وفاء عواد
انطلاقاً من إيمانه بضرورة رفض استمرار الفراغ، لأن «الجرح المفتوح يجتذب كل أنواع الأمراض»، ردّ الرئيس حسين الحسيني، في الأمس القريب، على المطالبين بإلغاء الفقرة الثالثة من نصّ المادة 49 من الدستور، مقترحاً تعليق تطبيقها في الاستحقاق الحالي بدل إلغائها أو تعديلها على طريقة «ولمرة واحدة فقط»، وذلك بسبب الظروف «الاستثنائية الخطيرة» التي يشهدها لبنان.
وأشار الحسيني إلى أن المناقشات الحالية تغفل ما ورد في الفقرة الثانية: «...ولا يجوز انتخاب أحد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزاً الشروط التي تؤهّله للنيابة وغير المانعة لأهلية الترشيح»، ولفت إلى أن العبارة الأخيرة «وغير المانعة لأهلية الترشيح» تبقى عائقاً أمام المطلوب من معالجة أحكام الفقرة الثالثة، مشدّداً على ضرورة إلغائها، وإلا فإن بقاءها «يكون مانعاً من انتخاب قائد الجيش، أو سبباً في التشكيك بدستورية هذا الانتخاب».
وإذا كان الرئيس الحسيني قد سجّل موقفه في معرض التعليق على الطروحات الداعية إلى إلغاء فقرة هي «حكم من أحكام الدستور ذو وظيفة ما زالت قائمة، وهي حماية المؤسسات من أن تتحوّل أدوات في التنافس السياسي على تولّي المناصب العامة»، فإن رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي رأى في طرح سلَفه مخرجاً يؤمّن حصول التعديل الدستوري من جهة، ويعفي المعارضة من مهمة الاعتراف بشرعية حكومة الرئيس فؤاد السنيورة من جهة أخرى، لأن «التعديل الدستوري لن يمرّ في هذه الحال عبرها»، مقترحاً الأخذ بما قدّمه الرئيس الحسيني لجهة القول بالظروف الاستثنائية التي تسمح للمجلس النيابي بتعليق العمل بإحدى مواد الدستور (المادة 49)، كما أشارت مصادر مقرّبة منه.
بدوره، لفت النائب روبير غانم إلى أن الصيغة النهائية لنصّ مشروع تعديل المادة 49 الذي أنجزه مع النائب بهيج طبّارة «أخذت بعين الاعتبار كل الملاحظات التي صدرت، ولا سيما ما طرحه الرئيس حسين الحسيني»، مؤكّداً وجوب التوافق السياسي على آلية تعديل الدستور بحيث تمرّ في الحكومة كـ«ممرّ إلزامي دستوري لا يمكن التغاضي عنه».
في المقابل، سارعت أوساط الموالاة إلى رفض اقتراح الحسيني، مشيرة إلى أن التعليق هو تماماً كتعديل الدستور، وهو يحتاج إلى العبور بمجلس الوزراء، و«أي تفرّد لمجلس النواب مرفوض رفضاً قاطعاً لأنّه غير دستوري».
وفي إطار وضع النقاط على الحروف، أوضح الحسيني لـ«الأخبار» أن «مبدأ التعليق يوجب المرور بالمادة 76 التي تشير إلى أن المبادرة تأتي من الحكومة، أو بالمادة 77 التي توجب أن تأتي المبادرة من مجلس النواب»، ولفت إلى أن كلا النصّين «يحتاجان إلى حكومة، ولو أنها غير شرعية، لكنها واقعية، إذ لا بديل منها»، و«لا حاجة للاعتراف بشرعيتها»، وذلك انطلاقاً من مبدأ استمرارية المرافق العامة، إذ «لا فراغ في السلطة»، مذكّراً بأن «المبادرة والقرار يعودان إلى مجلس النوّاب... والحكومة، بموافقتها، هي بمثابة عدم ممانعة لأنها ليست صاحبة القرار، سواء استقالت أم لم تستقِل».
وإذ شدّد على أن «الأصول المتّبعة في تعديل أحكام الدستور هي ذاتها التي تتّبع في التعليق أو التفسير»، وضع الرئيس الحسيني الفراغ الحاصل في سدّة الرئاسة في خانة «الظروف الاستثنائية الخطيرة» لـ«خروج هذا الوضع عن إطار المألوف»، موضحاً أن اقتراحه القاضي بتعليق الفقرة الثالثة بدل إلغائها أو تعديلها مردّه إلى أن «هذه الفقرة التي تضع قيداً على انتخاب بعض القائمين بأعمال الدولة، وخصوصاً قيادة الجيش وحاكمية المصرف المركزي لمنصب رئاسة الجمهورية، إنما هي حكم من أحكام الدستور ذو وظيفة ما زالت قائمة، وهي حماية المؤسسات من أن تتحوّل أدوات في التنافس السياسي على تولّي المناصب العامة»، هذا من جهة الإلغاء... أما من جهة التعديل، فقد ختم بتأكيد عدم قبوله بإرفاق هذا الإجراء بعبارة «لمرة واحدة»، كما يحصل في كل مرة، لأن هذه العبارة «تقيّد المشترع مستقبلاً، وهذا الأمر غير جائز دستورياً».