strong>قوى الأمن توقف شخصاً بتهمة التشرّد وعدم حمله أوراقاً ثبوتية. الموقوف يعاني صعوبة في النطق ويستحيل الاستماع إلى إفادته. النائب العام الاستئنافي يقرّر توقيفه بعد «تكرار إفادته الأوّلية» أمامه... المحكمة تبرّئه
ورد في محضر استجواب رسمي، صادر عن النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، في 26 تشرين الثاني الماضي، أن المدّعى عليه بمخالفة الأنظمة الإدارية والبلدية، لجهة عدم حمله أوراقاً ثبوتية، نبيل فوزي الدمياطي «كرّر إفادته الأوّلية» أمام النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي جوزف معماري. لكن ذلك مستغرب، إذ إنه قبل يومين من ذلك، أي في 24 من الشهر نفسه، وبعد توقيف دورية تابعة لفوج الطوارئ للدمياطي وتسليمه إلى فصيلة الروشة، ُنظّم محضر تحقيق عدلي ورد في مستهلّه أن «المدّعى عليه بحالة عدم اتّزان فكري وحالة الجنون بادية عليه، وأنه لا يحمل أية أوراق ثبوتية، وقد تعذّر الاستماع إلى إفادته». فراجع المحقّق النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، فأشار النائب العام الاستئنافي القاضي معماري بتوقيف المدّعى عليه، وختم المحضر وإحالته إلى مفرزة بيروت القضائية. لكن الأمر تكرّر أيضاً في تلك المفرزة، حيث تعذّر أيضاً الاستماع إلى إفادته «بالنظر إلى وضعه الصحي المضطرب، وعدم تمكنه من النطق بشكل مفهوم». فكيف تمكّن القاضي معماري من الاستماع إلى الدمياطي وهو يكرّر إفادته الأوّلية، بينما تلك الإفادة لا وجود لها، والموقوف لا يمكنه الإدلاء بإفادته بسبب وضعه النفسي؟

حكم القاضي المنفرد الجزائي

في هذه القضية، صدر أمس عن القاضي المنفرد الجزائي في بيروت هاني حلمي الحجار، حكماً قضى «بإبطال التعقبات بحق المدّعى عليه نبيل فوزي الدمياطي بجرم المادتين 614 و770 عقوبات (تشرّد ومخالفة الأنظمة الإدارية والبلدية) لعدم توفر العناصر الجريمة بحقه»، رغم تعذر استجواب المحكمة للمدّعى عليه و«استيضاحه عن كامل هويته لعدم سلامة نطقه». وأمر القاضي بـ«إطلاق سراحه فوراً» ما لم يكن موقوفاً لداع آخر.
وذكر الحكم أن النيابة العامة الاستئنافية في بيروت كانت قد ادّعت أمامها بتاريخ 27/11/2007 (رقم 19935/2007) على الدمياطي، وهو فلسطيني التابعية، أوقف احتياطياً في 24/11/2007 ثم وجاهياً في 26/11/2007.
بنتيجة المحاكمة العلنية، وبعد الاطلاع على أوراق الملف كلها، وبعد تلاوتها علناً، تبين للمحكمة أنه «أمكن تحديد كامل هوية المدّعى عليه بعد ضم صورة عن محضر تحقيق قديم لدى مفرزة بيروت القضائية رقم 1960/302 تاريخ 23/5/2007 تم في سياقه الاستماع إلى إفادة السيدة فاطمة سعد الدين عفش التي كانت قد اعتادت على مساعدة المدّعى عليه. وقد أفادت في حينه أن المدّعى عليه يعاني أمراضاً نفسية، وأنه مصاب في رأسه أثناء الأحداث اللبنانية، وأنها تعرفه منذ كان عمره عشر سنوات، وأبرزت صورة عن بطاقة هويته التي تحتفظ بها ولا تسلّمه إياها خوفاً من أن يفقدها». وأكّد القاضي الحجار في حكمه أن «التجريم بمقتضى المادة 614 عقوبات، يستوجب إقدام شخص صحيح على التشرد»، وأنه «من الثابت بمجمل التحقيقات التي جرت» أن المدّعى عليه «يعاني اضطرابات نفسية، وأنه شخص غير متّزن»، وذلك نتيجة إصابته خلال الأحداث اللبنانية،
خلص القاضي إلى أنه «من الثابت أن المدّعى عليه هو شخص غير صحيح، بمفهوم المادة 614 عقوبات، ويقتضي بالتالي إبطال التعقبات الجارية بحقه بهذا الخصوص لعدم توفر العناصر الجرمية بحقه». أما فيما يخصّ جرم مخالفة الأنظمة الإدارية والبلدية بسبب عدم حمل بطاقة هوية، فرأت المحكمة أنه «من الثابت أن المدّعى عليه يتجوّل من دون نقل أوراقه الثبوتية، بسبب وضعه العقلي غير المتّزن، وأن السيدة فاطمة عفش تحتفظ ببطاقة هويته، ولا تعطيه إياها خوفاً من إضاعتها»، وأكّد الحكم أن النية الجرمية غير متوفرة بحق المدّعى عليه، ويقتضي بالتالي إبطال التعقبات بحقه.
(الاخبار)