strong>رندلى جبور
بين مصلحة الطالب الأكاديمية وأمنه، «لازم نمشي بين النقط» التي خرجت أول من أمس من أسلحة القناصة. فالساعات الثلاث التي فصلت قرار الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب مروان تابت في التاسعة مساءً بعدم الإقفال، والقرار الحكومي منتصف الليل بالحداد الوطني كانت كافية لالتزام المدارس التعطيل في مختلف المناطق.
فمن توجه صباحاً إلى المدرسة عاد مباشرةً إلى المنزل، ومن قرر عدم إرسال أولاده أصلاً «لأن أحداث الشياح مش مزحة» أسهم بجعل الصورة واحدة في كسروان والمتن والجبل والبقاع والشمال: شوارع صباحية خالية من «زمامير» الباصات وبوابات مقفلة على تخوف المديرين من «إذا صار شي مين يتحمل المسؤولية؟». أمّا الأطفال، ففرحون بيوم عطلة لم يكن في الحسبان وأهل يعلنون «صرنا خايفين نرسل ولادنا لأن الوضع خطير وما حدا بيعرف بين لحظة والتانية شو بيصير».
القرار بالإقفال أو عدمه أَصَدر عن الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية أم عن المراجع الرسمية في الدولة ليس هو الشرط دائماً للالتزام إنما الاتفاق يجري بين القيمين على المدارس أنفسهم. وفي هذا الإطار، يؤكد مدير مدرسة اللويزة الأب ناجي خليل «بدنا نحمي راسنا وراس الولاد». ولدى سؤاله عن إقفال المدرسة وعدم التزام قرار الأمين العام، قال: «شو مش عايشين بلبنان؟!، فالخطر على الطلاب كبير ولا يمكننا تحمل هذه المسؤولية، وخصوصاً أن لدينا باصات في المناطق التي حصلت فيها الأحداث الدامية».
وبين مستقبل الأولاد العلمي والحفاظ على أمنهم يكون الخيار في الوسط ولكن لا يمكن عزل المدارس عما يحصل في البلد، على حد تعبير المسؤول في مدرسة العائلة المقدسة في منطقتي الزلقا ومزرعة يشوع إيفانجيلي جيورجيو الذي أعطى الإقفال طابعين: التضامن مع الشهداء والاشتراك في الحداد من جهة والتخوف من الوضع من جهة ثانية. لكنه أكد أنّ يوم غد (اليوم) يوم دراسة عادي وسط أجواء تبدو طبيعية، فيما أبقى الأب خليل باب الاحتمالات مفتوحة «لأنو ما بتعرفي بكرا شو فيه».
مدرسة مار يوسف عينطورة التي يضعها أهالي الطلاب «في أسفل قائمة المقفلين»، التزمت الإقفال على رغم أن الوقت لم يكن كافياً لاستشارة المدارس الخاصة الأخرى، كما قال مدير المدرسة الأب جان صفير، الذي أكد أن الالتزام بالإقفال كان بعد إعلان رئيس الحكومة الحداد الوطني الذي تلى قرار الأب تابت.
إذاً كان الالتزام بالإقفال في المدارس الكاثوليكية شبه تام. فالخوف من استمرار تدهور الوضع الأمني والالتزام بقرار حكومي وعدم تحمل مسؤولية أي خطر يطاول الطلاب، أسباب كافية لتوحيد الصورة: بوابات العلم مقفلة على انفتاح أمني.
أمّا الأب تابت، فقد أعلن في حديث للوكالة الوطنية للإعلام أن يوم غد (اليوم) هو يوم تدريس عادي في المدارس الكاثوليكية.
في المقابل، فقد التزمت المدارس الخاصة والرسمية كلها في لبنان الإغلاق بعد قرار الحداد الوطني الصادر عن رئاسة الحكومة.
وقد أحدث قرار إقفال المدارس إرباكات مختلفة، ولا سيما أنه صدر متأخراً في الليل حيث توجه تلامذة وطلاب إلى مدارسهم وعادوا على أعقابهم إلى منازلهم في ظل طقس عاصف وماطر.
وفي النبطية ومنطقتها وصولاً إلى مرجعيون، أفادت مراسلة الأخبار كارولين صباح أنّ يوم أمس سجل اقفال تام للمدارس الرسمية والخاصة والجامعات. ولم يتوجه الطلاب إلى مؤسساتهم التربوية، لأن المنطقة محسوبة «على الجهات التي سقط منها الشهداء» فضلاً عن أن غالبية الطلاب وذويهم راعهم ما شاهدوه على شاشات التلفزة، من سقوط للضحايا والمصابين، ما أعاد بالذاكرة إلى بعض التظاهرات والاحتجاجات «السوداء» التي لم توفر حتى طلاب الجامعات، وخصوصاً ممن هم من أبناء الجنوب.