». وتساءل: «هل تحمل ذمة القاضي اللبناني مسؤولية موقوفين يصفهم القانون الدولي بأنهم ضحايا التوقيف التعسفي؟ وهل تتحمل ذمة القضاء اللبناني إبقاء طلبات إخلاء السبيل عالقة بلا بت منذ نحو سنة؟».
وفي عرض لما جاء في تقرير الأمم المتحدة بشأن احتجاز الضباط الأربعة، استشهد عازوري بكلام للقاضي براميرتس عن مسؤولية القضاء اللبناني وحده في الإفراج أو الإبقاء على توقيف الضباط الأربعة، مطالباً القضاء إما بمواجهتهم بتهم معينة أو بالإفراج عنهم فوراً. وقد استند عازوري في حديثه إلى المواد القانونية والمواثيق الدولية التي و«إن سمحت باحتجاز حرية شخص ما، فإنها لا تقبل أن يتحول الأمر إلى إجراء ظالم بدون مهلة محددة» لأنه يشكل بذلك خرقاً للمادتين 9 و14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما شدد على أن القانون الدولي ينص على وجوب إطلاع القضاء كل موقوف لدى توقيفه على التهم الموجهة إليه. وتابع عازوري إنه لا يجوز استمرار التوقيف من دون تهمة معينة منذ أكثر من سنتين. وأشار إلى أنه «لا يحق للقضاء أن يقدم الذرائع على استمرار التوقيف بحجة أن القانون اللبناني يجيز التوقيف في مثل حالة الموقوفين في جريمة 14 شباط». وعزا الأمر إلى ضرورة أن تتوافق أحكام القانون اللبناني مع أحكام القانون الدولي.
وتعليقاً على ما جاء في كلام رئيس مجلس القضاء الأعلى الدكتور أنطوان خير، رد عازوري خلال المؤتمر على القاضي خير «لجهة أن المحكمة الدولية هي التي تقرر استمرار توقيف الضباط الأربعة أو إخلاء سبيلهم»، قائلاً «أن المحقق الدولي لم يطلب استمرار التوقيف، بل قال في كل تقاريره، وفي إفادات خطية، إن القضاء اللبناني مسؤول حصراً عن استمرار التوقيف وإخلاء السبيل». كما سأل «هل يجوز تعطيل العدالة اللبنانية في انتظار قيام المحكمة الدولية وترك الموقوفين محتجزي الحرية؟».
سؤال آخر طرحه عازوري خلال المؤتمر: «أي قضاء هو القضاء المسؤول عن استمرار التوقيف؟»، وقال «إذا كان استمرار التوقيف مسؤولية القضاء اللبناني فعليه، بشخص النائب العام، أن يخلي سبيل الموقوفين فوراً لانعدام الدليل في حق أي كان منهم». وطالب القضاء في حال عدم إخلاء سبيلهم «بدليل يبرر استمرار التوقيف. أما إذا كانت هذه مسؤولية القضاء الدولي، فيقتضي تطبيق أحكام المادتين 9 و14 من الميثاق الدولي الذي يرعى الحقوق المدنية والسياسية للأفراد».
ورداً على سؤال عن الخطوات العملية لتصحيح الوضع، أجاب عازوري بأن الدفاع أعلن الانتصار على الادعاء منذ شهر حزيران الماضي، «حينما اضطر الادعاء للجوء إلى مناورة لخلق فراغ قضائي عبر الادعاء على القاضي الياس عيد بقضية قسائم البنزين التي توزعها الدولة على عدد من القضاة، وأن الفراغ مستمر حتى الآن بحجة أن الخلف (في إشارة الى قاضي التحقيق العدلي صقر صقر) لم ينته من قراءة الملف».
كما تحدث أيضاً في المؤتمر المحامي يوسف فنيانوس، ممثلاً الرئيس الدكتور سليم الحص، فشدد على ضرورة ألا يكون القضاء أداة سياسية، وقال «سنواجه الباطل الذي يواجهنا جميعاً»، مطالباً بإخلاء سبيل الموقوفين فوراً أو مواجهتهم بالتهم، متسائلاً عن أمد التوقيف التعسفي.
وفي حديث مع «الأخبار»، قال المحامي عبد الحفيظ فواز وكيل الدفاع عن محمود عبد العال الموقوف في الملف إنه «تم الاستماع إلى موكلي لمرة واحدة فقط بعد مرور شهر على توقيفه فقط».
اما المحامي مالك السيد، نجل اللواء الموقوف جميل السيد، فقد حمّل النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا شخصياً مسؤولية التوقيف الذي وصفه بـ«غير الشرعي». كما حمّل كلاً من المحقق العدلي والجهة المشرفة على التحقيق استمرار «الاعتقال السياسي».
(الأخبار)