حاصبيا ــ عساف أبو رحال
يشكل قضاء حاصبيا، ومعه قرى العرقوب، الزاوية الجنوبية الشرقية عند آخر حدود الوطن، وهي المنطقة الأخيرة في لبنان التي تصلها حرارة الهاتف الرسمي، بعد غياب استمر أكثر من ربع قرن، حمل تحديات وعقبات غابت معها كل وسائل الاتصالات السريعة، ما وضع أهالي القرى والبلدات ضمن دائرة شبه معزولة عن بقية أجزاء الوطن، ومن ثم العالم الخارجي.
وبما أن «الحاجة أمّ الاختراع»، ولدت السنترالات الخاصة في ثمانينيات القرن الماضي، واتسعت دائرتها في التسعينيات مع قيام شبكة الهاتف الخلوي التي وفرت خطوطاً هاتفية أدخلها أصحاب السنترالات الخاصة على شبكاتهم لتوفير التخابر وبالتالي زيادة الأرباح.
هذه النقلة كانت المتنفس الوحيد الذي ربط قرى المنطقة بعضها ببعض، ومع المناطق اللبنانية الأخرى، ولاقت ارتياحاً لدى الأهالي رغم كلفتها المرتفعة. ومع وضع شبكة الهاتف الثابت قيد الخدمة الفعلية، تنفّس الأهالي الصعداء وتهافت قسم منهم على شراء خطوط ثابتة بدل الخطوط الخاصة لفارق الخدمات والكلفة. لكن أصحاب السنترالات الخاصة واصلوا نشاطهم على شبكاتهم، داخل القرى وخارجها، فيما أوقف القليل منهم نشاطه تحسباً لنتائج سلبية قد تنتج عن مقاضاة النيابة العامة المالية لأصحاب السنترالات
الخاصة.
وأفاد مصدر مسؤول في مؤسسة أوجيرو» أن «مجموع الخطوط الثابتة المباعة في منطقة حاصبيا هو بحدود ألف خط تتوزع على القرى والبلدات»، مشيراً إلى أن هذه النسبة «متدنية قياساً بغير مناطق».
وفي الجانب الآخر، ما زالت السنترالات الخاصة تسجل حضوراً مميزاً لجهة عدد المشتركين البالغ عدة آلاف، ويعود السبب في ذلك إلى التخابر المجاني داخل القرية الواحدة ومع القرى الأخرى من خلال شبكة اتصالات سلكية ولاسلكية، مقابل رسم شهري قدره عشرة آلاف ليرة. كما أن طريقة التعامل تختلف بعض الشيء لجهة التأخير في تحصيل الفواتير الشهرية. هذا الأمر أجبر الكثيرين وخصوصاً أصحاب المحال التجارية والمؤسسات على التعاطي مع الجهتين لتوفير سهولة الاتصالات.
ويقول أحد أصحاب السنترالات الخاصة: «هناك دعوى مقامة من قبل النيابة العامة المالية على أصحاب السنترالات، تحت عنوان التخابر غير القانوني واستعمال خطوط الدولة في عملية استثمار غير قانونية أيضاً»، مشيراً إلى تعيين عدة جلسات لم يصدر عنها سوى تأجيل القضية إلى وقت لاحق، وهناك موعد لجلسة جديدة قد تعقد في الثاني عشر من الشهر الجاري وقد يؤجل البت في الموضوع.
وقال: «حتى اليوم لم نخضع لأي عملية تحقيق أو مساءلة أو استجواب، وبالتالي لا نعرف ما هو المطلوب منا».
وبين السنترالات الخاصة والهاتف الثابت والنقّال يبقى المواطن أسير فواتير ومستحقات تخابر شهري ملزم بدفعها، تشكل عبئاً عليه وسط ظروف اقتصادية ضاغطة.