strong>نادر فوز
حطّت مسألة انتخاب رئيس الجمهورية وتعديل الدستور أوزارها على التيّارات المختلفة في حركة اليسار الديموقراطي، إذ تباينت وجهات النظر في ما بينها، ونُشر جزء منها في بعض الصحف في بيان صادر عن تيار «إلزم اليسار». وكانت الهيئة الوطنية لـ«الحركة» قد أكّدت في بيان صدر في الأيام الأخيرة على أنّ «اليسار الديموقراطي» يدعم مسألة تعديل الدستور اليوم لكونها «نقيض التعديلات السابقة»، وتخدم المصلحة الوطنية العامة.
ورأى أحد أعضاء المجلس التأسيسي أنّ «الحركة تواجه بعض الاختلافات السياسية داخلها، إضافةً إلى خلافات تنظيمية، ما يمكن أن يمثّل شرخاً في ما بيننا، نظراً لحدّة الانقسام العام الحاصل بين الأطراف اللبنانية»، مؤكداً أنّ التوجه العام لكل التيارات في الحركة يصبّ في خانة مبادئ 14 آذار، فـ«تبقى روح هذه الانتفاضة مترسّخة في كل منّا، وهي خطّ أحمر».
ولفت القيادي الشاب، الذي رفض الكشف عن اسمه،إلى أنّ «الحركة» باتت بعيدة نسبياً عن دورها في نبذ «لغة المحاصصة ومحاربة سيطرة الطوائف على المناصب»، مشيراً إلى أنّ الصراع السياسي بات اليوم قائماً على توزيع الوزارات وكفالة حقوق القوى الطائفية في التمثّل في الحكومة المقبلة.
وكان تيار «إلزم اليسار» قد أصدر في الأسبوع الفائت بياناً رداً على الموقف الإيجابي من تعديل الدستور لأمين سرّ «الحركة»، النائب إلياس عطا الله. وأشار البيان إلى أنّ هذا الأمر «مخالفة للتراث اليساري الديموقراطي العلماني الذي يرفض المجيء بعسكريّ إلى السلطة». كما رأى البيان أنّ شكل موقف النائب عطا الله بدا تسريباً «لمواقف بعض أقطاب الأكثرية، واستسهالاً لانتهاك الدستور وامتهانه». ومن جهة أخرى، دان البيان تجاوز عطا الله الهيئة الوطنية للحركة في «عدم عودته إليها قبل إطلاق موقفه» خلال الاجتماع الأخير لقوى 14 آذار.
وشرح عضو تيار «إلزم اليسار» في حركة اليسار الديموقراطي، عباس هاشم، أنّ الأمر لم يناقش إلا بعد تصريح عطا الله بعدّة أيام، وذلك خلال الاجتماع الأخير للهيئة الوطنية. ويلفت هاشم إلى أنّ أكثرية الأعضاء وافقت على تعديل الدستور والإتيان بـ«عسكري إلى رئاسة الجمهورية» كمدخل لإنقاذ البلاد وملء الفراغ، كما جاء في البيان اللاحق للهيئة، واكتفى المعترضون بتسجيل موقفهم.
ولفت هاشم إلى أنّ النظام الداخلي للحركة يكفل حق التعبير عن رأي كافة التيارات في وسائل الإعلام، مشيراً إلى أنّ الانتخابات السابقة للهيئة العامة، التي جرت في شهر نيسان من العام الماضي، أفرزت أغلبية لتيار معيّن، ومن حقّه اتخاذ القرارات التي يجدها مناسبة، و«من حقّنا أن نعترض ونسجّل تحفّظنا على الموقف». ووضع هاشم المشكلة التنظيمية ضمن مسألة تخطّي الهيئة الوطنية، لا أكثر.
من جهة أخرى، رأى أمين السرّ السابق لمنطقة بيروت في «الحركة»، عمر حرقوص، أنّ الانقسام الحاصل في «اليسار الديموقراطي» هو نتيجة مرونة النظام الداخلي الذي يعطي طابعاً ديموقراطياً للحركة. وفي ما يخص مسألة تعديل الدستور، أشار حرقوص إلى أنّ هناك اختلافاً في الرأي، «ولا يمكننا عدم القبول بتعديل الدستور، إذ إنّ الأطراف الكبيرة وافقت على الموضوع». ولفت حرقوص إلى أنّ الأزمة عند اليسار هي في «حمل شعارات مقدّسة» يصعب تناولها على الساحة السياسية، «فينتج عنها خلاف بين الرفاق في مناقشتها وآليات تطبيقها». وشدّد المسؤول السابق لمنطقة بيروت على أنّ الحركة هي تجربة ديموقراطية جديدة وغير سهلة، تسعى إلى حماية حق التعبير لأعضائها، ويمكن أن تتعرّض لهزّات. وأشار إلى أنّ الأزمة التي حصلت خلال حرب تموز «كانت أسوأ وأخطر من الخلاف الحالي»، وأنّ الحركة استطاعت الخروج منها سالمةً. وفي ما يخص الوضع التنظيمي في «اليسار الديموقراطي»، رأى حرقوص أنه يمكن لهذا الاختلاف السياسي أن يكون له تأثير، إلا أنه استبعد الأمر، فـ«حتى الآن نحن قادرون على حفظ حق حرية التعبير ضمن الأسس الديموقراطية، وأمامنا درب طويل ووقت طويل»، وكل تجربة جديدة ستكرّس ثبات حركة «اليسار».