في إثبات قضائي جديد لوجود تعذيب في مراكز احتجاز لبنانية، وإكراه موقوفين على تقديم إفادات غير صحيحة، كشف مؤهل أول في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في إفادته أمام محكمة جنايات جبل لبنان أن ضابطاً برتبة عقيد ضرَبَ الموقوف منصور رزق لإجباره على ذكر أسماء مختلقة في الاستجواب الذي خضع له.فقبل إصدار الحكم في قضية منصور رزق ورفاق له متهمين معه بتعاطي وترويج المخدرات، استمعت المحكمة إلى إفادة المؤهل أول ع. ع. للتأكد من صحة المعلومات التي أدلى بها المدّعى عليه لجهة تعرضه للضرب أثناء التحقيق معه، فكشف المؤهل أول «أن العقيد ق. قد تعرض للمتهم منصور أمامه باللبط والكف، وطلب منه إدراج أسماء لم يذكرها منصور».
وبناءً على إفادة الشاهد المؤهل، وغيرها من المعطيات القانونية، برّأت المحكمة منصور من جناية الاتجار بالمخدرات، إذ رأت أنه «في ضوء ثبوت تعرض المتهم منصور رزق للضرب في التحقيق الأوّلي، فإنه يقتضي عدم الأخذ بهذه التحقيقات والركون إلى التحقيقات الأخرى، وخاصة تلك الجارية أمام قاضي التحقيق وأمام المحكمة، حيث إنه تبعاً لذلك يقتضي إعلان براءة المتهم منصور رزق من جناية الاتجار بالمخدرات وترويجها للشك وعدم كفاية الدليل بحقه».
وفي الإطار، لم يذكر متن الحكم الذي صدر أول من أمس عن محكمة جنايات جبل لبنان أي مفاعيل جزائية بحق العقيد المعتدي أو أي إجراء قد اتخذ لمخالفته أصول التحقيقات، علماً بأن الاعتداء على سلامة الموقوف يعدّ جرماً جزائياً. أما في ملابسات قضية المخدرات، فكانت القوى الأمنية قد أوقفت الكويتي خالد نصار يوم 17/6/2006 في مطار بيروت خلال سفره إلى الكويت، وذلك بعد اكتشاف قطعة من الحشيشة داخل علبة سجائر، إضافة إلى سيجارة ممزوجة بالمادة ذاتها. ولدى التحقيق معه، اعترف خالد بتعاطي الحشيشة والكوكايين، وأنه حصل على المواد المضبوطة من شخص يدعى منصور رزق مقابل 80 دولاراً أميركياً لكمية الحشيشة و100 دولار أميركي لغرام الكوكايين. وقد جاءت نتيجة فحصه المخبري إيجابية لجهة تعاطي حشيشة الكيف والكوكايين.
على الأثر، اتصل خالد بمنصور طالباً تزويده بالكوكايين، واتفقا على اللقاء قرب أحد الملاهي، حيث حضر الأخير وجرى توقيفه، وضبطت معه المادة المخدرة. وخلال التحقيقات، اعترف الموقوف بأنه أتى بغية تسليم خالد الكمية المضبوطة التي حصل عليها بدوره من خليل ج. وقد اعترف خالد أمام قاضي التحقيق بتعاطيه المخدرات وشرائها من منصور، نافياً معرفته بخليل.
من جهة أخرى، أنكر منصور ما أسند اليه لجهة الاتجار بالمخدرات وترويجها، مقرّاً بتعاطيها مع خالد وعبد الحميد د. الذي أنكر ما أسند إليه، مؤكداً أنه توقف عن تعاطي المخدرات وخضع للعلاج بعد خروجه من السجن قبل 3 سنوات. أما خليل، فقد اعترف بتعاطي المخدرات من دون ترويجها.
بناءً على ما سبق، أصدرت محكمة جنايات جبل لبنان برئاسة القاضي فوزي أدهم أول من أمس حكماً وجاهياً بحق منصور ر. وخليل ج.، قضى بالاكتفاء بمدة توقيفهما ودفع غرامة قدرها ثلاثة ملايين ليرة لبنانية لكل منهما، وذلك لشرائهما وإدمانهما المخدرات. أما الظنينين خالد ن. وعبد الحميد د. فحوكما غيابياً، وأُدينا لنفس الجنحة، على أن يحبس كل منهما مدة ثلاثة أشهر، وتغريمهما 4 ملايين مناصفة.
(الأخبار)