عمر نشابة
تتعالى أصوات سياسيين وصحافيين وحتى أمنيين بعد كلّ جريمة اغتيال أو هجوم إرهابي أو إطلاق نار على مواطنين، لتتّهم بشكل مباشر أحياناً وغير مباشر أحياناً أخرى جهات داخلية أو دول عربية وغير عربية بارتكابها أو التحريض عليها. ويخلق ذلك مشكلة تؤثّر سلباً على مسار العدالة وعلى المناخ السياسي العام، فيزيد التشنجات ويشجّع التعبئة الطائفية والمذهبية والمناطقية وحتى العنصرية بين الأطراف الداخلية المتواجهة. وفي هذا الإطار فإن كلام بعض الأطراف عن أن الاتهامات الموجّهة هي سياسية وليست مبنية على وقائع جنائية لا يبرّرها ولا يخفّف من سلبية تداعياتها. إن استباق نتائج التحقيقات الجنائية واستباق صدور القرارات القضائية الاتهامية يُعد تجنّياً على أسس العدالة التي تقتضي اعتبار كلّ شخص بريئاً حتى تثبت إدانته أمام المحكمة العادلة التي تضمن له حقّ الدفاع وحقّ استئناف الحكم.
ير اليوم جزء من اللبنانيين أن النظام السوري هو المسؤول عن الاغتيالات وأعمال العنف والهجمات الإرهابية، بينما يشكّ البعض الآخر من المواطنين في ذلك. وكما يتّهم البعض البعض الآخر بالعمالة لسوريا يتهم البعض البعض الآخر بالعمالة للولايات المتحدة. ألا يستدعي ذلك الكفّ أو حتى التراجع عن الاتهامات المسبّقة في القضايا الجنائية وترك الأمر للسلطات القضائية المختصّة حتى لا تُنتهك أصول العدالة بغضّ النظر عن المواقف السياسية من الولايات المتحدة ومن سوريا؟
إن اتهام «حلفاء سوريا» في لبنان بحماية «القاتل السوري» يدفع البلاد نحو مزيد من الانقسام، ويزيد من العقبات التي تعترض التحقيقات الجنائية التي تتطلّب تعاون الجميع. لكن رغم ذلك يستمرّ بعض السياسيين، ومن بينهم وزراء في الحكومة الحالية ونواب، بإطلاق الاتهامات دون الاستناد الى قرارات أو معطيات رسمية قضائية. هل بهذه الطريقة المعادية لشريحة واسعة من اللبنانيين يُفترض أن يتصرّف أعضاء في أعلى سلطة إجرائية؟