حاوره: حسن عليق
خلال وجوده في لبنان لإصدار تقرير عن أوضاع اللاجئين العراقيين، قابلت «الأخبار» مدير برنامج سياسات اللاجئين في منظمة «هيومان رايتس ووتش» بيل فيرليك، وكان معه الحوار التالي:
• لماذا أصدرتم تقريركم بعد 4 سنوات من بدء دخول العراقيين إلى لبنان؟
خلال الأشهر الأخيرة، لاحظنا أن عدد العراقيين الموقوفين في السجون اللبنانية يزداد بنسبة 10 بالمئة شهرياً. وعلى الأرجح هذا الأمر يعود لارتفاع عدد حواجز التفتيش الأمنية. ونحن لم نقصد في تقريرنا أن نقول إن هناك استهدافاً للعراقيين، لكن الواقع يظهر أن عدد العراقيين في السجون في ازدياد، والسجون تعاني ازدحاماً كبيراً، ما يؤدي إلى ضغط كبير على الموقوفين لعدم القيام بخيار حر للعودة إلى العراق أو عدمها.
• من يتحمل المسؤولية عن مشكلة اللاجئين العراقيين؟
الجواب الواضح عن هذا السؤال هو أن الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الأخرى المتحالفة معهما، التي شاركت في حرب العراق، أدت، بشكل مباشر أحياناً وغير مباشر في حالات أخرى، دوراً في ازدياد أعمال العنف في العراق، ما أنتج مشكلة اللاجئين العراقيين. وعلى الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الأخرى أن تتحمل المسؤولية الكبرى لحل هذه المشكلة. وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة استقبلت خلال العام الفائت 1608 لاجئين عراقيين، في حين أن أكثر من 2000 لاجئ يدخلون سوريا يومياً. كما أن إدارة بوش توجهت إلى الكونغرس لطلب 196 مليار دولار لتمويل الحرب في العراق وأفغانستان، في حين أنها طلبت 248 مليون دولار لتمويل الحاجات الإنسانية للاجئين الذين يصل عددهم إلى 4.4 ملايين.
• ما هي الحلول القصيرة الأجل لهذه المشكلة في لبنان؟
نحن لا نطالب بتوطين هؤلاء اللاجئين، وكما أشار التقرير، فإن الحل الدائم للاجئين هو أن يعودوا إلى بلادهم ويعيشوا بسلام هناك. وبالنسبة إلى الحلول القصيرة الأجل، يمكن الحكومة أن تمكن اللاجئين من العمل مع مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، التي تقول إنه لا يجب أن يُدفعوا للعودة إلى بلادهم. كما أن الحكومة اللبنانية مدعوة للتنسيق مع دول معينة، كالولايات المتحدة مثلاً، لاستقبالهم وتأمين فرص لائقة بهم، على أن تكون الأولوية للموقوفين. لكن يجب التنبه دائماً إلى أن نحو 50000 عراقي يعيشون في لبنان، وأكثرهم من دون تسوية وضعهم القانوني. وعلى الحكومة، حتى لو كانت تنظر إلى الأمر بخلفية المخاوف القانونية، ألا تدفعهم للاختباء تحت الأرض، وعليها أن تمكنهم من التوجه إلى السلطات لطلب مساعدة. ويمكن للحكومة أن تسأل شركاء آخرين لتقديم الدعم المادي لها.
• لكن السلطات اللبنانية تقول إن لبنان لا يقدر على استيعاب عدد إضافي من اللاجئين بسبب وجود نحو 300 ألف لاجئ فلسطيني؟
نحن متفهمون لهذا الأمر، ونعرف أن لبنان لم يسبب مشكلة اللاجئين العراقيين، لكن وجود لاجئين عراقيين في لبنان يحمل السلطات اللبنانية مسؤولية، لأن على كل دولة أن تحافظ على حقوق الأشخاص الموجودين على أراضيها. وعلى المجتمع الدولي أن يتقاسم المسؤولية. فالمشكلة ليست لبنانية، بل عالمية. وعلى المجتمع الدولي أن يقدم دعماً مالياً للبنان والمساعدة على تحسين أوضاع اللاجئين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى سوريا والأردن.
• هل سجلتم حالات تعرّض فيها عراقيون للتعذيب في لبنان؟
الأشخاص الذين التقت بهم المنظمة لم يتحدّثوا عن تعرضهم للتعذيب، باستثناء أن أوضاع السجون في لبنان سيئة لناحية تأمين الطعام والعناية الطبية. وأكثر اللاجئين الموجودين في السجن لا يعلمون المدة التي سيبقونها هناك. هم معزولون، ليس معهم مال كافٍ، ولا اتصال بينهم وبين عائلاتهم، وخاصة من لا تزال عائلاتهم في العراق. لقد لاحظنا ازدحاماً حاداً في السجون، إضافة إلى دمج المجرمين مع غير المجرمين. والمعايير الدولية المتعلقة باللاجئين تنص على فصلهم لأنهم لم يرتكبوا أي جريمة. وهنا نتحدّث عن أشخاص يبقون في السجن لفترات أطول مما تنص عليه عقوباتهم.
• ما هو رأيكم بالحكم الصادر أخيراً عن القاضي زياد مكنا (منشور في العدد الصادر أمس من «الأخبار»)؟
نتمنى أن تحترم السلطات اللبنانية القرارات القضائية المماثلة، وأن تمكن اللاجئين العراقيين من أخذ خيار حر، إذ لا يحق لها أن تمارس الترحيل القسري بحق اللاجئين. فهي تتركهم في السجن وتقول إنها لا تدفعهم للعودة إلى بلادهم، لأن من يكون داخل سجن رومية في زنزانة شديدة الازدحام، لا يمكنه أن يأخذ خياراً صحيحاً.