طرابلس ـ ديما شريف
اختارت وزارة التربية والتعليم العالي ومؤسسة الحريري الصف السادس أساسي في المدارس الرسمية والخاصة في لبنان لانتخابات المجالس البلدية للأطفال، لكونه الصف الذي يكتسب معه التلامذة المعارف المتعلقة بالانتخابات والتمثيل الشعبي ويشعرون بأهميتهما على صعيد العمل السياسي والتنموي في الدولة
«لا تخضع للإغراءات، من يشتريك اليوم يبيعك غداً». «انتخبوا ناهد وخذوا الفوائد». «لطفولة أسعد انتخبوني». «انتخبوا هند ولاقوا المجد». شعارات انتخابية رفعتها تلميذات الصف السادس الأساسي في ثانوية روضة الفيحاء في طرابلس، ضمن الحملة الانتخابية للمجلس البلدي للأطفال.
اليوم الانتخابي في مدرسة روضة الفيحاء سبقته أسابيع من التحضير، حيث خُصص وقت في ساعات التوجيه والتربية المدنية واللغة العربية لتهيئة التلميذات للعملية الانتخابية. وتعرّفت المرشحات إلى ماهية عمل المجلس البلدي للأطفال وأهدافه وكيفية الانتخاب والفرز وعمل المندوبات ودورهن. وقد طبعت المدرسة بطاقة انتخابية لكل تلميذة، ولوائح شطب، وسمحت لكل مرشحة بقراءة برنامجها الانتخابي على زميلاتها قبل أيام من اليوم الموعود. كذلك خُصصت أمكنة لتعليق صور المرشحات وبرامجهن الانتخابية أمام الجميع للاطلاع عليها.
المرشحات أرفقن صورهن بشعارات انتخابية لجذب الأصوات عبر وعود انتخابية تذكّر بالانتخابات النيابية والبلدية وما يرافقها من حملات دعائية. أما البرامج الانتخابية، فقد ركزت في غالبيتها على حقوق الطفل ومحاربة عمالة الأطفال، والقضايا البيئية، مثل التشجير ومكافحة الحرائق، وصولاً إلى منع السيارات العاملة على المازوت لكونها تضر بالبيئة، إضافة إلى مطالبات بزيادة برامج محو الأمية، استحداث باصات للنقل المشترك في المدينة لتخفيف كلفة المواصلات، استحداث مدارس لذوي الاحتياجات الخاصة، إقامة نواد وجمعيات ثقافية وترفيهية ومكتبات عامة، وزيادة الرحلات المدرسية.
وأكدت منسقة المجلس البلدي للأطفال في الشمال، غنى الأيوبي، أنّ المجلس يتعاون مع الإدارات والوزارات المختصة واليونيسف لنشر ثقافة حقوق الطفل. وتقول: «أسسنا المجلس لجمع أطفال لبنان وتربيتهم على الديموقراطية، وإيصال صوتهم إلى مجتمع البالغين، وكي يشعر الطفل بأنه عضو فعّال في المجتمع».
أما المرشحات، فقد أجمعن على أنهن لن ييأسن في حال الخسارة، ولكن كلاً منهن ستشجع الزميلة الرابحة وتساعدها وتنصحها للقيام بعملها. وأكدن على التمتع بالروح الرياضية في العملية الانتخابية. هنا ناهد التي ساندتها والدتها وصديقاتها في الصف للترشح، تريد أن تسهم في مساعدة الأطفال المحرومين، وإلغاء عمالة الأطفال، وما يمكن فعله للإسهام في تطور المدينة. من جهتها، رأت دعد أدهمي أن ثقة أصدقائها بها دفعتها إلى أخذ قرار بالترشح، إضافة إلى دعم أهلها في المنزل، مشيرة إلى أن النجاح أو الخسارة لا يؤثران ما دام هناك من سينقل صوت الأطفال إلى المسؤولين.
لما رضوان، وهي إحدى المندوبات، تشجعت للمشاركة لدعم صديقتها المرشحة، وللمشاركة، كما تقول، في تحمل المسؤولية. وكانت مهمتها مراقبة العملية الانتخابية بوعي وانتباه وتسجيل الأصوات عند الفرز.
وحصد الفرز انتباهاً كبيراً من المرشحات وأنصار كل منهن على السواء، ورافقه توتر وحماسة لدى سماع الاسم المكتوب على كل ورقة.
وبعد جمع النتائج، كانت هناك ابتسامات وتهان للرابحات. أما الخاسرات، فقد هنّأن زميلاتهن، فيما لم تتقبل الأخريات ما حدث، فكان هناك بعض البكاء واللوم.
نور شريف، إحدى الخاسرات في الانتخابات، ترشحت كي تتعلم تحمل المسؤولية، وعلى أمل تحقيق المطالب في حال الوصول إلى المجلس. نور، التي شجعها أهلها، تحلم بالترشح منذ السنة الماضية عندما علمت للمرة الأولى بأمر المجلس البلدي للأطفال. ورغم خسارتها، فهي لم تفقد العزيمة، وتقول إنها تعلّمت من أخطائها، وإن الحياة فيها خسارة وربح، وستحاول الترشح السنة المقبلة إلى انتخابات مندوبي الصف.
يرى التلامذة أنّ هذه النشاطات قد تسهم في بثّ الحس المدني وخلق روح المبادرة لدى التلامذة، وتعوّدهم على العمل في الشأن العام، ما يؤدي إلى خلق قادة الغد وأعمدة المجتمع المدني المستقبلي.