نعمت بدر الدين
«كان يفترض تقرير صوابية المشاركة في أنابوليس»، هكذا بدأ أحد السفراء حديثه عن مشاركة لبنان في مؤتمر أنابوليس الذي انعقد الأسبوع الماضي في الولايات المتحدة، مقارناً بين التحضيرات اللبنانية التي حصلت قبل انعقاد مؤتمر مدريد في أوائل التسعينات، وتحضيرات أنابوليس. فتحضيرات مدريد استغرقت بضعة أشهر وجرت على شكل محادثات مع وزير الخارجية الأميركية آنذاك جيمس بيكر، وكان قسم منها علنياً وآخر غير علني، وذلك من أجل إقرار مبدأ المشاركة، بينما جرت المشاركة في أنابويس دون أي تحضير يذكر ودون تنسيق بين وزارة الخارجية اللبنانية والحكومة. وقد تسلّمت الخارجية الدعوة قبل أيام من موعد المؤتمر، وكان مضمونها فقط عن عقد مؤتمر دون أي تحديد لجدول الأعمال.
وقال المصدر لـ«الأخبار»: «إننا كدبلوماسيين عرفنا عن المؤتمر عبر وكالات الأخبار والصحف. في مؤتمر مدريد حضر رئيس الدولة الإسرائيلية آنذاك اسحق شامير... ومدريد كان نصراً استراتيجياً للعرب ونوعاً ما تخليّاً إسرائيلياً عن مبدأ الشمولية، كون العرب ألزموا إسرائيل مبدأ السلام الشامل ووجوب اعتماد المرجعيات الدولية في كل عملية تفاوض، بينما بدت اليوم دعوة الدول العربية إلى أنابوليس دعوة اجتماعية «دعوة غداء» لا دعوة سياسية، وذهب الإسرائيلي مسروراً إلى أنابوليس لأن المؤتمر يصب في مصلحته».
وذكّر بأن لبنان قبل ذهابه إلى مدريد طلب ضمانات وأعطي رسائل تطمينية كشرط لحضوره، «بينما اليوم لا ضمانات، ولا نعرف حتى على ماذا يتفاوض محمود عباس».
وأكدت مصادر دبلوماسية أخرى أن لبنان ليس لديه مطالب للتفاوض عليها، «ومطالبنا مكرّسة في قرارات دولية مبرمة عبر مجلس الأمن»، وقالت إن مسألة التمثيل ثانوية، وإذا كان لا بد من مشاركة لبنانية على أساس احترام مبدأ الإجماع والتضامن العربي والحفاظ على خصوصية الوضع اللبناني المختلف عن بقية الدول العربية، فقد كان يجب أن يحصل التمثيل عبر كبار الموظفين، أي على مستوى السفراء، وعندها لا تحصل مقاطعة المؤتمر، لكن الدول العربية ذهبت ولحقناها».
أحد الدبلوماسيين قسّم الدول العربية قسمين: دول غير معنية مباشرة بعملية السلام، كالمغرب الذي حضر انطلاقاً من مبدأ التضامن العربي، والدول التي لديها قضايا تود طرحها في عملية السلام كسوريا التي أعادت تحريك قضية الجولان. ونحن لا ننتمي إلى هذين النموذجين، ووضعنا أنفسنا في أنابوليس في مصاف الدول غير المعنية، رغم أن لنا وضعاً خاصاً أيضاً (ضمنه مسألة اللاجئين) التي لم يسعَ لبنان للحصول على أية ضمانات في شأنها قبل مشاركته. إن المشاركة لم تعطنا مجالاً لعرض مطالبنا، والمؤتمر غير مخوّل البحث في قرارات دولية، وليس في مصلحتنا البحث في هذه القرارات بشكل تفاوضي».
مصادر أخرى قالت إنها مع المشاركة اللبنانية في المؤتمر ضمن شروط، والاستنكاف ليس وسيلة تعبير جيدة، «وإن لنا حقوقاً مكرّسة في قرارات دولية، ومشاركتنا هي التزام للاجماع العربي وقاعدته المنطلقة من مبادرة قمة بيروت عام 2002، وعندما نقول المشاركة نقصد المشاركة الإيجابية الدفاعية وليس الانهزامية».
وقالت هذه المصادر إن خطاب وزير الثقافة طارق متري في المؤتمر «كان ممتازاً»، مشيرة إلى أنها كانت تحبّذ أن يشارك الوزير صلوخ، لكنه قرر عدم المشاركة نتيجة ظروف البلاد.