باريس ــ بسّام الطيارة
ليس الجديد بالنسبة إلى الدبلوماسية الفرنسية بيان اجتماع وزراء خارجية العرب عن الأزمة اللبنانية، ولا التكليف الجديد للأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى باستئناف مساعيه في بيروت، ولا حتى التكذيبات التي صدرت عن جهات عدة في شأن «عدم وجود لائحة مرشحين جدد» لرئاسة الجمهورية اللبنانية يكون تبادلها بين الدوحة وباريس، بل الجديد هو اندلاع العنف في بعض شوارع بيروت بالشكل «المخيف»، كما صرح أكثر من مقرّب من الملف اللبناني.
وقد دعت باريس على لسان الناطق المساعد باسم الخارجية فريديرك ديزانيو «جميع الأفرقاء اللبنانيين إلى الاعتدال وتحمل مسؤولياتهم»، وأكد دعم باريس «للسلطات اللبنانية الشرعية»، مشيراً في هذا المجال إلى «الحكومة والقوات المسلحة الضالعة في مهمتها الرامية إلى الحفاظ على استقرار لبنان».
وأعلن ديزانيو تعليقاً على الأحداث التي وقعت في الضاحية الجنوبية لبيروت وذهب ضحيتها ثمانية أشخاص وعدد من الجرحى، أن باريس تتابع هذه الأحداث بكثير من القلق، وقال: «نأسف لسقوط ضحايا جراء الأحداث، ونأمل كشف الملابسات والظروف الحقيقية لهذه الحوادث، وإلقاء الضوء على الظروف الدقيقة المحيطة بها»، مشدداً على أن «العودة إلى الهدوء أمر لا مفر منه لتسهيل إيجاد مخرج للأزمة السياسية».
ورداً على سؤال لـ«الأخبار» عن نتائج اجتماع وزراء الخارجية العرب والخطة الجديدة التي صدرت عنه، ذكّر ديزانيو بأن «فرنسا كانت قد أعلنت منذ البداية تأييدها الكامل للخطة التي أقرها بالإجماع الوزراء العرب» وأيدت جهود موسى لحل الأزمة اللبنانية. وأشار إلى أن اجتماع وزراء الخارجية في القاهرة أول من أمس «يظهر أن هذه الخطة والعناصر التي ترتكز عليها ما زالت صالحة أكثر من أي وقت مضى». وبعدما أكد تأييد نتائج الاجتماع، أشار إلى استعداد باريس «للتحرك بالتنسيق مع مختلف شركائها في إطار التزامها المستمر لتسهيل مخرج يتماشى مع الخطوط التي حددتها خطة الجامعة العربية».
وترى بعض الدوائر العربية في باريس التي تتابع الملف اللبناني «بعدما عاد هذا الملف إلى الحقل العربي» أن باريس تعيش اليوم فترة ترقب على أربع جبهات، الأولى تتعلق بالتطورات التي يمكن أن تحدث على الأرض في لبنان، إذ تتخوف الدبلوماسية من أن تخرج الأحداث عن السيطرة وتصل إلى مرحلة «العنف المدمر»، وهو ما سبق أن حذر منه وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير.
الجبهة الثانية ترتبط بنتائج مهمة موسى في بيروت التي لا «يمكن إلا أن تتقاطع في باريس»، ومن هنا بات من غير المستبعد أن «يخطف الأمين العام رجله إلى باريس» في الساعات المقبلة قبل توجهه إلى بيروت إلا إذا تكثفت المشاورات الهاتفية «بين الخليج وباريس مروراً بالقاهرة» كسباً للوقت. أما الجبهة الثالثة فهي فرنسية بحتة تتعلق بـ«تنظيم المرحلة المقبلة» في التعامل مع الملف اللبناني والأخذ بمختلف «وجهات النظر المتعددة والمتضاربة» التي تتأرجح ما بين «انفتاح على الخصوم أو اللحاق بالحلفاء». وكلا التكتيكين يمكن قراءته في الدبلوماسية الساركوزية الجديدة.