ثائر غندور
عندما أعلن الرئيس أمين الجميّل «اشمئزازه» من حديث السيد حسن نصر الله عن وجود أشلاء لجنود إسرائيليين لدى المقاومة، أوصل العلاقة بين الطرفين إلى القطيعة.
وهذه العلاقة ليست وليدة اليوم، وإن كانت قد وصلت إلى ذروتها عندما زار الجميّل نصر الله عقب اغتيال نجله بيار لشكره على التعزية. وبعد ذلك الاجتماع، حظى الجميّل، وبناء على طلبه، بمعاملة خاصّة، إذ كلّف نصر الله ممثلاً عنه التواصل المباشر معه. وبعد هذا اللقاء، جرت اجتماعات بين الطرفين ناقشا فيها الأزمة اللبنانية من موقف اختلافهما السياسي، دون أن يؤدي الأمر إلى خلاف. ومرّت العلاقة بمرحلتين سيئتين، عندما زار الجميّل واشنطن وتحدّث عن «دولة ضمن الدولة»، وخلال انتخابات المتن الفرعيّة، إذ راحت الكتائب تهاجم التفاهم بين التيّار الوطني الحرّ وحزب الله.
ولكن عندما هاجم الجميّل نصر الله بشخصه وليس بنقد سياسي لخطابه، بادله حزب الله هجوماً مركّزاً تولّته قناة المنار والنائب حسن فضل الله. ويشير بعض المراقبين إلى أن سبب هذا الهجوم القاسي أن حزب الله وضع انتقاد الجميل للسيد في سياق حملة أميركيّة ـــ إسرائيليّة ـــ لبنانيّة غايتها النيل من أمينه العام وتصفيته جسدياً.
ويروي أحد الأعضاء السابقين في المكتب السياسي لحزب الكتائب، والذي كان ضمن الفريق الذي عمل على العلاقة بين الكتائب والتيار وحزب الله، منذ عاد الوزير بيار الجميّل إلى الحزب، أنه في «كل مرّة كنّا نصل فيها إلى تفاهم مع أي من الفريقين، كنّا نسمع خطاباً استفزازياً من أحد «الجميليين» بيار أو أمين».
ويردّ سبب هذه الخطابات إلى «انزعاج بعض الحلفاء في 14 آذار». ويضيف عضو المكتب السياسي «كنّا نبرّر الأمر للتيّار وحزب الله، بانزعاج الحلفاء، ثم نكرّر المحاولة، ويتكرّر الإفشال، إلى أن سحبنا أيدينا من هذين الملفّين». وبعد اغتيال وزير الصناعة، زار والده نصر الله دون أن ينسّق مع أعضاء المكتب السياسي الذين كانوا يعملون على هذا الخط، وتكرّر الأمر مع العماد ميشال عون.
ويربط عدد من الناشطين الكتائبيين علاقة رئيسهم الأعلى بحزب الله بعاملين: الأول هو حلفاؤه في 14 آذار والأميركيون، والثاني طرأ بعد اغتيال نجله بيار، وهو نجله الأصغر سامي.
في العامل الأول، يقول أحد العارفين بأمور الكتائب أن أحداً همس في أذن الجميّل بعد الاغتيال قائلاً: «حظوظك بالرئاسة ارتفعت». فجال على المراجع اللبنانيّة، بينما كان لا يزال يتقبّل التعازي. وعندما حُدّد موعد الانتخابات الفرعيّة، وضعه حلفاؤه في «بوز المدفع». ويتكرّر الأمر اليوم دون أن يتعلّم الدرس، حسب ما يقول الكتائبي، إذ يأتي هجومه على نصر الله لأن أحدهم همس له بإمكان أن يلعب دوراً أكبر إن هو هاجم حزب الله. ويترافق هذا الأمر مع تصعيد 14 آذار ضد الحزب، وهو تصعيد يتفاوت بحسب تفاوت حجم الوعود الأميركيّة.
أمّا العامل الثاني فهو سامي الجميّل، الذي سعى بدايةً إلى فتح قنوات اتصال مع حزب الله، ونجح، ثم عاد وأسس لشعبيّته على قاعدة الرفض المطلق للمقاومة، وذهب بالأمر إلى اتهام كل مسيحي على علاقة بالحزب بأنه خائن، وكان قد ناشد العونيين قطع علاقتهم بالحزب.