طرابلس ــ عبد الكافي الصمد
يشهد الشّارع الممتد من طلعة نهر أبو علي ـــــ القلعة، وصولاً إلى مستديرة سوق البازركان ـــــ التلّ، والممتد على نحو 700 متر تقريباً، ورشة تأهيل شاملة تأتي في إطار مشروع الإرث الثقافي المموّل من جهات دولية، وينفّذ بإشراف مباشر من بلدية طرابلس عليه، وهو مشروع سيغيّر بعد انتهائه وجه المنطقة القديمة في عاصمة الشمال رأساً على عقب، وخصوصاً أنّ جزءاً كبيراً من هذا الشّارع سيُخصّص للمشاة فقط، ليكون بذلك الأول من نوعه في طرابلس والشمال.
والشّارع المذكور تمرّ أو تقع على أطرافه أو تتفرّع منه، أسواق النحّاسين والبازركان والصّاغة والسّوق العريضة وساحة السّرايا العتيقة والتربيعة (فيها سوق رئيسية للمفروشات)، حيث بدأت الورش بآلاتها ومعدّاتها وعمّالها تنفيذ المراحل الأخيرة من المشروع والمُقرر لها أن تنتهي في شهر آذار المقبل.
فبعد إنجاز كل أشغال البنى التحتية في الشارع قبل نحو ثلاثة أشهر تقريباً، شرعت الورش في تنفيذ الجزء الثاني من مشروع تأهيل الشّارع، الذي لحظ توسيع الأرصفة ورصفها بأحجار ذات نوعية ممتازة ومكلفة، وتركيب مُعدّات وأجهزة إنارة جديدة مُستوحاة من تراث المدينة، وتجميل واجهات الأبنية والمحال التجارية، بعدما استُبدلت أبوابها القديمة، بأخرى جديدة مكوّنة من الحديد والخشب، ونزع سقوف الأرصفة المُكوّنة من ألواح «التوتياء» التي كانت عاملاً رئيسياً في تشويه وجه المنطقة، واستبدالها بأخرى من الحديد والخشب، وذلك قبل إنجاز المرحلة الأخيرة من المشروع، والمتمثلة في تنفيذ أشغال التشجير والتجميل النهائية.
وعلى رغم أنّ إشكالات صغيرة كانت قد وقعت في بعض الأسواق القديمة، وخصوصاً قرب بركة الملاحة وسوقي البازركان وحراج قبل فترة، بين أصحاب بعض المحال التجارية وشرطة البلدية، التي منعت وضع السلع التجارية على الأرصفة الداخلية، نظراً لما تسبّبه من ضيق للمارة، وطمس للنواحي الجمالية لواجهات المحال التجارية بعد تأهيلها، فإنّ «جمعية تجّار طرابلس» حرصت بعد لقاء موسّع مع رئيسها فواز الحلوة وأعضائها، عقد في دار بلدية طرابلس مساء أول من أمس، على الإعراب عن «التقدير لجهود البلدية التنظيمية، ودعوتها إلى المزيد من المبادرات وتنظيم شؤون الأسواق خاصة والمدينة عامة، ودعمهم لهذه الجهود الهادفة إلى تعزيز الحركة الاقتصادية في طرابلس»، مؤكدين تجاوب تجّار الأسواق مع الإجراءات التنظيمية «بما يخدم مصالحهم ومصلحة المدينة، ويعيد إلى طرابلس مركزها وموقعها كقطب اقتصادي لبناني رئيسي».
وأكّدت الجمعية في بيان لها أنّ «أعمال التأهيل الجارية، والإجراءات التنظيمية الهادفة إلى إبراز أسواق طرابلس في أبهى حالاتها، قد ساهمت في زيادة عدد الوافدين إلى هذه الأسواق».
من ناحيتها، رئيسة «لجنة الإعلام والمناطق الشعبية» في البلدية ليلى تيشوري أوضحت لـ«الأخبار» أنّ «اللقاء عكس ارتياح التجّار ورضاهم، بعدما لمسوا أنّ للمشروع أبعاداً تنموية واستراتيجية، وأدركوا أبعاده الحقيقة، وأنّهم أول من سيلمس فوائده ونتائجه الإيجابية».
وأشارت تيشوري إلى أنّ «جميع الشكاوى والملاحظات التي أُبديت ستعالَج بالشكل المناسب، وخصوصاً أنّ المنطقة ستحرّر بالكامل من المخالفات والتجاوزات التي كانت سائدة فيها، وستتحوّل إلى سوق تجارية زاهرة، بعدما كانت مرأباً كبيراً للسيّارات وشاحنات النقل الصغيرة «البيك ـــــ أب».
وإذ لفتت تيشوري إلى أنّه «سيُمنع وجود بسطات تجارية في الشّارع بعد تأهيله، وأنّه سيُسمح فقط بوجود أكشاك سياحية منظّمة وذات أنماط تراثية راقية»، فإنّها لفتت إلى أنّ هذه «الخطوة تأتي في أعقاب أو في موازاة مشاريع عدّة مشابهة قامت أو تقوم بها البلدية في إطار مشروع الإرث الثقافي نفسه، والتي تركت بصمات ذهبية وارتياحاً عامّاً لدى المواطنين، وخصوصاً في شوارع التلّ ورياض الصلح وعزمي، وبعد تأهيل أسواق الصّاغة والبازركان وحراج وخان الخياطين ومحيط الجامع المنصوري الكبير، إضافة إلى مشاريع أخرى ستبصر النّور قريباً».