strong>زينب عبد الساتر
لعل أغلبية الناس مر على مسامعهم أو على مرأى من أعينهم «صبرا». لكن قلائل هم من دخلوا هذه المنطقة التي يمكن تسميتها «جمهورية صبرا». هي سوق شعبي يتضمن مختلف البضائع من مأكل وملبس وأدوات الزينة والأشرطة الموسيقية، إضافة إلى الأفلام الإباحية التي تعرض على «عينك يا تاجر». لكن الأبعد من أن تراه العين وتخفيه أزقة صبرا، هم «مافيا لعبة الثلاث ورقات». وللوقوف على ما يُحكى عن هذه المافيا، كانت جولة لـ«الأخبار» داخل سوق صبرا حيث التقت بأحد المطلعين، جهاد، على هذه اللعبة وأوضاعها «المافياوية».

«البصيص والكرودي»

يقول جهاد إن السوق الشعبي وكثافة المحلات وعربات البائعين فيه دفعت لاعبي الثلاث ورقات إلى تثبيت نشاطهم عند بعض زوايا السوق ومحال التسلية في صبرا. ويشرح توزيع الأدوار في اللعبة التي يتقاسمها أربعة أطراف. «المسؤول» وهو من يقوم بتوزيع الطاولات على مختلف الأحياء، و«اللعيب» هو الشخص ذو اليد الخفيفة الذي يخلط الأوراق. فيما «البصّيص» أو «الأولاد» مهمتهم مراقبة دوريات الشرطة ورجال التحري، بينما «الكرودي» هو «يللي بياكل الضرب».
أما قواعد اللعبة وخفاياها فهي كالآتي: باتفاق مسبق بين أحد الأشخاص واللعيب، يتقدم الأول إلى الطاولة ويختار ورقة من بين أوراق اللعب الثلاث، مراهناً بمبلغ من المال على اكتشافه الورقة التي اختارها قبل خلط اللعيب للأوراق، وبالطبع يربح المشترك. بعدئذ يطلب المشترك من أحد الحاضرين أن يتقدم ويشهد على نظافة اللعب، ويبدأ المشترك المتواطئ بالمزايدة على مبلغ أكبر فيما يرقب الشاهد خلط الأوراق، وكيفية ربح المشترك المزعوم. والنتيجة، يدفع هذا الوهم الحاضرين إلى تجربة حظوظهم التي تبدأ بالربح وسرعان ما تتبدد مع الاموال المراهن عليها.
يكشف جهاد أن حد الإدمان على هذه اللعبة يدفع العديد من المشتركين للمراهنة بشيكات أو بالدفع النقدي. الأمر الذي يجعل من مدخول الطاولة الواحدة 10 آلاف دولار إلى 15 ألفاً في اليوم الواحد!.

غطاء أمني للعبة؟

أكثر المواطنين الذين التقتهم «الأخبار» قالوا إن السكان يهابون زعماء اللعبة الذين «يحظون بنفوذ داخل السلك الأمني، مثل علاقاتهم مع ضباط سابقين كانوا مسؤولين عن أمن المنطقة، مقابل الرشى». ويدّعي هؤلاء وجود محامين لدى أسياد اللعبة «حتى ان هذه الظاهرة كانت مدعومة من الجيش السوري سابقاً وبعض رجال التحري المعروفين بالأسماء».

وما أدراك ما بعد اللعبة

عدا الخطر المتمثل باللعبة ذاتها، فإن الأخطر يكون بانتظار المشترك الضحية الذي لا يشاء الاعتراف بهزيمته أو يتلكأ بدفع رهانه، «إذ يقوم «أزلام» المسؤول بعد انتهاء اللعبة باستدراج المشترك الى أحد الزواريب ثم يجبرونه بواسطة الضرب على دفع ما عليه ويسلبون ما بقي لديه من مال»، حسب ما يقول جهاد. يتابع: «ينتحل هؤلاء صفات أمنية مستخدمين أسماء تجال تحرّ معروفين منهم بـ «ي.ع.» و«ح.ق.»».