149;غيان يخالف كلام رئيسه ويتّصل مرّتين بالمعلّم وعون يهاجم بكركييطل العام الجديد على لبنان، من دون أي تغيير في مشهده السياسي القاتم الذي أقفل، أمس، على مزيد من التأزم المرشح للتوسع في أكثر من اتجاه، أوّله الرغيف الذي سيفتقده اللبنانيون اعتباراً من غد،إذا صدقت التحذيرات

يستفيق اللبنانيون اليوم، على ما ناموا عليه: قلق وتوتر وخوف على المصير، فراغ في الرئاسة الأولى، وزراء مستقيلون ونواب في فنادق الداخل والخارج، خلاف على «حالة» الرئاسة الثانية ووضعية الثالثة، وعلى تفسير الدستور والاجتماع الوزاري العربي، والموقف الفرنسي ـــــ المصري، وحقيقة العلاقات الفرنسية ـــــ السورية. كلٌّ على مواقفه، بل يصعّدها... والطيران الإسرائيلي لا يغيب عن الأجواء، والسفير الأميركي جيفري فيلتمان يتابع جولاته، وفرنسا تتناقض بين الأقوال والأفعال.

كلام الليل الفرنسي محاه اتصالا النهار

فخلافاً لما كان قد أعلنه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن تعليق الاتصالات والحوار مع سوريا إثر محادثاته، أول من أمس، مع الرئيس المصري حسني مبارك، تلقّى وزير الخارجية السوري وليد المعلم أمس اتصالين هاتفيين من الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان. وأفادت الوكالة العربية السورية للأنباء «سانا» الرسمية أن هذين الاتصالين يأتيان «استمراراً للجهود السورية الفرنسية الهادفة إلى إيجاد حل توافقي للأزمة السياسية القائمة في لبنان» وأضافت انه «جرى خلالهما البحث في سبل المساعدة الممكن تقديمها للأطراف اللبنانية كي تتمكن من تجاوز الأزمة السياسية القائمة في ما بينها والتوصل الى حل توافقي يضمن تحقيق الأمن والاستقرار».
كذلك أكد وزير الإعلام السوري محسن بلال، في تصريح للفضائية السورية، أن دمشق وباريس «تعملان من أجل توصل اللبنانيين لانتخاب رئيس توافقي وتشكيل حكومة وحدة تضم كل الأطراف».
أما في لبنان، فبرزت أمس العودة الكاملة للنائب وليد جنبلاط الى موقعه السابق، فعاد الى اتهام «حزب الله» بالوقوف وراء الاغتيالات، وقال إنه لا يمكن له أن يضع يده «في أيدي المجرمين»، مردفاً ان المعارضة لن تحصل على الثلث المعطل «إلا على جثثنا». وأعلن أنه خدع السوريين طوال 25 عاماً ومارس الكذب عليهم للحفاظ على وجوده، على حد قوله لقناة «برس تي في» الايرانية الناطقة باللغة الانكليزية.
ولاحقاً، أصدر الحزب التقدمي الاشتراكي، بياناً ذكر فيه أن الكلام «مجتزأ بشكل فاضح يؤثر على المعنى كاملاً».
وفي المقابل، وضع النائب محمد رعد «فريق السلطة، مهما شرّق وغرّب، أمام خيارين: إما السقوط في الهاوية وإما الإذعان لمطلب المعارضة في التوافق والمشاركة الوطنية الحقيقية»، قائلاً: «لن تزيدهم سرعة السير إلا قرباً من الوقوع في الكارثة».
وأمس زار السفير الأميركي رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، الذي تولى بالأصالة والوكالة التهنئة بالعام الجديد، آملاً «البدء فوراً» بانتخاب رئيس جديد، وقال إنه يمنّي النفس بتسليم «الأمانة» الى هذا الرئيس والى مجلس النواب، وتوجه إلى كل اللبنانيين «بمن فيهم القوى السياسية التي نختلف معها في الرأي والتوجه»، بالقول: «مصيرنا اللقاء والحوار وتبادل الخطوات بعضنا تجاه بعض من أجل إنقاذ لبنان».
كذلك التقى السنيورة السفير المصري أحمد البديوي الذي توقع أن يصدر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب قرار واضح، مردفاً «إن التشاور سيفضي إلى تصور للحل ومناشدة معينة حول الموضوع اللبناني».
وفي موقف عربي هو الأول من نوعه، رأى رئيس البرلمان العربي محمد جاسم الصقر، بعد زيارته الرئيس أمين الجميّل، أن القضية في لبنان «أكبر من الأطراف المتخاصمين، فالحلول هي عربية ودولية، وهناك دول يجب أن تتدخل لحل الأزمة»، مضيفاً ان «هناك قرارات تخضع للدول الصديقة والشقيقة».
كذلك رأى أن هناك «أشياء لم يعد قادراً على حلها الطائف القديم»، وأن فيه «نواقص يجب أن تغطى»، داعياً الى طائف جديد و«مؤتمر موسع يحضره كل الأطراف اللبنانيين (...) وليس فقط لحل مشكلة الرئاسة، بل إن هناك في الدستور أمور يمكن أن تضاف وتحل».

«فريق حارب وآخر تمادى مع الاعتداء»

أما البطريرك الماروني نصر الله صفير الذي تمنى أن يحمل العام الجديد «الأمان والسلام للبنان، وانتخاب رئيس للجمهورية لتعود وتستقيم أمور الدولة وعمل المؤسسات»، فكان عرضة لانتقاد من النائب ميشال عون الذي طالبه ومجلس البطاركة بـ«موقف واضح عما يقال إن البطريركية هي التي تغطي المخالفات الدستورية للحكومة اللبنانية». وقال: «نحن المسؤولون تجاه الشعب، وإذا كنا كذلك فليس لغبطته أن يقرر عنا. فليتفضل غبطته ويبرّر لنا هذا الموضوع أو يطرحه للرأي العام».
وفي اتهام ضمني لهما، سأل عون الرئيس أمين الجميّل ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع عمّن عطل الاجتماع المسيحي في بكركي «ولماذا تعطل؟». وقال إن المعارضة هي التي حاربت في عدوان تموز «أما الفريق الآخر فقد تمادى مع الاعتداء»، واتهم هذا الفريق بأنه يريد الإتيان برئيس «يكون استمراراً لهذه الحرب، وإلا فلن يقبلوا بأي رئيس». وأعلن أن المعارضة ستراعي في تحركها المقبل عدم «الانفلات في ضبط الوضع».
وتوجه الى وزراء الخارجية العرب، قبل اجتماعهم الأحد المقبل، بأن «الخطر يلاحقهم قبل الآخرين»، داعياً إياهم «ألا يتخذوا قرارات خاطئة أو غير مطلعة، أو يتناسوا تمثيل الشعب اللبناني بجميع السلطات لأن الذي يعرقل اليوم الانتخابات الرئاسية هو استمرار الحرب ومنع القوى الحقيقية في لبنان من أن تصل الى مواقع السلطة».
وردّ حزب الكتائب على عون، متهماً إياه بأنه هو «الذي يعرقل الانتخابات إذا لم يكن هو المنقذ الذي يحلم بالإطلالة على اللبنانيين من فوق، ولو ليوم واحد كما يقول دائماً ويكرر»، واستنكر ما اعتبره «تهجّمه على البطريركية المارونية والكنيسة».
ومن بكركي، أكد الوزير جو سركيس أخذ «بركة صاحب الغبطة»، ناقلاً عنه قوله «بكل وضوح: يعطيكم العافية ويجب عليكم أن تيسّروا أمور الناس وأن تعملوا في غياب رئيس الجمهورية لكي لا تتعطل شؤون البلد». ووصف سركيس شغور مركز الرئاسة بـ«الخطير جداً، ومن أخطر الأمور التي يمر بها لبنان».
وفي إطار الاتهامات أيضاً، حمّل وزير الإعلام غازي العريضي، المعارضة مسؤولية إجهاض «سلسلة من المبادرات» العربية. إلا أنه رأى أن الاتصال بين الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى والرئيس نبيه بري «أمر إيجابي». وقال: «نحن أمام حركة سياسية دولية إقليمية كبيرة جداً»، مرحّباً بـ«أي تحرك شرط ألا يحمل ملامح أيّ تدخل في الشأن الداخلي».
وهاجم النائب عمار الحوري «إقفال المجلس النيابي»، معتبراً أنه «مسرحية لم تعد تنطلي على أحد». ولوّح بسيف «الضغط العربي والدولي» الذي «في النهاية سيجبر من يعوقون الاستحقاق الرئاسي على الوصول إليه»، ورأى أن الرئيسين الفرنسي نيكولا ساركوزي والمصري حسني مبارك «حددا العلة في شكل واضح». فيما رفض النائب عزام دندشي «حكومة يكون فيها لقوى 8 آذار نصيب الأسد، وتلازم المسار والمصير مع إيران وأن يكون لبنان ورقة في الجيب السوري الإيراني».
إلى ذلك، أفادت مصادر حكومية إسبانية أن رئيس الوزراء خوسيه رودريغيز ثاباتيرو، سيزور لبنان هذا الشهر في أول زيارة له للشرق الأوسط منذ تسلّمه منصبه.