149; نصر اللّه يشدّد على الإسراع في التحقيق ومحاسبة المسؤولين
بقيت الساحة الداخلية مشغولة بتداعيات
أحداث الأحد المشؤوم وانعكاسها على الوضع السياسي عموماً، والمبادرة العربية خصوصاً، مع اقتراب عودة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إلى بيروت في محاولة جديدة لحل الأزمة


توفّي مساء أمس أحد جرحى أحداث الضاحية الجنوبية الدامية، جهاد منذر، ليرتفع عدد الشهداء إلى سبعة، فيما لا تزال المعارضة تنتظر نتائج التحقيقات مع إصرارها على محاسبة المسؤولين عنها أياً كانوا، فيما ازدادت الشبهات حول ضلوع عناصر من «القوات اللبنانية» فيها والتي أقرّ رئيس هيئتها التنفيذية بتوقيف عدد من هؤلاء، لكنه عزا السبب إلى خلفيات أخرى.
وبانتظار حسم هذا الموضوع من خلال لجنتي التحقيق العسكرية والعسكرية القضائية، أكد قائد الجيش العماد ميشال سليمان خلال لقائه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أوّل من أمس، بعد تقديمه التعزية بالشهداء، «أن الجيش بدأ فعلاً بإجراء تحقيق جدي وشامل»، مشدداً على أنه «سيكون واضحاً وشفافاً ويحدد المسؤوليات بدقة»، بحسب بيان وزعه الحزب عن اللقاء الذي حضره أيضاً مدير المخابرات في الجيش العميد جورج خوري ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا.
وأشار البيان إلى أن نصر الله أكد بدوره أهمية إجراء تحقيق جدّي وسريع وكامل بعيداً عن الضغوط والتسييس، «لأن هذا التحقيق، وبعده محاسبة المسؤولين عن الجريمة أياً كانوا، هو الطريق الوحيد لإنصاف الشهداء والجرحى، وتسكين آلام عائلاتهم الشريفة، وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار والطمأنينة في البلد»، متمنياً «أن نرى هذه النتيجة الحاسمة خلال مدة زمنية قصيرة جداً».
من جهته، أكد نائب الأمين العام لحزب الله في الاحتفال السنوي الذي تقيمه الجمعية اللبنانية للأسرى والمحرَّرين «أننا نطالب بأربعة أمور مترابطة: أوّلاً، نريد تحقيقاً يصل إلى نتيجة، أي إنه يحدِّد الفاعلين والمجرمين والمختبئين والمتورِّطين. ثانياً، أن يحصل بأسرع وقت. ثالثاً، أن تُكشف الحقائق أمام الناس، رابعاً، سنتابع هذا الموضوع إلى النهاية، إلى جانب عوائل الشهداء والجرحى ولن نتركهم، فالقضية اليوم أصبحت تعنينا وتعني حركة أمل، حتى لو انطلقت التظاهرة دون أن يكون لنا ولحركة أمل أي علاقة بها»، محذراً من «أن لصبر الناس حدوداً».
وأكد أن «التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر ليس تفاهماً على موضوعات، وليس تفاهماً لزمان محدَّد، بل هو تفاهم استراتيجي صامد، ومن يقترب منه يكسر رأسه، وسيبقى التفاهم».
وحذر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، إثر اجتماعه الاستثنائي، أمس، برئاسة نائب رئيسه الشيخ عبد الأمير قبلان، «من خطورة ما حصل»، لافتاً إلى أن «المستقبل السياسي في البلاد بات مرهوناً بمستوى التعامل الجدي والمسؤول مع هذه الجريمة ومرتكبيها».
بدوره، أعرب «تكتّل التغيير والإصلاح», عن إعجابه وتقديره وتثمينه لمستوى الوعي والانضباط الذي تحلى به المواطنون على جانبي ما كان يُعرف بخط التماس، وهو ما أكد إيمانهم واقتناعهم وتمسكهم بالمبادئ الواردة في ورقة التفاهم الموقّعة بين التيار الوطني الحر وحزب الله» .
وأصدرت «القوات اللبنانية» بياناً اتهمت فيه بعض وسائل الإعلام بشن حملة «منظمة عليها ترافقت مع حملات سياسية شنّها بعض السياسيين المنتمين إلى قوى 8 آذار بهدف تشويه الحقائق وتزوير الوقائع المتعلقة بما شهده يوم الأحد الماضي» وقالت: «إن الموقوفين على ذمة التحقيق من أبناء عين الرمانة وسكانها عددهم ستة أشخاص فقط بينهم أحد عناصر الجمارك الذي كان يتجوّل بمسدسه الأميري في منطقة الشارع العريض البعيدة عن منطقة المواجهات في مار مخايل، في حين أن أياً من الخمسة الآخرين لم يكونوا مزودين بأي سلاح».

السنيورة حزين على «شهداء الواجب»من جهة أخرى، طلب السنيورة من الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة، اللواء يحيى رعد، «المبادرة فوراً إلى تحريك الأجهزة المختصة في الهيئة، والمبادرة إلى الاتصال بعائلات الشهداء الذين سقطوا جرّاء الإشكالات التي شهدتها مناطق الضاحية، وتفقّد أحوالهم والتعامل معهم على أن أبناءهم هم شهداء الواجب الوطني، وبالتالي تقديم كل العون والمواساة لهم».
وعبّر عن حزنه ولوعته لما جرى، ورأى أنه «لا يمكن تعويضه إلا بالتضامن والتكاتف وترك مؤسسة الجيش تقوم بالتحقيق وانتظار نتائجه.
من جهته، أقرّ رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، بعد لقائه السنيورة في السرايا بحضور وزير السياحة جو سركيس، بتوقيف عناصر من القوات اللبنانية وأشخاص آخرين من عين الرمانة، لكنه عزا السبب إلى مخالفات في أمر ما، ولا علاقة له بالأحداث.
بدوره، حذر السفير السعودي عبد العزيز خوجه بعد لقائه السنيورة من خطر أمني وسياسي على لبنان إذا لم يُنتخب العماد سليمان رئيساً للجمهورية في أسرع وقت ممكن». وأكد رداً على سؤال أن العلاقات السعودية ــــ السورية لا علاقة لها بالأمور الداخلية في لبنان.

برّي يسهم في تسهيل التحقيق

من ناحيته، تلقّى رئيس مجلس النواب نبيه بري سيلاً من الاتصالات وبرقيات التعزية بالشهداء، فيما نقل عنه الأمين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة، الذي زار عين التينة، تعهده أمام قائد الجيش بأن يسهم في التحقيق مع أي كان إذا ارتأت لجنة التحقيق وقيادة الجيش ذلك».
من جهة أخرى، وتعليقاً على اعتبار الرئيس السنيورة «شهداء يوم الأحد المشؤوم شهداء الواجب»، قال بري: «بعد تنبّهك اليوم نحو الشهداء، ليت الماضي لم يكن في سبيل الآتي، الذي كنت ولا أزال أعمل لأجله: الوحدة في الوطن».
وفي المواقف من الأحداث، دعا الرئيس نجيب ميقاتي، في حديث إلى قناة «الجزيرة» الفضائية إلى «إبعاد الجيش اللبناني عن التجاذبات السياسية، لأنه خشبة الخلاص الوحيدة الباقية لدى اللبنانيين».
في غضون ذلك، عمد مساء أمس عدد من الشبان إلى حرق إطارات مطاطية قرب سوق الخضر في محلة البسطا، وعلى الفور تدخلت القوى الأمنية وعملت على تفريقهم، وعمدت سيارة إطفاء الى إخماد الحريق، فيما قامت إحدى الجرافات بإزالة الإطارات وأعيد فتح الطريق.

موسكو تدعو إلى الوفاق

في غضون ذلك، واصل رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط زيارته لموسكو، والتقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في حضور النائب أكرم شهيّب. وذكر بيان لوزارة الخارجية الروسية أن لافروف أكد لجنبلاط «أن انتخاب رئيس جديد للبنان وفق خطة جامعة الدول العربية سيتيح مساعدة لبنان على الخروج من أزمته الداخلية»، ورأى أنه «يمكن الخروج من الأزمة السياسية الحادة في لبنان من خلال استعادة الوفاق الوطني، وإيجاد حلول وسط تراعي مصالح جميع القوى السياسية والإثنية في هذا البلد»، مؤكداً «عدم جواز التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبنان».
بدوره، شدد جنبلاط، في مقابلة مع قناة «العربية» من موسكو، «على أهمية انتخاب رئيس للبنان بأقصى سرعة، وتجنّب الخوض في التفاصيل في الوقت الراهن»، مضيفاً «أن علاقات طبيعية مع دمشق وانتخاب رئيس لبناني من شأنهما ضمان مستقبل لبنان».
وأوضح أن المحادثات مع لافروف ركزت على «أن العلاقات اللبنانية ــــ السورية يجب أن تكون إيجابية، بغض النظر عن موقفنا اليوم وبغض النظر عن هذا التوتر، يجب أن تكون إيجابية، لكن لا نستطيع أن نبقى في هذه الحالة من التوتر أو في حالة إما هم لا يريدون السماع بلبنان وإما نحن ندخل في حالة عداء دائم. لا بد من حل وسط، ولكن للوصول إلى هذا الحل لا بد من رئيس لكي نخرج إلى الحد الأدنى من المنطق».
وسبق هذا التصريح موقف لجنبلاط من سوريا رأى فيه أن ما تريده سوريا من خلال الفوضى في لبنان هو العودة إليه. ولفت إلى أن إيران تريد فرض نفسها على الساحة العربية والعالمية من خلال استخدام لبنان.
على صعيد آخر، أدان مجلس الأمن الدولي، أمس، في بيان صحافي قدمته فرنسا، اغتيال الرائد وسام عيد، معرباً عن تعاطف أعضاء المجلس الشديد وتعازيهم لأسر الضحايا وللحكومة اللبنانية، وشددوا على أنه من الأهمية بمكان أن يُجلب الفاعلون والمنظمون والراعون لهذه الجريمة النكراء إلى العدالة».