الكورة ــ فريد بو فرنسيس
لم يدم موسم قطاف الزيتون طويلاً هذا العام في قضاء الكورة. بضع ساعات، أو أيام قليلة، كانت كافية لإتمام «مراسم» القطاف، بعدما كانت تستغرق أسابيع في المواسم السابقة.
موسم قضى على آمال كثير من المزارعين ورغباتهم في جني محصول وافر بعد معاناة العناية والخدمة المستمرة وارتفاع أسعار الأسمدة وأجور التقليم، ففي مثل هذه الأيام كانت حقول الزيتون تعج بالعاملين في القطاف، وخصوصاً في ظل طقس ربيعي لطالما كان يحلم به أصحاب الحقول. إلا أن هذا الزيتون شاء هذا العام أن يفرغ الحقول من أصحابها وعمالها، الأمر الذي انعكس ارتفاعاً في سعر الزيت.
ويجمع التجار في الكورة على أنه لم يكن هناك موسم هذا العام، فيما الزيت، إذا ما وجد، غير جيد وطعمه حاد، وكل ما يباع هذه السنة من الزيت إنما هو من الموسم الماضي.
ويقول التاجر الياس أبو كريم إن الموسم كان ضحلاً جداً هذه السنة، معرباً عن «سروره» لأن «الكلفة التي أدفعها سنوياً على القطاف لا توازي المردود السنوي، ما يجعلني في عجز دائم، بسبب ارتفاع كلفة الأسمدة وأجور العمال، الأمر الذي لم يترك لنا أي مجال للربح». ويوضح: «الأرض حساسة وهي بالتالي لا تعطي إذا لم يتم الاعتناء بها جيداً، ونحن نعلم أن الكثير من الأراضي في قضاء الكورة هجرها أصحابها أو تركوها سائبة، لأن الجيل الجديد لم يعد يهتم بالأرض، بل نزح إلى المدن للعمل، ولم يبق سوى الجيل القديم، ونحن لم تعد لدينا القدرة والهمة على العمل، وكما يقول المثل: التعبان على الأرض مش مثل اللي بيورثهاويتابع أبو كريم: «شجر الزيتون عادة يحمل كل سنة، وإما أن يكون الحمل كبيراً أو خفيفاً، أما هذه السنة فيمكن الجزم بأنه لا يوجد حمل نهائياً، ومعظم الملاكين لم يجنوا أي شيء من كرومهم، وكل ما دفعناه من كلفة على الشجر ذهب في مهب الريح، من هنا كان الارتفاع في الأسعار».
«العم مخول» الذي يدير معصرة للزيت قال لـ«الأخبار»: «المعصرة التي لم يكن يتوقف هديرها في هذه الأيام، أخذت قسطاً طويلاً من الراحة. نحن نبيع هذه الأيام زيت السنة الماضية، وقتها كان الحمل وفيراً ونوعية الزيت كانت أفضل من هذا العام، لكن الأسعار ارتفعت بشكل كبير، وخصوصاً الأنواع الجيدة منه. ورغم الاستيراد الكبير للزيت إلى لبنان، إلا أن معظم الناس يفضلون شراء الزيت اللبناني من المعاصر أو من التجار الذين يعرفونهم ويثقون بهم».
وفي جولة على الأسواق تبين أن أسعار الزيت والزيتون تختلف وفق أنواعها وجودتها، ويتفاوت سعر كيلوغرام الزيتون الأخضر في الأسواق بين 2500 و3500 ليرة، فيما وصل سعر شراء صفيحة الزيت إلى حدود الـ150 ألف ليرة لبنانية. وتختلف نوعية الزيت والزيتون وفق التربة، وأفضلهما من إنتاج التربة البيضاء والباردة. والزيتون نوعان: الساحلي الذي يقطف في هذا الوقت من السنة، والشتوي الذي يتأخر قطفه وعصره حتى كانون الأول لأنه من النوع الذي لا يحتوي أبداً على المياه، وبالتالي تكون نسبة الزيوت فيه قليلة جداً إذا تم قطفه قبل امتصاصه المياه، وهو يعدّ من أفضل أنواع الزيت.