strong>ربى أبو عمو
هي لعبة «القط والفأر». عماد وأماني زوجان يمثّل الضرب جزءاً مستمراً من حياتهما الزوجية خلال يومين في الأسبوع على الأقل. لكونها عنيدة، لا يستطيع عماد لجم نفسه عن ضربها وسبّها، إلاّ أن جسدها النحيف لا يمنعها عن الوقوف صامتة، فـ«تخرمشه» كقطة، إلى أن ينتهي يومهما بممارسة الجنس. لا يشعر أي منهما بأن كرامته تُهان ما دام يردّ الضربة، و«المهم أن يبقى ذلك سراً، فهما يخرجان من المنزل بكل أناقة. إلاّ أنهما ينسيان أن صوتيهما يتخطيان عتبة منزلهما»، كما يقول بعض الجيران، وخصوصاً أن الانسجام في العنف يدفعهما أحياناً إلى المتابعة خارج باب المنزل.
ماذا تقتضي المساواة بين الرجل والمرأة؟ هل يدخل ضمن بنودها أن يتزيّن الرجل مثلها، ويضع أحمر الشفاه على شفتيه، وتحلق هي شعرها حتى النفس الأخير، أم تقف عند حدود المساواة الفكرية، والتعاطي أخلاقياً ومجتمعياً بالمثل؟
منذ بضعة أيام، أفتى المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله، أن باستطاعة المرأة الدفاع عن نفسها عبر استخدام العنف، إذا تعرضت له من جانب زوجها. ضحكت رولا عند سماعها الفتوى، متسائلةّ عن إمكان تطبيق ذلك على أرض الواقع، نظراً لقوة بنيته مقارنةً بقدرتها كأنثى. إلاّ أنها عادت واستجمعت تركيزها، وتمتمت بصورة تلقائية «ولِمَ لا؟ إذا ضربني زوجي، أستطيع أن أرشقه بالحذاء، وأشوّهه».
لا تجد رولا أي مبرّر لاستخدام العنف داخل المنزل الزوجي، فإذا «استحالت الحياة بينهما، الطلاق هو خير الأمور». هي لم تتعوّد هذه النوعية من المعاملة، لا بين أمها وأبيها، ولا حتى من جانب زوجها، وخصوصاً أنه رجلٌ رقيق. إلاّ أنها اعترفت بعد لحظات بأن «فكرة الرجل الشرقي الذي يعنّف زوجته، لأنها أغضبته على سبيل المثال، لا يمكن إلاّ أن تبقى في داخل كل امرأة، اعتادت سماع الكثير من الروايات عن مدى خضوع المرأة للظلم من ناحية الزوج».
أمّا رشيد، فقد رُسِمت على وجهه الكثير من علامات التعجّب فور سماعه الفتوى. «معقول، هناك خطأ بالطبع. هذا يعني أن باستطاعة المرأة أن تضرب زوجها؟». هدأ قليلاً، وعاد إلى «التحليل المنطقي»، مصرّاً في الوقت نفسه على أن السيّد «لا يفعلها». لكنه ربما لجأ إلى هذا الأسلوب لأنه لا يستطيع تحريم العنف، وخصوصاً أن القرآن ينص على ذلك بأسلوب معين، ووفق شروط. هذا لا يعني أن عليّاً يبيح استخدام العنف. فهو يرفض وجوده، إلاّ أنه إذا اضطر إلى ذلك عند هجر زوجته له في الفراش مثلاً، «فهذا لا يخالف الشرع».
يشاطر فراس جزءاً من النظرية العكسية التي رأى علي أنها الأكثر منطقية. إذ يرى أن الفتوى لا تهدف إلى تكريس العنف، بل هي رسالة إلى الرجل «لا تضرب زوجتك لأنها سترد. فهي في هذا الحالة إنسانة يحق لها الدفاع عن نفسها بالصاعين».
ليلي، ضحكت من كلّ قلبها، رسمت إشارة النصر بيديها وصرخت «انتصرنا. ها هي المساواة في طريقها إلينا دينياً». فإذا «ضربني زوجي في أحد الأيام، سأردّها في مكان يحرمه إنجاب الأولاد». أمّا فرح، فاقترحت أن «ترميه من الشباك».
لا يعترف أحد من الرجال بإقدامه على ضرب زوجته. أمّا النساء، فإذا اعترفن، فهي ليست أكثر من فشة خلق أو عرض لضعفهن. فكثيرات لا يملكن القدرة على الانسحاب من هذه الحياة.
إلاّ أن غالبية الرجال، لا يقبلون أن تضربهم زوجاتهم. حتى إن بعض النساء، يشاطرن الرجال الرأي عينه. فالحفاظ على أنوثتهن أهم من رد الضربة. كما أن ذلك من شأنه أن يكرّس العنف داخل المنزل. ولكن ما أهمية الكرامة إذاً؟
«المرأة اضربها تحبّك، حبها تسبّك». هو مثل يكرّس «حق» استخدام العنف تجاه المرأة. وبعيداّ عن حقها بالرد إنسانياً ودينياً، فإن للمرأة وسائلها العديدة، الأشد ذكاءً، كما تقول الكثيرات.