عمر نشابة
«ارقصوا على جثث القتلى، واندبوا وأهيلوا التراب على رؤوسكم فهذا دأبكم التاريخي، وهذه عاداتكم وتقاليدكم من أجل قلب الحقائق والكذب على المجتمع والتاريخ والناس أجمعين». هذا ما قاله مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو متوجّهاً الى قوى المعارضة ومناصريها في تصريح وزّعته الوكالة الوطنية للإعلام أمس. وأتى كلام الجوزو بعد ساعات من دفن عائلات من الضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب الشهداء الستة الذين سقطوا برصاص مجهول المصدر أثناء تظاهرة شعبية في منطقة مار مخايل أول من أمس. القانون والدستور يمنحان الجوزو الحقّ في التعبير عن رأيه، لكن هذا الحقّ مشروط بعدم إثارة النعرات وعدم القدح والذمّ. كلام الجوزو أثار غضب عدد كبير من المواطنين وهو مخالف للأصول وللقانون بحيث إنه يُعد استثارة للنعرات الطائفية والمذهبية، وخصوصاً المقطع الذي يتطرّق فيه الى العادات والتقاليد والتاريخ. فالمادة 317 من قانون العقوبات اللبناني تجرّم «كل عمل وكل كتابة وكل خطاب يقصد منها أو ينتج عنها إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة». وتضيف المادة نفسها أن من يقوم بهذه الأفعال «يعاقب بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات وبالغرامة من مئة ألف الى ثمانمئة ألف ليرة، وكذلك بالمنع من ممارسة الحقوق المذكورة في الفقرتين الثانية والرابعة من المادة الـ65». (الفقرة الثانية من المادة 65 تنصّ على «الحقّ في تولي الوظائف والخدمات في إدارة شؤون الطائفة»، أما الفقرة الرابعة فتنصّ على «الحقّ في أن يكون ناخباً أو منتخباً في جميع منظمات الطوائف والنقابات»). كذلك يُعد كلام الجوزو بمثابة قدح وذمّ عندما يتّهم المعارضة بـ«قلب الحقائق والكذب».
ويضيف الجوزو في تصريحه متوجّهاً الى قوى المعارضة: «لقد رفعتم شعار الشراكة وتضربون هذه الشراكة كل يوم بجرائم الاغتيالات التي يرتكبها من توالون في النظام السوري».
هذا المقطع من كلام مفتي جبل لبنان هو بمثابة استباق لنتائج التحقيقات الجنائية التي تقوم بها لجنة التحقيق الدولية المستقلّة والقضاء العدلي اللبناني في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وجرائم أخرى، حيث لم يصدر حتى اليوم أي قرار اتهامي أو ظني عن السلطات القضائية المختصّة. إن استباق نتائج التحقيقات عبر إطلاق الاتهامات يعد مساهمة في توتير العلاقات بين اللبنانيين عبر اتهام فريق منهم بالتحالف مع «مرتكب الجرائم» الذي لم تصدر بحقّه حتى اليوم إدانة قضائية.