لم تشبه ضاحية بيروت الجنوبية نفسها أمس. لا فانات وسيارات عمومية تتزاحم، ولا تلامذة يتحضّرون لمدارسهم، فالجميع هنا التزم الإضراب الذي دعت إليه الهيئات العمّالية. أقفلت الضاحية وأقفلت معها المدارس أبوابها، فغاب التلامذة والأساتذة عن صفوفهم، رغم قرار وزير التربية والتعليم العالي الدكتور خالد قباني باعتبار يوم أمس يوم دراسة طبيعياً. إلا أنّ قراره لم يدخل حيّز التنفيذ، إذ امتنع أصحاب الباصات الخاصّة أيضاً عن نقل التلامذة، ما أجبر المدارس التي فتحت أبوابها على الإقفال، ومن أصرّ من المدارس على متابعة الدراسة بشكلٍ عادي، فوجئ بالعدد القليل من الطلّاب، لم يتجاوز 20%.ولفت رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي في لبنان حنّا غريب إلى «أنّ تعطيل الدروس كان شاملاً وعامّاً في أغلب المناطق اللبنانيّة، وإن كانت الضاحية قد التزمت أكثر من سواها». وفي المعاهد المهنيّة، كان الوضع مشابهاً، إذ أشار رئيس رابطة التعليم المهني محمّد شعيتاني إلى «أنّ حوالى 95% من المعاهد شهدت إقفالاً شبه تام، رغم أنّ هيئة التنسيق الإداريّة لم تتّخذ قراراً بتعطيل الدروس». وفي المدينة الجامعية في الحدث كان الوضع مختلفاً عمّا صوّرته بعض وسائل الإعلام، فبدت كل الكليات خالية إلا من بعض الطلاب الذين حضروا بناءً على نصيحة الإدارة. وفي كلّية الحقوق والعلوم السياسية، حضر أعضاء مجلس طلّاب الفرع وحدهم. وكذلك الأمر في باقي كلّيات المجمّع التي سادها الهدوء. فيما بدا الوضع في فروع الجامعة اللبنانية الثانية أكثر مرونة، فاستمرّت الدروس بشكل طبيعي وحضر كل الأساتذة، رغم غياب عدد من الطلاب، ولا سيّما في كلية الإعلام والتوثيق. ولفت أحد الطلّاب في كلّية العلوم إلى «أنّ وسائل النقل هنا، لم تلتزم الإضراب، فلم يواجه الطلاب مشكلة في الحضور إلى الكلية، باستثناء بعض الخائفين من مشاكل أمنية».
بعيداً عن الضاحية الجنوبيّة ومدارسها والجامعة اللبنانيّة، لم يأخذ الإضراب مداه في بيروت الأخرى وباقي المناطق، فاتّخذ التعطيل طابعاً سياسيّاً، كما الأوضاع العامّة في لبنان، فكان شبه تام في المناطق التي يسيطر عليها «المعارضون»، وعادّياً أو شبه طبيعي في مناطق «الموالاة»، التي شهدت رغم ذلك غياباً كبيراً للطلاب خشية وقوع حوادث أمنية.
أما الجامعات الخاصّة، فلم تتأثّر بالوضع، وإن كان جوّ المنطقة السياسي أو انتماءات طلّابها قد حدّدا القرار. ففي جامعة الآداب والعلوم والتكنولوجيا «AUL»، تنوّعت الروايات بين الطلّاب ومسؤولي الأمن في الجامعة، وإن كان المشهد العام كافياً في حدّ ذاته لتأييد الرواية الأولى، فإذ أشار «الأمن» إلى أنّ العدد تجاوز 50%، أصدرت إدارة الجامعة، من جهةٍ ثانية، بياناً أعلنت فيه توقيف الدروس والامتحانات بسبب الغياب اللافت للطلّاب، حيث لم يتجاوز عدد الموجودين في الحرم 3%.
أمّا في الجامعة اللبنانيّة الأميركيّة «LAU» فكان الوضع مناقضاً، طلّاب «بالجملة» وأساتذة أيضاً، لم يتغيّب منهم أحد، وإن كان لا بدّ من بعض الغياب، فاقتصر على 2 أو 3% من المجموع العام. وفي الجامعة الأميركيّة في بيروت، لم يختلف الأمر كثيراً عن اللبنانيّة الأميركيّة، التي شهدت منذ الصباح الباكر «طفرة» في أعداد الطلّاب الحاضرين.
وفي صيدا، كان الغياب متفاوتاً بين مدرسة وأخرى بحسب المناطق، فيما كانت الجامعات شبه مقفلة، نظراً لأن معظم طلّابها يأتون من مناطق بعيدة عن المدينة. والحال نفسه في صور على مستوى المدارس، حيث حظيت بعضها بيوم دراسي عادي، فيما بعضها الآخر لم تكتمل صفوفه. أما المدارس الخاصة في المدينة فلم تتأثر بالإضراب بشكل عام. والجامعة اللبنانية أيضاً كانت خالية من طلاّبها، وكذلك الجامعة الإسلامية، أمّا الحضور فاقتصر على بعض المعاهد الخاصة في المدينة.
وفي جبيل وطرابلس، كان الوضع متشابهاً، حيث كانت الحركة عادية ولم تتأثر المدارس أو الجامعات بالوضع العام، باستثناء بعض كليات الجامعة اللبنانية في طرابلس التي غاب جزء قليل من طلابها الذين يسكنون في مناطق بعيدة عنها نسبياً، فيما شهد «الجبل» يوماً عادياً، باستثناء كيفون ومجدل بعنا، وخصوصاً أنّ الأولى يسيطر عليها حزب الله والثانية تابعة للحزب السوري القومي
الاجتماعي.
أمّا في البقاع، فتفاوت الجو العام من منطقة إلى خرى، إذ حظيت مدارس قب الياس وجديتا بيوم دراسي عادي، في الوقت الذي أقفلت فيه بعض مدارس زحلة والجوار أبوابها بسبب عدم حضور التلامذة وامتناع أصحاب السيارات العموميّة والخاصّة عن نقل البعض منهم. والجامعات أيضاً لم تسلم من تبعات الإضراب، فتأرجحت في معظمها بين الإقفال التام كما في الجامعة اللبنانيّة الدوليّة «LIU» وكلية الآداب في الجامعة اللبنانية، وشبه تام في باقي الجامعات.
(الأخبار)