فداء عيتاني
نجح إضراب نقابات النقل والمزارعين جزئياً بفضل عامل لم يكن ضمن العمل النقابي أصلاً، ألا وهو الخوف، الحالة التي انتشرت في الاعوام الاخيرة، والتي تدفع الناس الى البقاء في منازلهم تحسباً من أعمال عنف بين الفئات المختلفة، وبما أن الاكثرية أشاعت أن النقابات تقوم بتنفيذ بروفة لمصلحة المعارضة، احتكم الناس الى المنطق واستنتجوا أن الاكثرية ربما احتكت مباشرة بالمعارضة كما حصل العام الماضي، فاحتفظوا بالجانب الآمن والتزموا منازلهم.
النجاح الجزئي هذا هو أكثر ما يمكن أن تطمح إليه النقابات بحلتها اليوم، فقد تكفلت الحكومات في التسعينيات بمعاونة الأحزاب والقوى الوطنية والتقدمية والاشتراكية، تفكيك النقابات وإعلان إفلاسها، وضرب كل ما بقي لها من صدقية أمام من تمثّلهم، وبيعت النقابات قطعاً الى الحكومة وقوى رأس المال التي اجتاحت البلاد، وأصبح شعار النقابات في تظاهراتها يشبه شعارات الطلاب في الستينيات، ونسيت القضايا المطلبية المباشرة، وما لم يتم بيعه منها الى السلطة رُبط بمخابرات الجيش اللبناني أو السوري.
ليس غريباً أن ينجح الإضراب بفعل الخوف. فما الذي بقي غيره للحركة النقابية؟