محمد مصطفى علوش
تشهد بلدة المنية، أكثر من غيرها من بلدات الشمال، نفوذاً ملحوظاً لتيار المستقبل، وتنافساً حداً بينه وبين معارضيه من القوى السنية المعارضة، لا يلبث أن يتحول إلى سجال سياسي وإعلامي وحتى أمني في تلك البلدة «صاحبة الثقل السني المميز التي أعطت لسعد الحريري زعامته السنية»، بحسب ما يرى ممثل جبهة العمل الإسلامي في المنية الشيخ مصطفى ملص.
ولا غرابة في ذلك لأن «البلدة قامت بدور كبير في ترجيح كفة لائحة المستقبل وحلفائه على اللائحة المعارضة في الانتخابات الأخيرة. فبعد أن كانت كفّة الأصوات متساوية بين اللائحتين في كل الدائرة الانتخابية، وضعت المنية في صناديق المستقبل والتكتل حوالى 22 ألف صوت».
لكن المنية التي كانت مقفلة على الزعامات المحلية قبل خمس سنوات، ثم وضعت نفسها في يد المستقبل بعد الخروج السوري، لم تعد كذلك، بل أصبحت منفتحة على كل التيارات والأحزاب، وقد «بدأنا نشهد حضوراً للعونيين لم يكن موجوداً من قبل»، كما يقول الشيخ أحمد الغريب.
وفي وقت يؤكد فيه الغريب أن التيار لا يزال رقماً صعباً في المنية، إلا أنه يرى أن تحولاً كبيراً طرأ على شعبيته نتيجة أدائه، وأنّ نفوذه بات يواجه بعض التحدّي من «جبهة العمل الإسلامي» وكمال الخير.
من جهته، يؤكّد زكي وهبة، عضو إداري سابق في «رابطة نادي الأنصار في الشمال»، أن «الولاءات داخل مكتب التيار متعددة وليست محصورة بسعد الحريري، بل تصل إلى نواب التيار».
وهبة الذي كان أحد أركان الماكينة الانتخابية للتيار في المنية والجوار، يؤكد أن «الناس يئسوا من التيار بسبب وضع البلد وانعدام الخدمات وتزايد الفقر والبطالة... وعدونا كثيراً، لكن تبيّن أننا لسنا إلا أدوات للعمل في أوقات الانتخابات أو المشاركة في التظاهرات. والناس كانت تحرجني دائماً، إذ لم أستطع أن أخدمهم بشيء».
لكن الشيخ ملص يذهب أبعد من ذلك في تحديد أسباب تراجع شعبية التيار، ويضعها في خانة تراجع وضع الموالاة عموماً، نظراً لـ«استغلال دم الشهيد واستدرار عواطف الناس به، واللعب على الوتر المذهبي، وعدم تحقيق أي من الوعود التي أطلقوها للناس سوى بقاء حكومة السنيورة في السرايا».
ويتابع ملص سارداً أسباب التراجع: «المحاباة في توزيع المساعدات، حيث إن أموال لجنة الإغاثة للمتضرّرين من أحداث مخيم البارد صرفت لمؤيدي الموالاة دون غيرهم، حيث كان يتقاضى غير المتضرر مليوني ليرة، في حين يحرم المتضرر الفعلي».
ويشير أحد المصادر إلى أن من أسباب تراجع التيار «الخلل في أداء القائمين عليه» حيث يلاحظ ذلك في تنافس أعضاء التيار على القيادة داخله، الأمر الذي أدى إلى إقصاء المنسق السابق الدكتور علي الغزاوي، ثم قيام أحد المحسوبين على التيار بإطلاق اسم مدينة الشهيد رفيق الحريري على البلدة دون استشارة كبار البلدة، ما انعكس استياءً واسعاً عند الكثيرين حتى عند مؤيدين للتيار، فضلاً عن استئثار بيت علم الدين بالنيابة والبلدية ومكتب التيار».