أنطون الخوري حرب
فيما توحي الأجواء العامة بتجاوز أزمة الرئاسة، يتحيّن بعض مسيحيي المعارضة والسلطة الفرص للإدلاء بدلوهم الذي يتناقض مع جو التوافق على قائد الجيش العماد ميشال سليمان.
ففي حديث لـ«الأخبار» مع نائب وقيادي في 14 آذار، من الذين بدأوا يتنقلون خارج فندق فينيسيا، أعرب النائب عن استيائه من الطريقة التي اعتمدت في «طبخ» مبادرة سليمان من دون استشارة أي قطب مسيحي في 14 آذار، وخاصة المرشحين المعروفين، النائب بطرس حرب، والنائب السابق نسيب لحود، ذلك أن النائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط يقرّان بأن الطرف المسيحي الذي يجب أن يحاوروه بندّية هو ميشال عون، لا حلفاءهما المسيحيين. وعندما تقفل التشنجات السياسية طريق الحوار مع عون، فإنهم يحاورون البطريرك صفير. ولطالما كان الفريق المسيحي في السلطة يعلم بمضمون هذه الحوارات بعد حدوثها لا قبله. وإذ رأى النائب أنّ هذه الطريقة في تعامل الحريري وجنبلاط مع شركائهما المسيحيين من شأنها تصديع صفوف فريق السلطة التي بدأت ظواهرها تتبين مع خروج عميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس إده من التحالف، إضافة إلى انكفاء النائب حرب وابتعاد رئيس حزب الوطنيين الأحرار والامتعاض الشديد الذي يتحدث عنه مطولاً نسيب لحود.
لكن قيادياً آخر في تجمع 14 آذار يقرأ خلفية مبادرة سليمان على قاعدة المناورة لشق المعارضة، فتكون النتيجة سقوط ورقتي عون وسليمان ليتقدم اسم توافقي جديد، فيما ينتظر سليمان خروجه من قيادة الجيش بعد التوافق لمصلحة قائد جديد للجيش لا علاقة له بسوريا أو بحزب الله. ويصرّ القيادي الأكثري، الذي سيغادر فريق 14 آذار، على أن طرح اسم سليمان لم يكن بسبب الفراغ الرئاسي، بل اختير هذا التوقيت بالتزامن مع انعقاد اجتماع أنابوليس للإيحاء بأن الاسم جاء تسوية إقليمية ودولية، فيما المسألة جرى طبخها داخلياً ويجري تسويقها دولياً، علماً بأنه لم يُحصَل على إجابة عن المبادرة من العواصم الغربية.
وفي المقابل تؤكد مصادر مسيحية في المعارضة أن مهمة أي رئيس جديد ستكون للحل السياسي بمختلف بنود الأزمة، فليس من مصلحة المسيحيين واللبنانيين الإتيان برئيس ضعيف. فماذا سيكون الفارق بين سليمان والرئيس إميل لحود إذا بقي الانقسام السياسي قائماً على قاعدة رفض الحكومة وقانون الانتخابات على سبيل المثال، فهو سيكون حكماً غير مسموع أو طرفاً مرفوضاً.
ورأت المصادر المعارضة أن سبب الأزمة الحالية كلها هو اختلال التوازن السياسي في الدولة ككل نتيجة إعادة توزيع الصلاحيات الدستورية بين المواقع الثلاثة، أي الرئاسة الأولى ورئاستي الحكومة والبرلمان، لأن نتيجة الطائف كانت انتزاع صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني وعدم إعطاء صلاحيات لرئيس المجلس النيابي الشيعي، فيما أمسك رئيس الحكومة السني بالصلاحيات المفصلية.
لذلك، فإن سليمان يجب أن يكون حلاً لسلّة كاملة من الإصلاحات، تبدأ بصلاحيات الرئاسة الأولى وتنسحب على تعديلات تتعلق بصلاحية الحكومة، إضافة إلى إعادة بعض مواقع الفئة الأولى في الدولة إلى المسيحيين، وهذا الموضوع يجب أن يقرر فيه مَن يمثّل المسيحيين والموارنة، وليس بالضرورة أن يكون العماد سليمان هو مَن يقرّر.