زحله ـ نقولا أبو رجيلي
ينتظر موظفو قصر عدل زحلة ما يحمله إليهم الصقيع الآتي في ظل التدفئة الخجولة الموجودة بالقصر، فيما يترقب عمال التنظيفات الحصول على أجورهم المقطوعة عنهم منذ شهرين

لم تتبدل الحال في قصر عدل زحلة منذ عام ونيف، بعدما كانت «الأخبار» قد تابعت أوضاع قصور العدل في جميع المناطق. ويمكن القول إن أوضاع قصر عدل زحلة تتردى أكثر فأكثر، وأقله على صعيد التدفئة ونظافة المبنى ومواقف السيارات.
فالقضاة والموظفون المدنيون والعسكريون يتابعون أعمالهم اليومية بين فترة وأخرى من دون تدفئة، إثر الأعطال التي تطرأ على أجهزة الدفع المركزية لتمديدات الشوفاج منذ بدء موسم الشتاء. وفي السياق، فقد نقلت مصادر القصر لـ«الأخبار» أن بعض رؤساء الأجهزة الأمنية الموجودة بقصر العدل قد جهدوا منذ أسبوعين لتأمين إعادة إصلاح أجهزة الدفع المركزية لتمديدات الشوفاج التي تعطلت، وهذا ما حصل منذ أيام.
لكن السؤال يبقى إزاء حال القصر أثناء تعطل التدفئة المركزية فيه. فبما أن من غير المسموح تركيب وسائل تدفئة تعمل على المازوت، حفاظاً على نظافة الجدران من الداخل والخارج، ولكون الأجهزة الكهربائية التي تستخدم للتبريد والتدفئة لا تفي بالغرض أثناء موجات الصقيع التي تضرب البقاع (درجة الحرارة 3 درجات مئوية نهاراً و 10 تحت الصفر ليلاً) إلا أن الطرح الأخير المتمثل بالتدفئة الكهربائية يبقى حلاً «نفسياً»، عله يقنع النفوس بأن دفئاً ما يلج الأجساد. فلذلك يستعين بعض الموظفين بمدافئ كهربائية تساعدهم على متابعة أعمالهم حتى انتهاء الدوام الرسمي. أما ليلاً، فيُترك أمر المراكز الأمنية للعسكريين كي يتدبروا أمورهم تبعاً لمقولة «عسكري دبر راسك». وإسهاماً من بلدية زحلة لتخفيف وطأة المعاناة التي يعيشها أهل «القصر»، فقد قدمت لعدلية زحلة مولداً كهربائياً (تشرين الأول 2007) ليحل بديلاً من ساعات التقنين للتيار الكهربائي، وبالتالي يصبح التيار مؤمناً بصورة متواصلة ويتيح استمرار ما تيسر من التدفئة الكهربائية.
أما الطامّة، فهي عند عمال التنظيفات الذين لهم حكاية بطعم آخر. فهم يضطرون لاستخدام المياه الباردة يومياً أثناء تنظيف المبنى، ما يسبب لهم أمراض البرد، كالزكام والروماتيزم وغيرهما. إحدى العاملات تقول لـ«الأخبار» وهي تفرك يديها المرتجفتين: «منهرب من بيوتنا من البرد لنوفر المازوت، منلاقي الوضع بالعدلية أنحس، مثل اللي ناقل من تحت الدلفة لتحت المزراب... كرمال 250 ألف ليرة بالشهر، وما منقبضهن إلا بعد طلوع الروح». تضيف ممتنعة عن ذكر اسمها: «هذا الوضع ليس بجديد، ولا مرة قبضنا معاشاتنا آخر الشهر متل كل الناس، ولا نحصل عليه إلا كل شهرين أو ثلاثة أشهر بعد تدخل الرئيس الأول لدى المتعهد الذي نعمل له». وإن شكت العاملة من انتشار الأوساخ بمعظم الأحيان، فإن ذلك بسبب النقص وانقطاع مواد التنظيف، ما يضطر مكتب المحامين في قصر العدل إلى تأمينها أحياناً عدة. وناشدت باسم زميلاتها وزملائها وزير العدل شارل رزق والمعنيين في الوزارة التدخل لحل أزمة قصر العدل ومشكلة رواتبهم وتنظيم دفعها شهرياً.
بدورهم المحامون وروّاد المبنى، يشاطرون أهله المعاناة، إن كان من ناحية انتظارهم لانتهاء أعمالهم أو خلال حضورهم جلسات المحاكمة التي تفتقر قاعاتها إلى أي وسيلة تقي شر البرد القارس الذي يلف القصر برمته.
أما حال مواقف السيارات فلا تزال على حالها. سيارات القضاة تحشر أمام المدخل الرئيسي على مساحة 200 متر مربع بمحاذاة الطريق العام. ومن يحالفه الحظ من المحامين فقد يجد مكاناً لركن سيارته في الموقف المخصص لهم بمساحة لا تتجاوز 150 متراً مربعاً. أما الباقون، فليتدبروا أمورهم في المواقف الخاصة المحيطة بالمبنى، في حين أن المساحة الباقية حول المبنى من الناحيتين الغربية والشرقية تستخدم من المراكز الأمنية لركن السيارت العسكرية.
يشار إلى أن مبنى قصر العدل في زحلة يتألف من غرف للقضاة والموظفين وثلاث قاعات للمحاكم، أعلاها درجة محكمة الجنايات. وهناك أقسام خصّصت لمفرزة زحلة القضائية ومكتب مكافحة المخدّرات وفرع المعلومات ونظارة القصر التي لا تستوفي الحد الأدنى من الشروط والمواصفات الصحية المطلوبة. أضف اليها جناح في الطبقة الأرضية يشغله المحامون وصندوق دفع الغرامات القضائية ومكاتب لتعاونية موظفي الدولة. وهناك ملحق في الجهة الشرقية مؤلف من طبقتين، إضافة إلى الطبقة الأرضية التي يستخدمها مكتب الأدلة الجنائية.