strong>سوزان هاشم
«بالكاد كان أهلي يزوروني مرة كل شهرين». تختصر زينب (سجينة سابقة في بعبدا) معاناة النزيلات الجنوبيات في سجن بعبدا، جراء بعدهن عن بلداتهن. فمحافظتا الجنوب والنبطية تفتقران إلى سجن خاص بالنساء، مما يؤدي إلى نقل الموقوفات والمحكومات من الجنوب إلى سجن النساء في بعبدا، الذي يبعدهن عن محيطهن وعائلاتهن. ومثل باقي المناطق اللبنانية، تفتقر نظارات قصور العدل والمخافر في الجنوب إلى غرف مخصصة للموقوفات، مما يفسح المجال الواسع أمام انتهاك إنسانيتهن.
فالمسافة بين سجن بعبدا وأماكن سكن ذوي السجينات كفيلة بقطع التواصل مع أهلهن وأقاربهن، وخاصة أن معظم عائلاتهن ترزح تحت وضع اقتصادي صعب.
وإذا كان الجنوب يفتقر إلى سجن خاص للنساء، فإن النظارات الموجودة فيه، ومثل باقي المناطق اللبنانية، تفتقر في قصور العدل والمخافر إلى غرف مخصصة للنساء. ففي نظارات قصور العدل يتم إخلاء غرفة من غرف الموقوفين في حال وجود موقوفة، مما يؤدي إلى اكتظاظ إضافي في غرف النظارات المكتظة أصلاً بالموقوفين الرجال، وخاصة نظارة قصر عدل النبطية التي تتألف من 3 غرف. وإذا تعذر وضع النساء في هذه النظارة في حال الاكتظاظ الشديد، يُنقلن إلى مخفر النبطية «أمانةً» ريثما يُبت أمرهن.
أما في المخافر، التي تتألف عادة من غرفة تحقيق وغرفة توقيف، فلا توضع الموقوفات في غرفة التوقيف إلا لدى شغورها من الموقوفين الرجال، وفي الحالات الأخرى تبيت الموقوفة في غرفة التحقيق. وتحدّثت المحامية مريم الشامي لـ«الأخبار» عن «خطأ قانوني» صودف حصوله أثناء وجودها في أحد المخافر، إذ «وُضعَ زوجان مشتبه فيهما معاً في غرفة التوقيف، وهو أمر مخالف للقانون، إذ يجب فصلهما». وأضافت الشامي أن «الأمر لا يخلو في بعض الأحيان من حدوث تحرش بالموقوفات من المشرفين على المخفر، ولا سيما عندما يتعلّق الأمر بالأجنبيات اللواتي لا يتجرأن على البوح بما يحصل»، واللواتي يؤلّفن أكثر من 70% من الموقوفات في الجنوب. كذلك أشار عدد من المحامين، الذين رفضوا الكشف عن هوياتهم، إلى أن القوى الأمنية لا تستغني في الكثير من الأحيان عن الضرب وسيلة من وسائل التحقيق.
وفضلًا عن ذلك، تشير الشامي إلى أن «المرأة لديها حاجات خاصة تتجاوز خصوصية الرجل. وفي ظل انعدام كلي لأي غرف خاصة بتوقيف النساء، تعاني المرأة الموقوفة من خدش لكرامتها وإنسانيتها». وتضيف الشامي: لا تكفي معاناة نزلاء السجون اللبنانية التي تمثّل أمكنة للعقاب وحجز الحرية بعيداً عن البرامج الإصلاحية، حتى تضاف إليها مشكلة احترام الخصوصية، ولا سيما لدى النساء». وطالبت الشامي ببناء سجون في المناطق تكون مراكز للإصلاح والتأهيل.
وتجدر الإشارة إلى أنه في ظل عدم وجود درك من النساء، تتم الاستعانة بـ«جارات النظارات» ليقمن بعملية التفتيش، أو العاملات فيها إذا وُجدن، باستثناء نظارة قصر العدل في صيدا حيث تقوم موظفة في الأمن العام بتفتيش الموقوفات.