طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
تجنّبت القوى السّياسية المعنية بانتخاب مفتٍ لطرابلس والشّمال في الجلسة المرتقبة يوم الأحد المقبل خوض معركة في ما بينها، وتوصّلت بعد طول تشاور ومراجعة، مباشرة وبالواسطة، إلى التوافق على تزكية رئيس محكمة طرابلس الشّرعية الشيخ مالك الشعّار للمنصب، واضعةً بذلك حدّاً لكثير من الهواجس التي أبداها أكثر من طرف من أن يؤدّي تعثر التوافق إلى خوض هذه القوى معركة كسر عظم، مع ما ستتركه من آثار على المفتي المقبل، الذي سيصل إلى منصبه مهشّماً ومثخناً بجروح الخلافات السّياسية.
وأرخى التوافق الذي خرج دخانه الأبيض مساء أمس من قريطم، جوّاً من الارتياح، وخصوصاً أنّ الشعّار سبق أن حظي بدعم مسبّق من الرئيس عمر كرامي وسائر قوى المعارضة، ليضيف إليه الدعم الذي تلقاه من لقاء قريطم الذي عُقد بدعوة من النائب سعد الحريري، وحضره الرئيس نجيب ميقاتي، والوزيران محمد الصفدي وأحمد فتفت، والنواب سمير الجسر ومحمد كبّارة ومصطفى علوش وهاشم علم الدين وقاسم عبد العزيز.
وإذ رأى كل طراف أنّ تزكية الشعّار مثّلت انتصاراً له، وإنْ بنسب متفاوتة، فإنّ ذلك يعكس مكانته، من غير أنْ يلغي وجود «فيتوات» عليه، ولأسباب متعددة، من جانب مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني وبعض أقطاب تيّار المستقبل في الشّمال، الذين «لم يستطيعوا منع حصول التوافق عليه، ورأوا أنّ تزكية الشعّار خسارة لهم وللتيّار بالنقاط»، فلجأوا إلى خيارات بديلة للتعبير عن استيائهم، تمثّلت في البيان الذي أصدرته أمس كتلة علماء طرابلس، وأعلنت فيه استمرار دعمها لترشيح إمام المسجد الحميدي المنفرد الشيخ وليد علوش، ولعلّ ذلك ما دفع الرئيس ميقاتي إلى زيارة المفتي قبّاني على عجل، من أجل «وضع حدّ سريع لمحاولة عرقلة التوافق الذي تمّ التوصل إليه»، و«لإطلاعه على كلّ المشاورات التي جرت، والتي انطلقت من أولوية وحدة الصفّ في هذه الظروف الدقيقة».
النّائب علوش قال إنّ التوافق على الشعّار كانت غايته «تأمين أكبر قدر من التوافق على المفتي المقبل، وإتاحة الظّروف الممكنة أمامه للنجاح». وأوضح أنّ تيّار المستقبل اقترح على المفتي قبّاني «إدخال تعديلات على الهيئة الناخبة، كي تمثل أكبر قدر من الفاعليات السنّية في المجتمع المدني».
بدوره، أكّد النائب علم الدين حصول التوافق على الشعّار، و«قرأ الجميع الفاتحة على نية التوفيق»، موضحاً أنّ التواصل مع المعارضة وكرامي «ليس عائقاً في هذا المجال، ونأمل أن يتمّ التواصل دائماً من أجل المصلحة العامة ومصلحة الطائفة».
أمّا عضو اللقاء الوطني، خلدون الشريف، فأعرب عن ارتياحه لأن موضوع الإفتاء قد حُسم لمصلحة الشعار، فـ«شخصيته تليق بالمقام لأنّه قريب من الجميع، وغير مرتبط بأحد في السّياسة».
ورأى الشّريف أنّ التوافق على الشعّار هو «توافق إيجابي»، مشدّداً على أنّ سائر المرشحين «فيهم الخير والبركة، ولديهم ما يكفي من العلم والهيبة، لكن عليك أن تختار مرشحاً واحداً يجب أن تتوافر لديه مميزات قد يتقدم بها بالنّقاط على منافسيه، وهذا لا يقلّل من شأن الآخرين الذين بينهم من لا يزالون في مطلع شبابهم، ومستقبلهم أمامهم».