جزّين ـ مريانا نصر
يعاني الطلّاب الجامعيّون في منطقة جزّين أزمتين، أولاهما عدم توافر فروع للجامعات اللبنانيّة الخاصّة في منطقتهم، وثانيتهما قلّة وسائل النقل التي تنقلهم إلى أقرب الفروع في المناطق المجاورة

الحال ذاتها في كلّ يوم في جزّين، 70 طالباً جامعيّاً لا يجدون في منطقتهم جامعة توفّر عليهم عناء التنقّل وقطع مسافات طويلة لا تقلّ عن خمسين كيلومتراً ذهاباً وإياباًً، بحثاً عن أقرب فرع لها في مدن أخرى، ويتهيّأ هؤلاء الطلّاب منذ الصباح الباكر للذهاب إلى مدينة صيدا، حيث بعض الجامعات، ومع أنّ دوام الغالبيّة منهم يبدأ بعد الظهر، إلاّ أنّ خوفهم من عدم إيجاد وسيلة نقل في الوقت المحدّد، يدفعهم إلى الانتظار ساعات في حرم الجامعة، على البقاء في جزّين من دون دراسة.
الطالب جوزف فركوح، لم يختلف الوضع عليه كثيراً رغم صعوبته، فقد اعتاد الخروج من جزّين منذ دراسته الثانويّة التي قضاها في معهد دير سيّدة مشموشة، لكن ما يعوقه اليوم أنّ المسافة التي يجتازها الآن تفوق ما كان يجتازه إلى معهد الدير «مسافة وتكاليف». وهي ليست مشكلته وحده، إذ إنّ ثلاثة عشر طالباً آخر من جزّين يقطعون المسافة نفسها في كلّ يوم إلى جامعة الـAUST في صيدا، ويستخدمون لهذه الغاية الباص لكونه الوسيلة الأكثر توافراً، إضافة إلى «الفانات» الصغيرة وسيارات الأجرة في بعض الأوقات. وثمّة من لا يجد وسيلة للنقل، وخصوصاً أنّ أوقات معظم وسائل النقل غير محدّدة، فيضطرّون إلى قطع المسافة سيراً على الأقدام للوصول إلى منازلهم.
أمّا بالنسبة إلى الطالب في المعهد الجامعي التكنولوجي جورج مبارك، فتختلف وسائل النقل التي يستقلّها تبعاً لدوامه اليومي، إذ يغادر صباحاً إلى الجامعة مع الأقارب المتوجّهين نحو صيدا. وإذا كانت مقرّراته ظهراً فيستقلّ الباص الذي يمر في بلدته روم نحو ساحة النجمة في صيدا، ثم يستقلّ سيارة أجرة نحو الجامعة، وفي طريق العودة يمشي جورج حوالى ربع ساعة نحو مستشفى إيليا، «لأنّ مصروفي لا يكفي لأستقلّ سيّارة أجرة إلى موقف الباصات، فيما أنتظر نصف ساعة أخرى في الموقف حتى يأتي الفرج».
وتضطرّ الطالبة في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا أنطوانيت الحاج إلى المشي نحو نصف ساعة من البلدة إلى نقطة مرور الباص، تضاف إليها ساعة ونصف ساعة في الباص لتصل إلى الجامعة، و«زيادة التسعيرة من مكان إقامتي إلى ساحة النجمة من 1500 ليرة إلى 1750». ولا تقف المشاكل عند هذا الحد، إذ يعترض الطلّاب عدد آخر منها، فإلى جانب غلاء النقل، الذي تصل كلفته إلى حوالى 120 ألف ليرة لبنانيّة في الشهر «أي ما يقارب نصف الحدّ الأدنى للأجور»، تلفت الحاج إلى «أنّ الطقس أيضاً يمنعنا في غالبيّة الأوقات من حضور مقرّراتنا، فيؤدي تساقط الثلوج والجليد الى تأخير وصولنا في الأوقات المحدّدة، ونضطر إلى توضيح أسباب التأخير أمام الإدارة لأنّ الحضور إلزامي في الجامعة، وإلى تصوير المقرّرات من أجل شرحها في وقت لاحق».
وأمام هذا الواقع المأساوي، يناشد الطلّاب المعنيون بتخصيص وسائل نقل لهم بأسعار مخفوضة تقلهم مباشرة من بلداتهم إلى جامعاتهم وبالعكس، إضافة إلى إنشاء محطّة في الموقف تحميهم من البرد والمطر، ويطالبون من جهة ثانية، في حال عدم تأمين باصات جديدة، بأن تولي الدولة اهتماماً أكثر لسلامة وسائل النقل المتوافرة التي تعاني بمعظمها حالة مزرية، لا توافق شروط السير وغير صالحة للنقل. وفيما يجد معظم الطلّاب صعوبة في تحقيق مطالبهم، فإنّ ذلك لم يمنعهم من الحلم على الأقل بإنشاء فروع للجامعة في قضاء جزين توفّر عليهم عناء التنقّل مرّات عدّة للوصول إلى أحد فروع الجامعات في المناطق القريبة، وكذلك تأمين فرص العمل للطلّاب من أجل الحدّ من النزوح، وخصوصاً أنّه لم يبق كثير منهم في المنطقة، بعدما اضطرّوا إلى المغادرة إلى العاصمة من أجل إكمال الدراسة، منذ فترات طويلة بسبب حالة «الحصار» التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي آنذاك، ولم يعودوا حتّى الآن لكون المنطقة لا تزال تعاني الإهمال وقلّة فرص العمل.