رضوان مرتضى
لدى مروره في محلة وطى المصيطبة ـــ الكولا، اعترض طريق عدنان شمص مجموعة أشخاص، وروى شهود عيان أن هؤلاء أطلقوا النار عليه، أصابوه فوقع أرضاً، «وانهالوا عليه بالضرب والطعن حتى لفظ أنفاسه الأخيرة». مرّت سنة على الحادث ولم يصدر بعد قرار اتهامي قضائي رغم توقيف مشتبهاً فيه

عام مضى على رحيل الشاب عدنان شمص، الذي قُتل في منطقة وطى المصيطبة، باليوم الذي وقع فيه ما يعرف بـ«أحداث الجامعة العربية»، وسمّوه الخميس الأسود. حينها أُلقي القبض على الشاب راغب ا. من التابعية السورية، الذي اعترف بأنه أقدم على قتل عدنان شمص دفاعاً عن نفسه برشاش حربي (كلاشينكوف)، أثناء هجوم شمص على المنطقة على متن دراجته النارية وقيامه بإطلاق النار على السكان من السلاح الحربي الذي كان يحمله.
هذا ما كشفته التحقيقات حينها، إلا أن أشقاء القتيل الخمسة رفضوا التسليم باعتراف الشاب السوري، وتشككوا في التحقيقات، مشيرين إلى أنه دُفعت رشوى له، بالإضافة إلى أنه أثناء اعترافه وتمثيله الجريمة قال إنه أطلق النار على أخيهم من الأمام فسقط أرضا، وبعد ذلك لم يقترب منه أحد. بينما تقرير الطبيب الشرعي د.كيفورك كومبه جيان يشير إلى أن الرصاصة قد دخلت من الخلف، كما ويثبت أن الشهيد قد تعرض لكدمات وضرب بآلات حادة تظهر من خلال الكسور والجروح الموجودة في الجثة، مما يدحض اعترافات راغب ا. بحسب أشقاء المغدور.
تقدم آل شمص آنذاك بواسطة وكيلهم المحامي بلال الحسيني، بادّعاء مباشر اتخذوا فيه صفة الادعاء الشخصي على 15 شخصاً أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت القاضي عبد الرحيم حمود. بجرم القتل عمداً والتعذيب الجسدي والتمثيل بالجثة وتأليف العصابات المسلّحة وإثارة الفتن الطائفية.
وحتى الآن لا يزال أشقاء الشهيد يعتقدون بأن اعتراف راغب ا. هو مقابل وعود ومنافع، وهذا الاعتراف، بنظرهم، «ملفّق وكاذب لتبرئة ساحة القتلة»، وهم يعلمون تمام العلم بتفاصيل القتل والأشخاص الذين اشتركوا في الجريمة. لذا، «لن يهدأ لهم بال قبل تطبيق العدالة وكشف ملابسات الجريمة والاقتصاص من المجرمين قضائياً».
وقد ذكر ذوو الشهيد من آل شمص أن راغب ا. وهو عامل في محل لبيع الزيوت لدى بهاء ش. قد دُفع له مبلغ 20000$ من الأشخاص الذين نفذوا الجريمة، كما وُعد راغب بأنه لن يعدم، بل سيُخلى سبيله بعد سنة على الأكثر، لأنهم سيتدخلون في طريقة إدارة التحقيق حيث ستكون القضية دفاعاً عن النفس.
في المقابل يرى وكيل آل شمص، المحامي بلال الحسيني، أن هناك هفوات، إن لناحية تقرير الطبيب الشرعي أو لناحية سير التحقيق. فالتقرير الطبي أغفل طلقة نارية كانت موجودة في القدم وجدها أشقاؤه أثناء تغسيله، كما أغفل التقرير إصابة الكتف اليمنى بآلة حادة، وهذه الإصابة ظاهرة في صور الجثة. ويرى الحسيني أن التقرير يفتقر إلى الدقة، فهو لم يحدد عيار الطلقة ولا المسافة التي أُطلقت منها. أما من ناحية التحقيق، فيرى أنه كان هناك مماطلة من حيث المباشرة فيه، ويذكر «أن فصيلة الروشة التي تسلّمت التحقيق في القضية لم توقف أي شخص خلال التحقيق الأوّلي، لماذا؟». ويشير إلى أن هذه الفصيلة كانت تراجع النائب العام الاستئنافي في بيروت على اعتبار أن القضية من اختصاص القضاء العادي. فلماذا انتقل الملف بعد حوالى أسبوع إلى المحكمة العسكرية. كما يجزم الحسيني بأن اعترافات الشاب السوري كاذبة، ويرى أن رئيس الحزب الذي يملك نفوذاً في منطقة وقوع الجريمة اعترف بأن رجاله كانوا موجودين لحظة وقوع الجريمة، وقال إن القتيل كان يحمل سلاحاً، سلّمه رجاله في اليوم التالي، فهل من المعقول أن يُقدم سوريٌ على التدخل ومعظم شباب المنطقة موجودون. ويذكر أنه في التحقيق لم يُستدعَ أي من إخوة القتيل، ويرى سبب تأخّر صدور قرار حتى اللحظة هو التدخلات السياسية الشديدة التي كانت قد مورست في التحقيقات الأوّلية. ويلخّص المحامي آخر تطورات القضية، بأن وكيل المدّعى عليهم قد تقدم بدفع شكلي يطالب فيه باعتبار عدم اختصاص القضاء العدلي بالقضية، لافتاً إلى أن القضية تنتظر رد النيابة العامة منذ حوالى الشهر كي يبتّها قاضي التحقيق في بيروت القاضي عبد الرحيم حمود، لذلك تأجلّت جلسة كانت مقررة في 18/1/2008 لأن الرد لم يأت بعد.
عدنان شمص، الأخ الأصغر بين ستة إخوة، وهو من مواليد 78، متأهل وله ولدان، نانسي وحسن، رُزقت زوجته رانيا فرشوخ التي كانت حاملاً يوم مقتله بصبي سمّته على اسم أبيه، عدنان.
روى شاهد عيان كان موجوداً وقت وقوع الجريمة لـ«الأخبار» تفاصيل مشاهداته، ويشرح لماذا يعتقد بأن الموقوف ليس الجاني، فيقول إن عدنان الذي خرج من منزله بعد الساعة الثالثة والنصف متوجهاً إلى مدرسة عمر فرّوخ، قرب الجامعة العربية، لكي يُحضر أبناء أخيه، وسلك الطريق من جهة سوبر ماركت «سبينس» مقابل محطة الزهيري لكي يلتف من هناك إلى الشارع الذي يؤدي إلى المدرسة، فصادف مروره وجود تجمع لشباب طلبوا منه التوقف فلم يستجب لهم، فأطلقوا عليه النار وأصابوه في قدمه، ثم سحبوه وبدأوا بركله وضربه بالسكاكين، بعد ذلك سحبوه إلى كاراج قرب مبنى خالد شهاب، وهناك أطلقوا عليه الرصاصة التي أودت بحياته، بعد ذلك جرّوه إلى مكبّ النفايات ورموه هناك.
من جهة أخرى، يروي شاهد عيان آخر، يقول إنه كان في المنطقة أثناء وقوع الحادثة، أن المغدور كان مسلّحاً، وأنه أطلق النار باتجاه الشباب الذين اضطروا إلى الردّ عليه بالمثل فأُصيب. ويكمل الشاهد أن الشباب حاولوا نقل شمص المصاب، والذي كان قد أُغمي عليه، إلى المستشفى، لكن حال الإرباك والفوضى منعتهم. فالمنطقة كانت تعيش حالاً من التوتر الشديد بسبب صدامات واشتباكات الجامعة العربية، والتي تزامنت مع الحادثة.
وتذكر إحدى السيدات من آل شمص أن هناك شخصاً يدعى ج.ر كان بحوزته هاتف ومحفظة عدنان شمص، وأنه عندما تأخر الوقت ولم يأت عدنان، حاول ذووه الاتصال به عدة مرات، لكن لم يُجب أحد. وبعد تكرار المحاولات، رد عليهم الشخص المذكور، وأخبرهم بأن أخوهم تعرّض للضرب، ونُقل على أثره إلى المستشفى. وذكرت أن هذا الشخص هو من بين الأشخاص الذين جرى الادّعاء عليهم على اعتبار أنه إن لم يكن قد شارك، فمن المحتمل أنه شاهد ما جرى.