149; كوشنير من باريس: سيكون للبنان رئيس «في يوم في شهر في سنة»
لا جلسة اليوم وحرب «معابر» بين عين التينة والسرايا الحكومية أقفلت «وجهة سير الآلية»، الباب أمام ولادة الدعوة إلى جلسة تعديل الدستور، وفرَضَت نعياً مسبقاً لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وسط تضارب في تقويم المرحلة بين معلومات عن حلحلة ومؤشرات على العودة إلى نقطة الصفر

أقفلت «وجهة سير الآلية»، الباب أمام ولادة الدعوة إلى جلسة تعديل الدستور، وفرَضَت نعياً مسبقاً لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وسط تضارب في تقويم المرحلة بين معلومات عن حلحلة ومؤشرات على العودة إلى نقطة الصفر.
اندلعت، أمس، «حرب معابر» بين عين التينة والسرايا ومتفرعاتهما، عنوانها الرئيس «المعبر الإلزامي» لآلية تعديل الدستور، فيما كانت «الشياطين» لا تزال كامنة في تفاصيل الشروط والشروط المضادة.
فبجمل وأمثلة باتت «ماركة مسجلة» للرئيس نبيه بري، رفضت مصادر عين التينة «إلزامية» مرور التعديل عبر الحكومة، ورأت أن «طرح التعامل مع الحكومة، رغم معرفة الموقف الحقيقي منها، هو غبار كثيف تطلقه الأكثرية على أجواء التفاؤل التي سادت خلال اليومين الماضيين».
وأضافت: «إنها المرة الأولى التي نسمع فيها أن حكومة ولو غير دستورية تريد أن تفرض رأيها على مجلس نيابي. الظاهر أنها استطيبت الطعمة، فبعد أن وضعت يدها على رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، تريد وضع يدها على المجلس النيابي».
وإذ رأت أن «كل دساتير الدنيا، تسمح بتشريع استثنائي في ظروف استثنائية»، قالت: «رضينا بالهمّ والهمّ لم يرض فينا. غريب هذا الأمر، تحمّلنا هماً منذ أكثر من سنة، رغماً عنا، والآن يريدون أن يفرضوا علينا هذا الواقع».
وختمت: «مرة أخرى: هل المطلوب أكل العنب أم قتل الناطور؟»، متسائلة: «كيف (أن) حكومة تتحدث عن الدساتير وهي غير دستورية؟».
وعلى جبهة السرايا، استنفر رئيس الحكومة فؤاد السنيورة هاتفياً، دفاعاً عن «المعبر» الحكومي، فاتصل بجميع المرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية، وبالرئيس أمين الجميل، النائب بطرس حرب، رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع والنائب السابق نسيب لحود. وأفاد مكتبه الإعلامي بأنه ركز في هذه الاتصالات على «التشاور في التطورات الحاصلة والمواقف الطارئة، وعلى وجه الخصوص الإعاقات المستجدة في وجه إتمام الاستحقاق الرئاسي. وشدد على ضرورة احترام ما نص عليه الدستور من آليات للوصول إلى تعديله».

كوشنير: الانتخاب في يوم ما

أما الدليل على عمق الأزمة الجديدة، فجاء على لسان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، الذي غادر بيروت بـ«تفاؤل نصفي»، ليظهر في باريس (بسام الطيارة) تشاؤماً ضمنياً، إذ استبعد في حديث إذاعي انتخاب رئيس جديد في الأيام القليلة المقبلة، وأشار إلى وجود «صعوبات» رغم أن عقبات كثيرة «قد تم تجاوزها»، شاكياً من «وجود تدخلات خارجية». وقال إنه سيعود إلى لبنان «إذا تم الانتخاب».
كما تحدث عن «ضرورة تعديل الدستور»، وعن وجود «مشكلات أخرى» بعد انتخاب الرئيس، مثل «تسمية رئيس الوزراء». وقال: «في كل مرة تختلق الذرائع بين الموالاة والمعارضة وبين الطوائف المختلفة، ما يجعل الوضع يزداد تعقيداً».
ورفض كوشنير أن يحدد مهلة للوصول إلى حل، مكتفياً بالقول: «سيكون للبنان رئيس، غداً أو ربما الأسبوع المقبل»، معرباً عن أمله «بانتخاب قبل نهاية العام»، قبل أن يضيف بتنهّد: «الأسهل أن نقول يوماً ما».
والجوّ نفسه عكسه القائم بالأعمال الفرنسي أندريه باران، الذي زار أمس بري والنائب سعد الحريري، وقال إن «الوضع لا يزال معقداً، لكن يجب الإبقاء على الأمل». وأوضح أن زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى لبنان «فكرة لم تتبلور بعد»، مؤكداً أنها مرتبطة بالتطورات في لبنان وانتخاب رئيس جديد.
وكانت هذه التطورات، محور اتصال تلقاه بري من الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وخلال لقاءات للسنيورة مع السفراء: الروسي سيرغي بوكين، الصيني ليو زيمينغ والمصري أحمد فؤاد البيداوي.
ولفت أمس تصريح للممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون الذي زار السنيورة والوزير مروان حمادة والحريري، أشار فيه الى أنه سيغادر قريباً الى نيويورك لتقديم تقريره عن القرار 1701، وسيكون له موقف من هناك بشأن الانتخابات الرئاسية.
كما برزت أمس، خلوة بين قائد الجيش والبطريرك الماروني نصر الله صفير، في بكركي، لم يرشح عنها شيء. وزار اليرزة السفيران المصري والإيطالي.
ومساء أمس، اتصل الحريري بالرئيس المصري حسني مبارك والملك الأردني عبد الله الثاني، بعدما التقى سفراء: أميركا جيفري فيلتمان، بريطانيا فرانسيس ماري غاي وإيطاليا غبريال كيكيا.

«يللي مش عاجبو ما يعجبو»وإذ أعرب عن اعتقاده بـ«أنهم رشحوا العماد سليمان للمناورة، وهم الآن يحاولون عرقلة انتخابه لأنهم في الأساس لا يريدونه»، قال: «لا يتاجر أحد بنا، ولا بالعماد سليمان، ولا بمرجعية بكركي. نحن لا نعرقل، بل نطالب بحقوق متأخرة. وإذا لم تصل فلن يحصل تفاهم، يجب أن يكون هناك وعد والتزام بهذه الحقوق قبل أي تعديل في الدستور أو أي شيء آخر. ويللي مش عاجبو، ما يعجبو، نحن لا نسترضي أحداً».
وفي نفي جازم لما يتردد عن انشقاق أعضاء من التكتل، قال: «التغيير والإصلاح لا يخرج منه أحد، على العكس، هو ينتظر كل الأولاد الضالّين أن يعودوا إليه». ووصف الاقتراحات بشأن التعديل الدستوري بأنها «أشكال توافقية وليست دستورية». ورأى أن مطالبه «هي من صلب الدستور»، وأنها «لتعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية»، وليس العكس.
ورداً على سؤال عن عظة صفير في عدم طلب المستحيل، قال: «المستحيل عند كل شخص له سقف، أما أنا فالمستحيل عندي لا سقف له. وإذا كانت السياسة بالنسبة الى البعض هي فنّ الممكن، فبالنسبة إليّ هي رفض غير المقبول». ورفض تأليف وزارات «فلتانة، كما هي الحال اليوم».
وعن رئاسة الحكومة المقبلة، قال: لو حللنا هذه العقدة فستظهرعقدة ثانية لأن الذين يلعبون لا يدركون الأساس، لقد سيّروهم على الطريق الخاطئ، أولاً ركّزوا عليّ أنا فتنحّيت، وعندما تنحّيت ظهرت مشكلات أخرى، وسيظهر الكثير غيرها لأنهم يعملون بشكل غير طبيعي، لماذا هذه العجقة؟».

تساجل حول معبري الحكومة والبرلمان

وكانت حدة السجالات قد ارتفعت أمس بخصوص آلية التعديل، فرأى الوزير خالد قباني أنه «لا يمكن للمجلس النيابي أن ينعقد ويقرّ أي قانون عادي للتعديل أو يبحث فيه إلا من خلال قانون دستوري يأتي من الحكومة فيتجه من المجلس أو من المجلس باتجاه الحكومة». وتمنى الرئيس أمين الجميل أن ينسحب التوافق على الرئيس «توافقاً مماثلاً على آلية التعديل ودور الحكومة في إقراره». وحذّر من وضع الاستحقاق «في مهبّ الأهواء السياسية المحلية والإقليمية والتي لا يمكننا أن نضمن استقرارها ووقوفها إلى جانب لبنان إلى المدى الذي نشاء».
وإذ لفت النائب روبير غانم إلى أنه وزميله في وضع اقتراح التعديل النائب بهيج طبارة أخذا في الاعتبار «كل ما أثير من ملاحظات»، وتوصلا إلى تعديل ينص على أنه «خلافاً لأحكام المادة 49 ـــــ من دون الدخول في تفاصيل الفقرة الأولى والثانية والثالثة ـــــ يجوز انتخاب كذا»، قال إن المادتين 66 و67 من الدستور توجبان مرور آلية التعديل «بالحكومة»، مضيفاً «إن الدستور هو فوق الجميع، وهو فوق مجلس النواب».
في المقابل، ورداً على ما قاله الوزير طارق متري أول من أمس، لفت الوزير محمد خليفة إلى أن مقدمة الدستور «اختتمت بفقرة ترفع فيها الغطاء الدستوري عن أي مؤسسة تتناقض وتتعارض مع صيغة الوحدة الوطنية والعيش المشترك، وأن أي عمل خلاف ذلك يصبح انقلاباً على ما استندت إليه المواثيق والاتفاقات». وقال: «المشكلة ليست في أبواب القاعة العامة للمجلس، بل في جواز دخول حكومة غير شرعية وغير دستورية وغير ميثاقية إلى مقاعدها».
وبين الاثنين، وصفت «جبهة العمل الإسلامي» خلاف المعارضة والموالاة بـ«الشكلي»، مستغربة «تعامل بعض قيادات المعارضة مع الحلول بشكل عرضي وثانوي من خلال محاولات مقصودة أو غير مقصودة لتغييب وتهميش دور قيادات المعارضة السنية عن مجريات الأمور».