جديدة المتن ــ رندلى جبور
«عادوا.. لم يعودوا» باتت لعبة «شد الحبال» في ملف مهجري الجبل الذي يفتح تكراراً بدلاً من أن يقفل نهائياً على عودة كاملة، لتتحوّل المأساة الإنسانية مرة جديدة استغلالاً سياسياً على قاعدة «مصائب قوم عند قوم فوائد»، والنتيجة نسبة عامة للعودة بين 17 و19 في المئة مثلما تشير الإحصاءات.
وفيما عدّدت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة ووزارة المهجرين الإنجازات التي حققتاها في هذا الملف، جاء الرد سريعاً وبالأرقام من لجنة التدقيق في ملف المهجرين في التيار الوطني الحر، التي نظمت مؤتمر العودة الشهير في 30 أيلول 2006 وعادت لتظهر أرقاماً جديدة خاصة بعام 2007 في مؤتمر صحافي عقدته أمس في المكتب المركزي للتيار الوطني الحر queen’s plaza في جديدة المتن.
ولفت مسؤول ملف المهجرين في التيار المهندس سيزار أبي خليل، إلى التمييز الطائفي والمناطقي في توزيع التعويضات التي بلغت في هذا العام 68 ملياراً و700 مليون ليرة نال منها المسلمون والدروز المقيمون نسبة 56،3 في المئة فيما حصل المسيحيون المهجرون على 43،7 في المئة، وتوزعت التعويضات من حيث عدد الملفات بنسبة 67،3 في المئة للمسلمين والدروز المقيمين و32،7 في المئة للمسيحيين المهجرين. وخلاصة أبي خليل أن «سياسة الوزارة لا تزال نفسها، تفاضل بشكل واضح وفاضح بين المهجّر والمحتل والمستفيد غير المستحق».
وفيما تمثّل هذه الأرقام صورة للمحسوبيات الطائفية، جرى عرضٌ لصور الهدر الذي يتمثل خصوصاً بنوع التعويض. إذ تظهر دراسة لجنة المهجرين في التيار أن النسبة الأكبر من الأموال ذهبت إلى الترميم المنجز بـ 43،8 في المئة فيما 13،7 في المئة ذهبت إلى الترميم و39،5 في المئة إلى الإعمار و3 في المئة إلى الإخلاءات.
ويشرح أبي خليل الذي توسط عضوي تكتل التغيير والإصلاح النائبين سليم عون وكميل خوري من جهة، والقيادي حكمت ديب والمحامي فادي حداد من جهة أخرى، أن التعويض عن الترميم المنجز هو «تعويض عن ضرر مزعوم حصل إبان الحرب اللبنانية وقد تم ترميمه في حينه مع أو بدون مستندات لإثبات الضرر».
ويبدو أن هذه «العادة اللبنانية» لم تتغير وعشرات الآلاف من الطلبات غير المحقة كانت تدفع وفقاً لروزنامة السلطة السياسية. ويظهر أحد الخطوط البيانية التي تم عرضها على الشاشة البيضاء الكبيرة أن مدفوعات الترميم المنجز في بيروت وطرابلس تزامنت مع تنظيم التظاهرات الداعمة لحكومة السنيورة في مواجهة اعتصام المعارضة في ساحتي الشهداء ورياض الصلح. وتوزعت مبالغ الترميم المنجز طائفياً أيضاً بنسبة 81 في المئة للمسلمين و19 في المئة للمسيحيين.
أما حصة الأسد جغرافياً فأعطيت لمناطق نفوذ تيار المستقبل، فدفع 49 في المئة من تعويضات 2007 في بيروت وطرابلس فيما حصلت مناطق التهجير أي الشوف وعاليه على 31 في المئة وباقي المناطق اللبنانية على 20 في المئة حسبما جاء في الدراسة.
لم يقتصر الحديث في ملف المهجرين على التعويضات بل تعدّاه إلى المصالحات التي «تتبنى السلطة إنجازها» فيما يعطي القيمون «العونيون» على الملف أمثالاً تنسف كلام الحكام ومنها أن «مصالحة دقون بعورتة تمت في عام 2005 في عهد الرئيس نجيب ميقاتي ولم تكتمل عودة الأهالي ولم تدفع كل المستحقات، وكفرمتى تنتظر منذ وعود السلطة التي تلت مؤتمر المهجرين العام الماضي، وتبقى مصالحات الشحار الغربي التي كان من المفترض أن تتم في 8 أيلول 2007 معلقة في ظل إعلان النائب وليد جنبلاط تأجيل المصالحات حتى أجل غير مسمى بعد يومين من الموعد الذي كان مقرراً، والنواب «إما متواطئ وإما يا غافل إلك ألله».
وذكرت الدراسة أيضاً بعض التجاوزات الأخرى التي تصبّ جميعها في استعمال أموال المهجرين مالاً سياسياً وغبن أصحاب الحقوق.
وعن وصف وزير المهجرين نعمة طعمة الأرقام التي يقدمها التيار الوطني الحر بغير الدقيقة، رد أبي خليل طالباً من الوزير تقديم الأرقام التي يملكها إلى الرأي العام على غرار ما يفعل التيار «وتتبين عندها الأرقام الخاطئة».