strong>طغت التجاذبات السياسية على غالبية النشاطات في الجامعات اللبنانية، فحرمت الطلاب من ممارسة حقوقهم الانتخابية ومن نيل مطالبهم الأكاديمية، وأسهمت تأثيراتها في إشعال الشرارة الأولى من الجامعة العربية لتمتد إلى باقي الجامعات، التي لم تستطع الإفلات من الإشكالات وحروب البيانات بين القوى الطلابية
نالت الأوضاع السياسية في البلاد من الحركة الطلابية في الجامعات اللبنانية والخاصة، فكانت انتخاباتها فاترة وصلت حد الإلغاء في بعضها، مقابل زيادة حدة التشنج السياسي الذي غزا معظم كلياتها.
ففي الجامعة اللبنانية، وجد «الرئيس» الدكتور زهير شكر أن لا مبرّر لإضافة صراعٍ آخر إلى الساحة السياسيّة، فأعلن في مذكّرة «طارئة»، حملت الرقم «2»، تعليق الانتخابات الطلّابية تحت حجّة «الظروف الدقيقة والأوضاع التي تمرّ بها البلاد». إلا أنّ مذكّرة شكر لم تنج من الانتقادات، وسرعان ما علت صرخات رؤساء مجالس فروع الطلّاب مستنكرةً ما يجري داخل كواليس رئاسة الجامعة، وتتالت الإشكالات وحروب البيانات في معظم الفروع، فانقسم الطلّاب بين مؤيّدٍ ومعارضٍ للقرار الجديد ومحايدٍ يبحث عن مطالب أكاديميّة يدافع عنها. وأمام هذه الانتقادات، تراجع شكر عن قراره بعد أقلّ من شهرين، معيداً إلى الطلّاب سلطة الاحتكام إلى صناديق الاقتراع مجدّداً. وإذا كان شكر قد أعاد النظر في قراره بناءً على المعارضة القاسية التي جوبه بها، فإن الطلّاب لم يتّخذوا قراراً حاسماً في ما يتعلّق بانتخاباتهم، فمرّت مذكّرة إعادة العمل بها مرور الكرام لدى معظم الفروع، التي لم تبادر إلى الآن لانتخاب مجالس فروع جديدة، ولا سيّما في الفروع الأولى، التي أرخى عزيمتها قرار قوى 14 آذار الطلّابية مقاطعة الاستحقاق الانتخابي. وفي «جردة» عامّة للفروع الخمسة، أظهرت النتائج أنّ الانتخابات لم تجر في معظمها، وقد وصلت حدّ الإلغاء في الفرع الرابع. أمّا في الفرع الأوّل، فقد شذّ معهد الفنون الجميلة عن باقي الكلّيات، حيث أُجريت الانتخابات فيه عقب تأجيلين، أتاحا في المرّة الثالثة الفوز للمستقلّين الذين تمكّنوا من حجز غالبيّة المقاعد، بعيداً عن قاعدة الموالاة والمعارضة. ونالت لائحة المعارضة مقاعد مجلس طلّاب الفرع الثالث في كلّية الهندسة في المجمّع الجامعي في الحدثوخلافاً للفرع الأوّل، فقد تمكّن طلّاب الفروع الثانية من انتخاب هيئاتهم في غالبيّة الكلّيات، ما عدا كلّية العلوم الاقتصاديّة وإدارة الأعمال ومعهد الفنون الجميلة بسبب الخلافات بين الطرفين الأبرز، التيّار الوطنيّ الحرّ والقوّات اللبنانيّة، وكلّيّتي الحقوق والآداب بسبب توافق «التيار» والقوات على تمديد عمل الهيئتين الطلابيّتين السابقتين. وفي الفرع الثالث، استطاع طلّاب كليّتي الصحّة العامّة والهندسة من إجراء الانتخابات.
أمّا في الفرع الخامس، فقد جرت الانتخابات في جميع الكليات، وفازت في غالبيتها المعارضة وحلفاؤها.
وفي الكلّيات الموحّدة، فاز تحالف المعارضة الذي يضمّ التيّار الوطني الحر وحزب الله بالتزكية في كلّية طبّ الأسنان، فيما حقّق التيّار الوطني الحرّ فوزاً ساحقاً في كلّية الزراعة. في المقابل، لم تجر الانتخابات في كليّات الطب العام والسياحة والفنادق والصيدلة والتربية، ما عدا اختصاصين فيها، هما التربية الموسيقيّة والتربية الرياضيّة، خرجا من دائرة الانتخابات السياسيّة، ليعلن ممثّلو القوى فيهما عدم تسييس الاستحقاق.
وبالنسبة إلى الجامعات الخاصة، فقد أرجأت الجامعة الأميركية انتخاباتها بسبب الاستحقاق الرئاسي حتى الحادي عشر من الجاري. وفيما اكتسح طلاب التيار الوطني الحر وحلفائه مقاعد الهيئة الطلابية في الجامعة الأنطونية، اكتسح طلاب قوى 14 آذار المجلس الطلابي في الجامعة اللبنانية الأميركية.
وقد علت أصوات طلاب بعض الجامعات الخاصة، احتجاجاً على لجوء الإدارات إلى استبدال المجالس الطلابية بلجان تُجاريها في القرارات، ولها صفة استشارية غير مؤثرة. فبعد حل الحكومة الطلابية في جامعة سيدة اللويزة، طالعت إدارة جامعة البلمند لجنة متابعة شؤون الطلاب باقتراح نظام تمثيلي جديد لم يراع، بحسب أعضاء اللجنة، التعديلات التي اقترحوها. من جهة ثانية، شهدت الجامعات مجموعة اعتصامات لأغراض مطلبية. فقد تحركت المجالس الطلّابية في كلّية الحقوق والعلوم السياسيّة في الجامعة اللبنانيّة، احتجاجاً على قرار إلغاء المواد وتعيين لجنة فاحصة مشتركة من كل الفروع تتولّى الإشراف عليها. وانتهى التحرّك بموافقة مجلس الوحدة في الكلّية على إبقاء مادّة شفهيّة واحدة في السنوات كلها، في قسمَي الحقوق والعلوم السياسيّة. من جهتهم، نفّذ طلاب كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال إضراباً تحذيرياً احتجاجاً على إلغاء الدورة الثانية للامتحانات، انتهى بالحفاظ على الدورة. وقد تحقق دخول طلاب الجامعة اللبنانية هذا العام إلى غرف السكن الطلابي في المدينة الجامعية في الحدث، لكن إدارة السكن بقيت لغزاً نظراً إلى تضارب الصلاحيات.
أما طلاب الجامعة الأميركية فاعتصموا مطالبين بمقاطعة الكافتريا يومين. وأكد المعتصمون أنّ التحرك لا يهدف إلى إقفال الكافتيريا و«قطع أرزاق الموظفين»، بل الضغط باتجاه تحديد أسعار واقعية تتماشى مع ظروف الطلاب.
ولم يخلُ العام الجامعي من التصادم بين القوى الطلابية، كان أبرزها الإشكال الذي وقع بين طلاب معهد الفنون الجميلة وكلية الحقوق والعلوم السياسية ـــــ الفرع الأول، في مجمّع الحدث، على خلفية تهجّم ثلاثة طلاب من كلية الحقوق على أحد طلاب الفنون، أُصيب بنتيجته عدد من طلاب الفنون بجروح خفيفة نتيجة رمي الحجارة. وفي جامعة العلوم والتكنولوجيا والآداب في لبنان (AUL)، سبّب موقع «الفايس بوك» إشكالاً بين طلّاب حركة أمل وتيّار المستقبل، أدّى إلى سقوط جريحين وحالات إغماء في صفوف الطلّاب.
على صعيد آخر، شهد الواقع التربوي بعض المتغيرات الإدارية، منها تدشين المبنى الجديد لوزارة التربية والتعليم العالي في الأونيسكو، والذي انتقلت إليه مع بداية كانون الثاني، وقبل إنجاز أعمال التنظيف والتشطيب، ما أحدث إرباكاً في صفوف المواطنين. وكان قبّاني قد علّل عملية النقل المتسرّعة بتوفير مبلغ مليار ونصف المليار من الليرات على الخزانة. ويذكر أنّ الأعمال استمرت حتى موعد الافتتاح الرسمي. كذلك أنجز رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور زهير شكر تعيينات المديرين في كل فروع الجامعة، بينما لم ينجز ملف تفرّغ الأساتذة في الجامعة اللبنانية، بعدما شهد تحضيره تجاذباً سياسياً واختلافاً على التوزيع الطائفي والحزبي.
وبرزت أيضاً سلسلة الاعتصامات التي نفذتها مجالس الأهل في الشمال، عقب أحداث نهر البارد الدامية، احتجاجاً على عدم إخلاء مدارس طرابلس والبداوي من نازحي المخيم. وأكد المعتصمون مراراً أنهم لن يدفعوا فاتورة أحد، ثم بدأ النازحون بعد ذلك بإخلاء المدارس تدريجاً.
(الأخبار)



الجامعة العربية: مشهد العام الدموي

تصدّرت أحداث جامعة بيروت العربية أو ما عُرف بـ«الخميس الأسود» في الخامس والعشرين من كانون الثاني الماضي المشهد الجامعي، فانعكست تداعياتها على الجامعات الأخرى التي اتخذت إداراتها قرارات تمنع النشاط السياسي، تجنباً لأي تصادم بين الطلاب. وكانت الأحداث الدموية قد حصدت أربعة شهداء وأكثر من 223 جريحاً نتيجة الاشتباكات بين مناصري تيار المستقبل ومناصري حركة أمل وحزب الله. وكان لافتاً ظهور قناصين من على سطوح المباني في منطقة الطريق الجديدة. وبعد ساعات من تبادل النيران والحجارة، تدخّل فوج المغاوير ليُفرج عن الطلاب المحتجزين داخل حرم الجامعة، منهياً التقاتل.
لكن الخلاف لم ينته عند أسوار الجامعة العربية، فالتوتر انتقل إلى باقي الجامعات، وأعلنت فروع الجامعة اللبنانية الإقفال ليومين تفادياً للمشاكل بين الطلاب، كذلك فعلت الجامعات الخاصة، فيما شهدت جامعة الحكمة في اليوم نفسه إشكالاً بين طلاب التيار الوطني الحر وطلاب القوات اللبنانية على خلفية وصول رسائل تهديد هاتفية لطلاب التيار.
وتفادياً لتكرار أحداث «العربية» في الجامعة اللبنانية، أصدر رئيس الجامعة الدكتور زهير شكر قراراً طلب فيه من المسؤولين عن الأمن والحراسة في فروع الجامعة اللبنانية كلها إخضاع الطلاب والسيارات إلى التفتيش «خوفاً من إدخال أسلحة إلى حرم الكليات»، الأمر الذي أثار حفيظة الطلاب والأساتذة.
وغداة الإشكال الدموي، دعا وزير التربية والتعليم العالي خالد قباني، إلى «تجنيب الجامعات الصراعات السياسية حتى تبقى ساحات للتفاعل الحضاري».
من جهته، ناشد رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور سليم زرازير أساتذة الجامعة وطلابها احترام التعددية في الآراء، وتخطّي أساليب العنف للخروج من المشاكل التي يعانيها لبنان.
يُذكر أن أحداث الجامعة العربية أتت بعد يومين من إضراب المعارضة في 23 كانون الثاني والذي شهد أيضاً تصادماً بين أنصار الموالاة وأنصار المعارضة.



strong>المباراة المفتوحة إنجاز يتيم

لم يغيّر عام 2007 من أوضاع المعلمين والأساتذة في القطاعين الرسمي والخاص رغم نضال الروابط التعليمية لتحقيق مطالبها. ويكاد الانجاز الذي انتزعته رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي بعد ربع قرن من اعتماد التعاقد أن يكون الانجاز شبه الوحيد، على أمل أن يبلغ خواتيمه وتنجز المباراة في العام الجاري. أما الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية فقد دخلت غرفة العناية الفائقة، بعد انتقال الانقسام السياسي إلى داخلها. وسرعان ما انعكس المناخ في البلاد على الهيئة التي باتت عاجزة عن عقد اجتماعات دورية، ومالت النقاشات فيها إلى السطحية لتنحصر في الأمنيات والعموميات، من دون الخوض في قضايا الجامعة الأساسية.
من جهته، تريّث المجلس المركزي لرابطات المعلمين الرسميين في المدارس الابتدائية والمتوسطة في لبنان في تحركاته، بانتظار تفنيد الورقة الإصلاحية التي تقدّمت بها الحكومة اللبنانيّة.
وبينما تعرضت نقابة المعلمين لحملة شرسة اتهمتها بالفساد وهدر الأموال، بقي المتعاقدون في التعليم الأساسي دون تحقيق مطالبهم المتمثلة برفع أجر الساعة والحصول على الضمانات الصحية والاجتماعية.