149; المعارضة تردّ خلال 48 ساعة و«حزب الله» يربط التوافق بالاتّفاق مع عون و«السلّة الكاملة»
انتهى اجتماع «قوى 14 آذار» إلى قبل ومصافحات بين أركانها لتبديد صورة الانقسام بينها الذي أظهرته المواقف المعترضة على تراجعها عن تعديل الدستور لمصلحة «شخص»، وإلى حد تلويح البعض بالخروج من هذا الفريق وغياب آخرين عن الاجتماع «التاريخي»

تبنّت «قوى 14 آذار» بعد اجتماع عقدته مساء أمس في فندق «فينيسيا» بحضور 32 شخصية وغياب لافت للنائب بطرس حرب وخروج زميله روبير غانم قبل انتهاء الاجتماع، ترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية وإطلاق الآليات الدستورية المطلوبة لأجل ذلك، مبررة «إعادة النظر في موقفها المبدئي لناحية تعديل الدستور» برغبتها في إنتاج «حل يوقف تفاقم الأزمة ويضع حداً لمخطط إسقاط الدولة والمؤسسات الدستورية، وذلك بما يؤدي إلى ملء الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية».
وأكد المجتمعون في بيان تلاه الرئيس أمين الجميل أن هذه المبادرة «تندرج في سياق وقف مفاعيل تعطيل الدستور، وإعادة الانتظام إلى الحياة الدستورية، وصلاحيات رئيس الجمهورية التي لا يجوز أن تخضع لأي انتقاص أو مساومة».
وإذ وصف البيان هذا الموقف بأنه تاريخي، داعياً «إلى أوسع تضامن وطني حوله»، سجل تحفظ لبعض أعضاء قوى 14 آذار «من حيث المبدأ، على اقتراح تعديل الدستور». ورأى في ذلك تأكيداً لنهج هذه القوى «الديموقراطي وفهمها للتنوع ضمن الوحدة، والذي من شأنه أن يعزز المسيرة المشتركة لحلفاء ثورة الأرز، دفاعاً عن استقلال لبنان وقراره الحرّ».
وكان عميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس إده قد هدد بالانسحاب من صفوف «14 آذار» إذا صوّت نوابها على التعديل، إلا أن رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع برر موقف هذه القوى المستجد بتشبيه الوضع الراهن بـ«حالة صحية تتطلب عملية جراحية مستعجلة، ومسألة تعديل الدستور هي أكثر من عملية جراحية. ولكن في الوقت ذاته «حياتك في خطر» فما العمل سوى أن نقوم بمشاورات ومناقشات ومباحثات»، مؤكداً أن الحسم سيكون خلال ساعات قليلة. وكشف جعجع أنه بعد اجتماع قوى 14 آذار في 22 تشرين الثاني الفائت في فندق فينيسيا، فاتحه النائب الحريري بأنّ لديه حلاً، و«اتفقنا على الالتقاء في اليوم التالي وتباحثنا على مدى ساعتين، وكان من ضمن الاقتراحات اسم العماد سليمان».
وبينما لم تتضح آلية التعديل الدستوري في ظل العقبات الحكومية والنيابية التي تعترضه، أعلن وزير العدل الدكتور شارل رزق أنه سيقدم اليوم اقتراحاً بالتعديل إلى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة تمهيداً لدرسه ومناقشته في مجلس الوزراء توصلاً إلى صيغة واحدة.

موقف عون والمعارضة

وينتظر أن يكون لرئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون موقف من البيان خلال إعلانه «وثيقة المبادئ والثوابت المسيحية» الناتجة عن مشاوراته الأخيرة مع الفاعليات المسيحية، بعد ظهر اليوم. في حين سيكون أيضاً موقف رسمي للمعارضة إزاء الاستحقاق اليوم أو غداً على أبعد تقدير بحسب ما أعلن النائب علي خريس.
وعشية هذا الاجتماع ربط «حزب الله» الحل بالتوافق مع العماد عون حول الرئاسة ومع المعارضة مجتمعة «حول السلة الكاملة». ورأى عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله أن «الوقت يضيق حتى موعد الجلسة المقبلة لإتمام توافق شامل»، موضحاً «أن التوافق يعني التفاهم على إدارة البلاد انطلاقاً من الانتخابات الرئاسية إلى تأليف الحكومة برئيسها وتركيبتها وصولاً إلى إدارات الدولة الحساسة، وعندما ينجز هذا التوافق تصبح الأبواب مفتوحة لتجاوز العقبات الأخرى»، في حين حذر رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين من «أن بقاء فريق السلطة على رهاناته الأميركية وعدم الدخول في التوافق سيضطره إلى دفع ثمن أغلى مما قد يدفعه لو دخل في التوافق في المرحلة الراهنة».
من جهتها، دعت الرابطة المارونية «اللبنانيين في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الوطن إلى تأكيد التزامهم الثوابت الميثاقية التي تشكل دعامة وحدته واستقراره واستمراره»، وأهابت «بالقيادات السياسية الارتقاء إلى مستوى المسؤوليات الملقاة على عاتقها، وفي مقدمها العمل على اجتناب إطالة أمد الفراغ في كرسي رئاسة الجمهورية». ورحبت «بالتوافق اللبناني الجامع حول العماد سليمان»، داعية النواب «إلى أداء واجبهم بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والتوجه يوم الجمعة الواقع فيه السابع من كانون الأول، لممارسة هذا الحق الدستوري»، كما دعت إلى «العودة إلى الحوار حول الموضوعات الخلافية العالقة».

البطريرك يوضح بيانه الأخير

على صعيد آخر، أوضح البطريرك الماروني نصر الله صفير الهدف من بيان أمانة سر البطريركية الأخير، وحمل فيه بشدة على المعارضة، وتحديداً الرئيس بري، ما أثار ردود فعل انتقدت هذا الموقف. وأكد صفير خلال عظة قداس الأحد أنه لا يجوز التلاعب في قضايا الوطن، معتبراً أنّ «قول الحقيقة خاصة في هذا المجال قد يغضب، ولكنه عادة يشفي»، وقال: «يعلم الله أننا لم نتوخَّ الأذية لأحد، بل أردنا أن نرفعها عنّا»، لافتاً إلى أن «الوطن الذي يتسع صدره للجميع، يعلمنا كيف يجب أن يتسع صدر كل منا لأخيه لتستقيم الأمور، ويعلو شأن الوطن».
وخلال استقباله وفداً من مصلحة المعلّمين في «القوات اللبنانية» أمل أن يكون البيان الأخير للبطريركية المارونية «حافزاً يوقظ ضمائر المسؤولين فيسعون بدورهم إلى إنقاذ الوطن»، وقال: «علينا أن نجتمع حول الوطن لا أن نضع القضبان في الدواليب، وأن نعرف أن الوطن ومستقبله رهن بنا وبأعمالنا، هناك من لهم نظريات نتركها لهم، ولكن يبقى أمر راهن وهو أنه لا يمكن أن ينهض الوطن إلا على سواعد جميع أبنائه، فعليهم أن يتضافروا ويتضامنوا لا أن ينكفئوا وينتظر كل منهم ما بإمكانه أن يحصل من هذا الوطن».
ودافع أمين سر «كتلة التحرير والتنمية» النائب أنور الخليل، أمس، عن الرئيس نبيه بري، حول ما قيل عن خروجه عن لائحة بكركي، ووضع بعض المسؤوليات عليه، مؤكداً أن «الرئيس بري لم يخرج ولو دقيقة واحدة عن لائحة بكركي، بل كان مصراً إلى آخر دقيقة على أن يكون الانتقاء من اللائحة التي تقدم بها غبطة البطريرك».
أضاف: «وكما شهدنا فإن الاقتراح الذي أتى بترشيح العماد سليمان للرئاسة، لم يأتِ من الرئيس بري، ولا من المعارضة، وإنما أتى من الأكثرية»، واعتبر أن الآليات الديموقراطية المتبعة، تمنح النواب حق الحضور أو الغياب، وليس من المعقول أن يكون الرئيس بري وراء غياب نواب المعارضة، الذين حضروا إلى مجلس النواب لكنهم لم يدخلوا القاعة، وهذا نوع من أنواع ممارسة الديموقراطية يتعلق بحقوق النائب، وللدلالة على ذلك، فقد حضر إلى المجلس في المرة الماضية، 109 نواب وتغيّب 18 نائباً من أصل 127».

ظاهرة دبلوماسيّة شاذّة في لبنانولفت صلوخ إلى «أن هذه الظاهرة الشاذة، والتي لا تحصل في أي بلد من بلدان العالم مهما صغر، تتطلب تضافر جميع الجهود الوطنية لوقف هذا الانفلاش الدبلوماسي عبر تعاون الأجهزة الرسمية والطبقة السياسية بكاملها والجسم الإعلامي على مختلف تنوعاته انطلاقاً من المصلحة الوطنية العليا والكرامة الوطنية اللتين تتعديان كل الخلافات الداخلية التي يعمل بعض السفراء على تسعيرها».
من جهة أخرى، أكد صلوخ «أن تصريف الأعمال الذي يمارسه بعض الوزراء المستقيلين ليس بحاجة إلى تبرير أمام أي كان لأنه واجب وحق دستوري، وكان من شأنه تلافي العديد من الإشكالات عبر إدارة مرحلة انتهاك ميثاق العيش المشترك بالتي هي أحسن وبالحكمة بدلاً من ترك الأمور تتفاقم داخل المؤسسات وصولاً الى ما لا تُحمد عقباه، كما كنا نأمل أن تتضافر جهود جميع القوى لمعالجة هذا الموضوع منذ البداية وقبل أن تتسع مساحة الاكتواء بناره».